أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى فبراير 2016، قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة لحصر أراضى الدولة التى تم الاستيلاء عليها دون وجه حق، مشددًا على ضرورة استردادها بكافة الطرق القانونية الممكنة. وبالفعل جاء تشكيل اللجنة برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والإستراتيجية وبدأت من وقتها فى عمليات الحصر والاسترداد إلى جانب رصدها للديون المستحقة لصالح الدولة وتقسيم المدينين بهذه المستحقات وبخلاف هذا اصبحت اللجنة ايضا ملزمة بإعداد تقارير عن السلبيات التى ادت إلى الاستيلاء على تلك الأراضى.
وبعد مرور ما يقرب من 11 شهرا على عمل اللجنة أصدرت الأخيرة تقريرها بما حققته من مهام خلال تلك المدة، وكان ابرز ما تم انجازه هو إعادة 80 ألف فدان من الأراضى المستولى عليها بوضع اليد وبشكل غير قانون ودخول 500 مليون جنيه لخزينة الدولة من المزادات العلنية، إلى جانب تلقيها 7 آلاف طلب لواضعى اليد لتقنين 640 ألف فدان، وتحصيل 650 مليون جنيه غرامات تأخير، وحصر جميع الأراضى المتعدى عليها "المغتصبة" فى ثلاثة محافظات مقسمة ما بين البحيرة والمنيا والفيوم وتبين أنها تتجاوز مساحتها 230 ألف فدان وتصل تقريبا إلى 10 مليارات متر مربع.
وبعد انقضاء تلك المدة، خرج الرئيس عبد الفتاح السيسى من جديد ووجه بضرورة استعادة أراضى الدولة المنهوبة فى كافة محافظات مصر، مكلفا الجيش والشرطة بالانتهاء من عمليات الاسترداد والحصر فى نهاية مايو الجارى، قائلا خلال زيارته الأخيرة لمحافظة قنا لإفتتاح مجموعة من المشروعات التنموية "لن أتحدث كل مرة عن حالة بعينها، وكل محافظ ومدير أمن فى نطاق محافظته مسئول عن سلامة الأراضى وعدم الاعتداء عليها، وكل قائد جيش ومنطقة فى نطاقه محافظة واثنين وثلاثة وأربعة ومسئول مع مدير الأمن والمحافظ على استعادة أراضى وضع اليد".
حديث الرئيس الأخير أعاد للأذهان مجددا حجم الفائدة المالية التى ستعود على اقتصاد الدولة بمجرد طرح الأراضى المنهوبة للبيع عبر مزادات علنية واستثمارها فى العديد من المشاريع القومية الكبرى، وهذا ما أكد عليه مجموعة من المتخصصين مشددين على ضرورة تغليظ العقوبات على كل من يحاول التنصل من أحقية الدولة فى استرداد جميع أراضيها المنهوبة.
"فى أقل تقدير الأرباح لن تقل عن تريليون جنيه".. بهذه الكلمات بدأ الدكتور عبد الرحمن طه، الخبير الاقتصادى حديثه مؤكدا على وجود إرادة حقيقية للقضاء على الفساد من خلال التطرق لملف استرداد أراضى الدولة المنهوبة أكثر من مرة ولكن ما ينقصنا هو إيجاد طرق فعاله للقضاء عليه. وأضاف: الأمان الاقتصادى يتطلب الحفاظ على مقدرات الدولة حتى يزداد التصنيف الائتمانى وتقل حجم الديون امام زيادة الأصول العامة وفى حالة الاستيلاء على تلك المقدرات ومنها على سبيل المثال أراضى الدولة سيحدث العكس تماما وتزداد حجم الديون وتتراجع مكانة مصر فى مؤشر الفساد العالمى.
وتابع: مع تكثيف الجهود لاسترداد أراضى الدولة المنهوبة ومحاربة الفساد الذى يعد أول إشكال دعم الاقتصاد سيعود بالخير على البلد، حيث سترتفع مؤشرات الاستثمار ويتم منح مصر قروض مالية بفوائد قليلة خاصة وان مقياس معدلات النمو يؤخذ بما تمتلكه الدولة من اصول وشركات مقارنة بحجم ديونها. وأشار طه إلى أن ملف فساد الأراضى مفتوح منذ ثلاثين عاما عندما كانت الأفدنة تمنح ببضعة جنيهات أو يستولى عليها البعض بوضع اليد على الرغم من أنها ملكية عامة ولا يحق لأحد تحويلها لأخرى خاصة.
واتفق معه النائب أحمد الفرجانى، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، قائلا إن استرداد الأراضى المنهوبة سيجلب اموالا طائلة تكفى لسد العجز الموجود فى الموازنة والمقدر بــ 250 مليار جنيه إضافة إلى سداد ديون مصر الخارجية وذلك بعد طرحها فى مزادات علنية مضيفا: وهناك شكل اخر للاستفادة من تلك المساحات من خلال زراعتها أو منحها فى مشاريع اسكان للشباب.
الحكومة أخطأت من البداية
أما النائب أحمد عطية الفيومى عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، فكان له تحليل مختلف فى هذا الملف حيث ألقى بالمسئولية على عاتق الحكومة التى تساهلت من البداية منذ سبعينات القرن الماضى فى منح الأراضى للناس مقابل مبالغ زهيدة قائلا: أملاك الدولة طبقا للقانون لا يتم تملُكها بالتقادم فلو تم الاستيلاء على أى قطعه أرض تابعة للدولة بوضع اليد لمدة 60 عاما على سبيل المثال تصبح فى النهاية ايضا ملكية عامة ولا يحق لأحد التصرف فيها، وقديما كان الناس يحصلون على الأراضى بقرارات حكومية مقابل أن تقوم الاخيرة ببيعها لهم بأسعار زهيدة ظلت ثابتة القيمة على الرغم من الدخول فى الألفية الثالثة.
وأضاف: "نحن فى حاجة لتغيير السياسة العامة من قبل الحكومة ولا نعامل المعتدى وكأننا نكافئه ونبيع له الأرض بالسعر الذى يرغب فيه ويتم ايقاف هذا السلوك مقابل إعطاء المواطن حق الانتفاع كمستأجر لإقامة المشروعات الاستثمارية وتوظيف الشباب".
تغليظ العقوبة.. وسيلة ردع المعتديين
فى ستينات القرن الماضى كان القانون المصرى يجيز وضع اليد على أراضى الدولة حتى جاء القانون رقم 100 لسنة 1964 المادة 374 تحديدا لتمنع حالات التعدى تلك ويعيد للدولة ملكيتها وأحقيتها فى أراضيها، وبعد ذلك جاء القانون رقم 143 لسنة 1981 لينص على طرق تملك الأراضى الصحراوية وحظر القانون وضع اليد أو التعدى على تلك الأراضى فارضا عقوبة لمن يخالف بالحبس سنة أو غرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
العقوبة السابقة يراها غالبية المشرعين بأنها غير رادعة ولا تتساوى مع حجم الجريمة التى يتم ارتكابها وهى الاستيلاء على أراضى الدولة.
النائبة سوزى ناشد، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، قالت: لا يوجد ما يمنع من وضع تشريع يغلظ العقوبة لكل من يخالف فى الوقت الراهن لأن اراض الدولة هى ملكية عامة لا يجوز لأحد أن يستأثر بها أو يتصرف فيها وفقا لمصلحته الشخصية، وأضافت لا يجوز أن نتحدث عن اقامة دولة القانون ونحن نتهاون مع هؤلاء المخالفين لان قضية الاستيلاء على أراضى الدولة هى بمثابة جناية وليست جريمة عادية وبالتالى تقتضى تشديد عقوبة الحبس والغرامة المالية المقترحة.
فى حين قال الخبير الاقتصادى وائل النحاس، إن المهلة الزمنية التى حددها الرئيس عبد الفتاح السيسى والممثلة فى نهاية الشهر الجارى تقتضى وضع خطة تنفيذ للجهات المكلفة بعملية الحصر وهما الجيش والشرطة حتى نصل لنتائج فعالة.
وأضاف: القرار حاسم ولكننا بحاجة لوضع خطة على سبيل المثال منح فرصة شهرين للتنفيذ، وتحديد المحافظات التى سيتم البدء بها وتقسيمها حتى لا تكون كل القوى مسخرة فى محافظة بعينها وبشكل عام أتمنى أن نضع خطة لتنفيذ هذا الحلم والقضاء بشكل حقيقى على الفساد.
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال الدين
وطنى
مشروع ممتاز بس ياريت يكون شرط فى العقود ان يكون المشترى مصرى الجنسيه واذا باعها بعد ذلك ألا يبيعها الا لمصرى الجنسيه