فتح الله جولن لـ"واشنطن بوست": الرئيس التركى يحتضن الجماعات الإرهابية.. وأنقرة لا تعرف الديمقراطية بوجود أردوغان فى الحكم.. السلطات استغلت تحرك الجيش لاعتقال 300 ألف شخص.. و"العدالة والتنمية" متهم بالفساد

الثلاثاء، 16 مايو 2017 07:01 م
فتح الله جولن لـ"واشنطن بوست": الرئيس التركى يحتضن الجماعات الإرهابية.. وأنقرة لا تعرف الديمقراطية بوجود أردوغان فى الحكم.. السلطات استغلت تحرك الجيش لاعتقال 300 ألف شخص.. و"العدالة والتنمية" متهم بالفساد فتح الله جولن والرئيس التركى رجب طيب أردوغان
كتب- هاشم الفخرانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الداعية التركى رئيس حركة الخدمة فتح الله جولن فى مقال كتبه بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن تركيا أمامها زمن طويل من أجل رؤية نظام تركى، مضيفا أن السلطات التركية ألقت القبض على 3000 تركى بعد محاولة تحرك الجيش التركى الفاشلة فى يوليو الماضى ضد رجب طيب أردوغان.

وأضاف "جولن" فى مقاله الذى حمل عنوان "تركيا التى لم أعد أعرفها" بمناسبة زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للولايات المتحدة، حيث قال سيلتقى اليوم فى البيت الأبيض رئيس الولايات المتحدة الأمريكية البلد الذى أقيم فيه منذ ما يقرب من عشرين عاما مع رئيس تركيا موطنى الأصلى الذى قدمت منه ليناقشا معا عديدا من القضايا المشتركة بين البلدين، منها سبل مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، ومستقبل سوريا وأزمة اللاجئين.

وأضاف "جولن" أن تركيا التى كانت فى يوم من الأيام بلدا واعدا بترسيخ ديمقراطية متكاملة واحترام الآراء والأديان، باتت غيرها اليوم تحت حكم رئيس يسعى بكل طاقته ليجمع كافة السلطات فى يده، ويقمع جميع المعارضين الذين يحاولون إثناءه عن هذا السعى.

وأوضح أن لقاء القمة الذى سيعقد بين الرئيسين فى البيت الأبيض اليوم، وكذلك قمة الناتو التى ستعقد الأسبوع المقبل، ينبغى أن يكون على رأس أولوياتهما حثُّ تركيا على استعادة مسارها الديمقراطى، والكفُّ عن ممارساتها القمعية المنافية للقيم الديمقراطية ومواثيق حقوق الإنسان، حيث راح ضحيةَ الحملة المنظمة التى قادها أردوغان عقب محاولة الانقلاب اللعينة فى 15 يوليو من العام الماضى أكثرُ من 300 ألف مواطن تركي، ينتمون إلى فئات مجتمعية مختلفة، أكراد وعلويين ويساريين وعلمانيين وصحفيين وأكاديميين وآخرين متعاطفين مع تيار الخدمة الإنسانى السلمى الذى ارتبط به، موضحا أنه لقد دُمرت حياةُ كل هؤلاء من خلال اعتقالات واحتجازات وإبعاد من العمل وممارسات مجحفة أخرى.

وتابع "جولن" لقد أدنتُ محاولة الانقلاب بشدة منذ اللحظة الأولى، ورفضت كافة الاتهامات التى سعت إلى ربطها بى بلغة واضحة. كما بينت أن المتورطين فى هذه المحاولة –أيا كان انتماؤهم- خائنون مناقضون للمبادئ والمثل والأهداف التى أحملها. ومع ذلك كله سارع أردوغان إلى اتهامى بترتيب هذا الانقلاب من على بعد ٥٠٠٠ ميل، دون أى دليل ملموس.

 

اعتقالات بعد تحرك الجيش التركى
اعتقالات بعد تحرك الجيش التركى

 

وأشار إلى أنه فى اليوم التالى من محاولة الانقلاب أظهرت الحكومةُ قوائم مطولة، تضمنت آلافا من الناس الذين نسبوهم إلى حركة الخدمة بطريقة أو بأخرى، إما لأنهم فتحوا حسابات فى بنك معين، أو عملوا معلمين فى مدرسة ما، أو نشروا خبرا صحفيا فى الجريدة الفلانية، وجعلوا من هذه الممارسات العادية التى يمارسها الناس فى حياتهم كل يوم جريمةً يُعاقَب عليها، ومن ثم شنوا حملة واسعة لتدمير حياة هؤلاء.

وأوضح أنه قد تضمنت هذه القوائم التى أعدت سلفا أسماء لأناس توفوا قبل أشهر من المحاولة، وآخرين يعملون فى مقر الناتو بأوروبا فى تلك الأثناء، كما رصدت المنظمات الدولية عديدا من عمليات الاختطاف والتعذيب أثناء الاعتقال وحالات موت تحت التعذيب. ثم سعى النظام التركى بكل جهده لتعقب الأبرياء المقيمين خارج تركيا ممارسا فى ذلك كافة الضغوط، ومن ذلك تعرّضُ ثلاثة مواطنين أتراك مقيمين فى ماليزيا للاعتقال، من بينهم مدير لمدرسة كان يعمل فيها منذ 15 عاما، ثم قامت السلطات الماليزية بتسليمهم إلى السلطات التركية. وليس من باب التنبؤ إذا قلنا إن هؤلاء سيتعرضون إلى السجن وأصناف شتى من التعذيب من قبل السلطات التركية بعد عملية التسليم هذه.

 

عمليات القمع للاتراك
عمليات القمع للاتراك

وقال لقد صارت هيمنة الرئيس التركى على السلطات الثلاث للدولة، وذلك بعد إقرار التعديلات الدستورية المتعلقة بالنظام الرئاسى فى استفتاء أبريل الماضى بفارق طفيف، وسط ادعاءات جدية حول انتهاكات للأصول المتعارف عليها. ورغم الهيمنة الفعلية على هذه السلطات الثلاث قبل إجراء التعديلات الرئاسية فى الواقع عبر التصفيات التى تمت وأعمال الفساد التى مورست فإن شرعنة هذه الهيمنة دستوريا يثير القلق مستقبلا على مسار التحول الديمقراطى فى البلاد ويقلقنى شخصيا على مصير الشعب التركى فى ظل هكذا عقلية.

وأكد "جولن" تسلم حزب العدالة والتنمية الحكومة عام ٢٠٠٢ بوعودٍ إصلاحية ديمقراطية تُمكّن تركيا من تحقيق هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لكن مع مرور الوقت، نفد صبر أردوغان إزاء أى فكر معارض؛ فسهَّل استيلاء أنصاره على عديد من وسائل الإعلام مستغلا سلطات مؤسسات الدولة الرقابية، وفى صيف ٢٠١٣ قمع مظاهرات "كيزى بارك" بعنف، وفى شهر ديسمبر من نفس العام، وبعد تورط بعض أعضاء حكومته فى عملية كبرى للفساد والرشوة، تصدى لها بإخضاع القضاء والإعلام تماما لهيمنته. كما أن حالة الطوارئ التى أُعلن عنها لفترة "مؤقتة" بعد أحداث ١٥ يوليو من العام الماضى ما زالت قائمة حتى الآن.

وشدد على أن الممارسات التسلطية التى يمارسها أردوغان ضد قطاع كبير من شعبه لم تعد أمرا محليا أو شأنا داخليا، فقد ظهر فى تقارير منظمة العفو الدولية أن ثلث إجمالى الصحفيين المعتقلين فى العالم موجودون فى المعتقلات التركية. كما باتت الممارسات القمعية ضد المجتمع المدنى والصحفيين والأكاديميين والمواطنين الأكراد تشكل تهديدا للاستقرار فى البلاد على المدى البعيد، وبلغ الاستقطاب المجتمعى حدا يهدد وحدة البلاد ويمزق نسيجها الاجتماعى.

وقال إن غياب الديمقراطية عن تركيا وتحولها إلى نظام ديكتاتورى سلطوى فاشى فى الشرق الأوسط يحتضن المجموعات الإرهابية المتطرفة التى تعد العنف مشروعا، ويقوم فى الوقت نفسه بممارسات قمعية غاشمة تبعث اليأس فى قلوب مواطنيه الأكراد.. كل هذا يشكل بدوره كابوسا مرعبا على أمن الشرق الأوسط برمته.

وأضاف إن الشعب التركى فى حاجة إلى دعم حلفائه الأوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية لاستعادة مساره الديمقراطى من جديد. لقد أطلقت تركيا انتخابات حقيقية ذات تعددية حزبية فى عام ١٩٥٠ لكى تثبت استحقاقها للانضمام إلى حلف الناتو، وبالتالى يمكن لحلف الناتو أن يطالب تركيا أن تبقى مخلصة للمبادئ الديمقراطية التى تعتبر من مقتضيات اتفاقية العضوية، بل ينبغى أن يطالب بذلك، وفى هذا الصدد تبدو الحاجة ملحة إلى المبادرة فى موضوعين هامين لتحويل التراجع الديمقراطى الذى تعانى منه تركيا إلى مساره الصحيح:

أولا: ينبغى إعداد دستور مدنى وسط أجواء ديمقراطية بمشاركة كافة طبقات المجتمع، يراعى جميع المبادئ الحقوقية والقيم الإنسانية، مستفيدا من كافة الدروس المستخلصة من النماذج الديمقراطية الناجحة فى الغرب.

ثانيا: ينبغى تطوير مقررات تربوية ترسخ قيم التعدد والديمقراطية، وتشجع على التفكير التحليلي، وتربى الأجيال على أهمية الموازنة بين صلاحيات الدولة من جهة والحقوق الفردية من جهة أخرى، وأهمية فصل السلطات، والحرص على استقلالية القضاء وحرية الصحافة، والتنبيه إلى خطورة العنصرية المتطرفة وتسيس الدين وتقديس الدولة أو القائد الفرد.

ولكن قبل ذلك كله، ينبغى على الحكومة التركية أن تكفّ عن ممارساتها القمعية الحالية، وتتراجع عن انتهاكات حقوق مواطنيها، وتعوّض المتضررين منهم الذين تعرضوا لشتى أنواع الظلم.

واختتم بالقول أعتقد أن أيامى الباقية لن تكون كافية حتى أرى تركيا بلدا ديمقراطيا يشار إليه بالبنان على مستوى العالم، لكن أدعو الله تعالى أن ينقذ تركيا من دوامة الفاشية السلطوية التى باتت تتخبط فيها قبل أن يفوت الأوان.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة