دارت حرب كلامية بين الفصائل الفلسطينية، بمناسبة الذكرى الـ69 للنكبة لاحتلال إسرائيل للأراضى العربية، وإعلان قيام دولتها المزعومة، بدلا من توافق تلك الفصائل على ضرورة إنجاز المصالحة الوطنية وتوحيد الصف الفلسطينى لمواجهة المحتل الإسرائيلى، لكنها فضلت الطرق الأصعب وهى طرق الحروب الكلامية والتخوين.
مع إشراق يوم جديد فى الأراضى الفلسطينية للتعبير عن رفض أبناء الشعب الفلسطينى للاحتلال الإسرائيلى، فوجئ أبناء قطاع غزة بمنع أجهزة حركة حماس الفلسطينية، المسيرة المركزية التى كان مقررا لها الانطلاق فى قطاع غزة، أمس الاثنين، لإحياء الذكرى الـ69 للنكبة التى تحل فى فى 15 مايو الجارى.
وأدان وليد العوض، عضو المكتب السياسى لحزب الشعب الفلسطينى، قرار حركة حماس بمنع المسيرة، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يندرج فى إطار المفهوم الخاطئ للشراكة الوطنية، ويعكس مدى ضيق صدر حماس فى تقبل الرأى الآخر.
وأكد "العوض"، على أن منع حماس لأبناء الشعب الفلسطينى فى غزة من إحياء ذكرى النكبة، يمس إحدى القضايا الوطنية، وهى قضية اللاجئين، موضحًا أن هذا الإجراء يشكل وصمة مؤسفة فى جبينها، لافتًا إلى أن حماس لا تريد خروج أى صورة تدلل على الإجماع الوطنى من قطاع غزة، متابعًا: "كان الأجدر بها السماح بخروج المسيرات بشكل موحد"، داعيًا إلى تخصيص هذا اليوم للتضامن مع الأسرى واللاجئين.
"لم يكن موقف حماس هو الأغرب فى تلك الذكرى التى تحتم على أبناء الشعب الفلسطينى توحيد الصف وتجاوز الخلافات"، بهذه الكلمات فضل الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى – الفصيل الأقوى بعد حماس فى غزة – رمضان شلح شن هجوم شرس على الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، متهما الأخير بشن حرب اقتصادية على الفلسطينيين فى قطاع غزة.
وأكد الدكتور شلح، فى خطاب بثته فضائية فلسطين اليوم المحسوبة على "الجهاد الإسلامى" أن حركته لن تقف مكتوفة الأيدى، وتترك الأسرى فى سجون الاحتلال الإسرائيلى فريسة الموت نتيجة عناد الصهيونية والعنصرية المتوحشة، مشددًا على أن للمقاومة كلمة وأن خياراتها مفتوحة وأن حركته ستبقى متمترسة عند خيار "التحرير الكامل" مهما كان الثمن والتضحيات.
وتمسك الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى بسلاح المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى، مؤكدًا على أن حركته لن تلقى السلاح ولن تعترف بالوجود الإسرائيلى على أى شبر من أرض فلسطين، ولن تساوم على ذرة من تراب القدس ولن تلقى السلاح، ولن تعترف بالوجود "الصهيونى" على أى شبر من أرض فلسطين، ولن تساوم على ذرة من تراب القدس، لأن الاعتراف بإسرائيل يعنى لها الاعتراف بإلغاء فلسطين وأصحابها الأصليين.
كما أكد شلح، فى ذكرى النكبة، على ضرورة تفعيل الانتفاضة وتصعيدها على نطاق جماهيرى واسع، دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى المهدد بخطر الهدم، وانتصارًا للأسرى الأبطال وتضامنهًا مع مطالبهم المشروعة فى معركة الحرية والكرامة.
ودعا الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى، إلى صياغة ميثاق وطنى فلسطينى جامع، بعد تخلى منظمة التحرير عن الميثاق الوطنى الذى تم إلغاء بنود أساسية منه استجابة لضغوط وإملاءات أمريكية إسرائيلية، موضحًا أنه لا يمكن تحقيق الوحدة الفلسطينية، ولا حتى المصالحة وإنهاء الانقسام، دون سحب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، والقطع مع مسار أوسلو الذى أبقى على الاحتلال الإسرائيلى باسم جديد، وجعله أقل تكلفة للعدو.
واستطرد شلح: "طالما أن الشيطان الإسرائيلى فى بيتنا، وفى عش التنسيق الأمنى المقدس، فلن تقوم لهذا البيت قائمة، ولن نفلح فى إعادة بنائه وترتيبه بأى حال، داعيا لضرورة تفعيل الانتفاضة وتصعيدها على نطاق جماهيرى واسع، دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى المهدد بخطر الهدم".
وبالرغم من إصدار حركة حماس الفلسطينية لوثيقة سياسية جديدة تعترف به بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، إلا أن الحركة أغفلت هذا البند وعبر عن تأييدها الكامل لكلمة رمضان شلح، الذى أكد أن حركته لن تتنازل عن أى شبر من أرض فلسطين ولن تعترف باتفاق أوسلو الموقع مع قوات الاحتلال الاسرائيلى.
وفى أول رد فعل على خطاب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى، أشادت حركة حماس بخطاب "شلح"، معتبرة أنه توصيف حقيقى للوضع الفلسطينى.
وقال المتحدث الرسمى باسم حركة حماس، حازم قاسم، فى تصريحات لوسائل إعلام فلسطينية محلية، إن المصالحة لا يمكن أن تتحقق إلا بإلغاء اتفاق أوسلو، موضحًا أن الانقسام الفلسطينى الحقيقى لم يكن فى 2007 إنما حينما قررت قيادة منظمة التحرير الذهاب إلى أوسلو، مؤكدًا على أن إنهاء العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلى هو المدخل السليم للمصالحة الفلسطينية، مشددًا على أن حماس حريصة على صياغة برنامج وطنى فلسطينى نضالى للكل الفلسطينى، يكون أساسًا للنضال الفلسطينى والحفاظ على ثوابته.
ومع استمرار الحرب الكلامية، قررت حركة فتح الفلسطينية الفصيل الأول فى منظمة التحرير الفلسطينية الرد على خطاب رمضان شلح لتتحول ذكرى النكبة إلى "حرب كلامية" بين الفصائل الفلسطينية المختلفة دون الاتفاق على رؤية مشتركة لكيفية التعامل مع القضية خلال الفترة المقبلة فى ظل الانقسام الفلسطينى الداخلى.
رد حركة فتح حمله، أسامة القواسمى، المتحدث الرسمى باسم الحركة فتح، قال إن أولوية فتح تتمثل فى المحافظة على الهوية الوطنية ووحدة الشعب الفلسطينى، لافتًا إلى أن حركته ومنظمة التحرير هما من أعادتا الحقوق الفلسطينية للوجود على خارطة العالم، منتقدًا حركة الجهاد الإسلامى وموقفها من فتح.
وأكد "القواسمى"، فى تصريحات نقلتها وسائل إعلام فلسطينية، ردا على ما جاء فى خطاب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى، رمضان شلح، بأن عددا من الأمور غابت عن خطاب الأمين العام للجهاد الإسلامى، أبرزها حفاظ حركة فتح على استرجاع الهوية الفلسطينية، ووحدة الشعب الفلسطينى بغض النظر عن الانقسام، إلى جانب تثبيت الحقوق الفلسطينية فى المحافل الدولية.
وتساءل المتحدث الرسمى باسم حركة فتح: ما الذى يمنع الجهاد الإسلامى من إطلاق الصواريخ على إسرائيل نصرة للأسرى والمسرى؟ ولا يمكن لأى فلسطينى القبول بمحاولات التهجم على منظمة التحرير"، مشيرًا إلى أن قبول منظمة التحرير الفلسطينية لدولة على حدود 1967 جاء نتيجة توافق الفصائل الفلسطينية عام 1988 بالجزائر على الأمر، مشددًا على أن عملية التحرر بحاجة إلى حكمة.