فى 2012 عرض عمرو حمزاوى خدماته على الإخوان وطلب لقاءهم لتنسيق المواقف
علاقة الباحث السياسى بالإخوان بدأت فى واشنطن قبل الثورة من خلال "علاء بيومى"
أستاذ العلوم السياسية يتقرب من جمال مبارك ولكنه يخسر المنافسة مع "محمد كمال
قبل أيام كتب عمرو حمزاوى فى مقال بصحيفة الشروق، تحت عنوان «خطايا ليبراليى العالم العربى»، منتقدا الأحزاب الليبرالية فى عريضة طويلة، اختتمها بالقول: «سقطت الفكرة الليبرالية فى هوة سحيقة من فقدان مصداقية المتحدثين باسمها، ومن ضياع هوية مبادئها الكبرى، وملامحها الأساسية»، ولكن الرجل نفسه قال قبل أسابيع فى مقال بـ«القدس العربى»، عنونه بجملة براقة «السبيل لمنازعة السلطوية فى مصر»، إن الأداء الحزبى بخير، والأزمة فى تسلط مؤسسة الحكم، أو باستشهاد نصى: «تمكنت السلطوية الحاكمة من إغلاق الفضاء العام وإلغاء السياسة عبر قمع المجتمع المدنى، وتعقب النفر القليل من الأحزاب العلمانية المعارضة، واستخدام عنف الدولة المنظم ضد حركات الإسلام السياسى»، وبينما يحمل الكلام وجهتى نظر يبدو أنهما لا تخصان شخصا واحدا، إلا أن الحقيقة أن الكلام فى الحالتين يخص «حمزاوى» بشحمه ولحمه، ولكنه جاء مرة وفق ما تقبل «القدس العربى»، وأخرى بحسب ما تسمح به «الشروق»، فى إطار انحيازات كل منهما ومدونته، وهذا هو عمرو حمزاوى، الباحث والكاتب «تحت الطلب».
دهذه الحالة من التناقض أبرز ما يمكن الاتكاء عليه لاختصار شخصية أستاذ العلوم السياسية والباحث فى مركز كارنيجى للشرق الأوسط، لن تحتاج كثيرا من الوقت والجهد كى تضع يدك على مفاتيح هذا التناقض، الرجل يتحرك على اتجاهات عديدة، ويطل من نوافذ متباينة، ويعطى لكل طالب وراغب فى خدماته حقه، كما تقتضى احترافية الخدمة، ويمكنك التأكد من هذا بإطلالة سريعة على أبحاثه عبر موقع كارنيجى، أو تدويناته التى ينشرها موقع «الجزيرة» بالإنجليزية، ومقالاته فى الشروق والقدس العربى، و«هافنجتون بوست» الذى يعمل وفق مدونة تحريرية قطرية، وإطلالاته التليفزيونية عبر «دويتش فيله» وثيقة الصلة بدائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، أو قناة «العربى» القطرية المتحالفة مع جماعة الإخوان الإرهابية، ككثير من المنصات التى تطلب خدمات «حمزاوى» فى الفترة الأخيرة، الرجل يحب الظهور ولا يفوّت فرصة متاحة له، وكلما طُلبت خدماته أجاب.
عصام-العريان
الباحث العلمانى فى خدمة الإخوان
فى صيف 2012 رن هاتف عصام العريان، القيادى بجماعة الإخوان، رد الرجل على الاتصال، وكان على الجانب الآخر عمرو حمزاوى الذى بادر، بحسب تسريب صوتى للمكالمة، بتقديم التحية والتهنئة والامتداح لدور الإخوان المهم فى الحياة السياسية، والتعبير عن رغبته فى مشاركتهم بناء مصر، على حد تعبيره، وطلب بشكل مباشر لقاء قيادات الجماعة، وفى طليعتهم محمد مرسى والبلتاجى والعريان، واختتم الطرف الإخوانى المكالمة بامتداح لطيف «عاجبنى دورك يا عمرو».
الإعجاب الإخوانى بـ«عمرو» لم يكن شرارة حب مفاجئة اشتعلت فى قلب العريان، فعلاقات الرجل بالجماعة تمتد إلى ما هو أبعد، حينما كلفت الجماعة رجلها فى واشنطن، علاء بيومى، بالتقرب من «حمزاوى» وتوطيد علاقته به، وبالفعل بدأ المندوب الإخوانى المواظبة على حضور ندوات ومحاضرات «باحث كارنيجى» فى كل مكان، واقترب منه بدرجة سمحت بفتح قنوات اتصال مباشرة بين الباحث والجماعة، وفى وقت لاحق وجهت الإخوان رجلها لتسويق عمرو حمزاوى فى مصر، حتى لا تظهر هى بصورة مباشرة على خط دعم رجل ليبرالى علمانى، فقدم «بيومى» له مساحة واسعة من الدعم فى مواجهة الانتقادات الإسلامية الحادة التى تطاله، ومن هذا الدعم مقال نشره عدد من المواقع داخل مصر وخارجها، تحت عنوان «فزاعة عمرو حمزاوى»، مزج فيه «بيومى» بين الدفاع عن الباحث الذى عانى كثيرا من الظلم، بحسب تعبيره، والتيارات السلفية المتطرفة التى تهاجمه وتهدد السلم الاجتماعى والصيغة الوسطية للإسلام، وتبنت الجماعة الخطاب نفسه داخليا فى وقت لاحق، وبدأت فرض عمرو حمزاوى على ساحة ما بعد 25 يناير، وقال «بيومى» فى تصريح لـ«المصريون»: «حمزاوى ليس خصما، بل هو حليف إصلاحى»، وما زال الحلف قائما بلقاءات متواصلة مع عناصر إخوانية أو متحالفة مع الجماعة فى برلين ولندن، تشمل وائل قنديل وتامر أبو عرب وناصر الشروف وغيرهم.
جمال مبارك
المنافسة على قلب «جمال مبارك»
البداية السابقة ليست دقيقة تماما فى التوثيق لبداية ظاهرة عمرو حمزاوى، فرغم أن الظهور الأبرز للرجل فى مصر كان بعد 25 يناير 2011، إلا أن ظهوره الحقيقى كان قبلها بفترة طويلة نسبيا، ربما يعيده البعض لإطلالته عبر شاشة الجزيرة فى 2010، لتحليل الأوضاع السياسية والتعليق على انتخابات مجلس الشعب الأخيرة فى عهد مبارك، ولكن المعلومات المتاحة تذهب بالأمر أبعد من هذا.
مع تصدر جمال مبارك لواجهة الحزب الوطنى بعد 2006، بدأ الحديث عن خطط وبرامج لتطوير الحزب وضخ دماء جديدة فى أوردته، وتضمنت الخطة الاستعانة بكوادر شبابية من المتمتعين بتعليم جيد وسمت عصرى، دخل عمرو حمزاوى المنافسة على قلب جمال مبارك، كانت منافسة شرسة مع غريمه محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية الأكثر وعيا ورزانة وهدوءا وقدرة على التحليل، ففاز «كمال» بمودة «جمال» وقبوله، وخسر «حمزاوى» وأغلق قلبه على «وجع الرفض».
الدكتور مصطفى الفقى، مستشار الرئيس الأسبق مبارك للمعلومات، قال فى تصريحات تليفزيونية عقب ثورة يناير، إن عمرو حمزاوى قضى سنتين داخل الحزب الوطنى، ووصل لمنصب أمين سر لجنة «مصر والعالم»، التى تولى الفقى رئاستها، ولكن عاد الرجل بعد أسابيع ليدلى بتصريحات أخرى رمادية، لا تؤكد ولا تنفى، قال فيها إن «حمزاوى» أجرى دراسات وأبحاثا لصالح الحزب، وتشير مصادر مقربة من الطرفين، إلى أن الباحث السياسى اللامع وقتها تواصل مع الرجل عقب تصريحاته الأولى، وتوسل له ألا يحرقه فى الساحة السياسية، ورضخ «الفقى» للتوسلات.
برلين وواشنطن وتفخيخ الساحة السياسية
بين مطرقة الحزب الوطنى وسندان الإخوان، تحرك «حمزاوى»، وكانت هذه العلاقة المتراوحة بين نقيضين أبرز قوانين حركته، بدأ الرجل رحلته العملية من ألمانيا بدرجة دكتوراة من جامعة برلين الحرة، وخلال إقامته هناك تمكن من توطيد علاقته بدوائر سياسية وأمنية ألمانية، ما زالت قائمة حتى الآن، وفى ضوئها انتقل بتوصية وقبول إيجابيين للعمل فى مركز كارنيجى، لتتولى المؤسسة الأمريكية تسويقه فى المجال العربى، وفى سبيل هذه المهمة وفرت المال والعلاقات بالقوى السياسية وفرص الظهور الإعلامى، وكان حب الظهور الذى يملأ روح «حمزاوى» كفيلا بإنجاز باقى المهمة.
فى غضون شهور من اندلاع الثورة، شارك «حمزاوى» فى تأسيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، ولما لم يجد فرصة للظهور والسيطرة داخل الحزب الناشئ، تحول لسبب فى حالة شقاق وقلاقل داخله، يعرفها كل من اقترب من الحزب فى تلك المرحلة، قبل أن يغادره مؤسسا حزبا آخر باسم «مصر الحرية»، ليقفز لاحقا من مركبه أيضا، ويقول فى بيان إعلامى: «بعد مرور ما يتجاوز الأعوام الثلاثة على تأسيس مصر الحرية، أصبح فى حالة وهن صادمة، ولم يعد مشروعا ولا مقبولا ألا يتحمل من يشغل المواقع القيادية فى الحزب مسؤولية الإخفاق ويرحل طوعا»، وهكذا تمادى «حمزاوى» فى تقييم مواقفه واتخاذ قراراته، لا وفق منطق علمى يُفترض أنه متخصص فيه، ولا وفق منطق سياسى يشتبك مع ساحة واسعة ويستجيب لقوانينها ويصارعها، ولا حتى وفق منطق أخلاقى مجرد، يلتزم بالعمل الإيجابى فى دوائر الشأن العام، ومطابقة الأقوال للأفعال، دون انفصال وتضاد بين الخطاب المعلن والمواقف العملية، ولكن سعى الرجل للظهور بحسابات المكسب الشخصى قبل أى شىء، ووضعه لنفسه «تحت الطلب» دائما، فرضا قانونهما على أى منطق وقيمة. الغريب فى أمر عمرو حمزاوى، أن الرجل الذى يغلق عامه الخمسين خلال شهور، ظل لأكثر من عشرين سنة من نشاطه العملى مجهولا للناس، بالتأكيد لم يعجبه هذا ولم يكن مقبولا لديه، وخلال سبع سنوات فقط صنع حضورا إعلاميا بارزا، ولكنه فى الوقت نفسه حرق مراحل ودورات زمن وعلاقات يستهلكها أى عاقل متزن فى عقود طويلة، ولعل السبب الأساسى فى هذا تحلّله من ضوابط العلم والعقل، ليسقط فى تناقضات عديدة، دون رهان على الذاكرة الجمعية واستحالة خدمة كل الأطراف واللعب فى كل الملاعب.
جولة فى دولاب «تناقضات عمرو»
قائمة تناقضات عمرو حمزاوى خلال السنوات الماضية يصعب حصرها، الرجل اقترب من الحزب الوطنى وجمال مبارك، وسواء كان عضوا أو اكتفى بالمشورة وإعداد دراسات له، لم يكن منطقيا أن يقترب فى وقت لاحق من الإخوان، قافزا على حقيقة مدونته العلمانية، ليشيد بالجماعة الدينية الشمولية، ويعمل معها، وينسق مواقفه وفق بوصلتها، وفى الوقت نفسه طالب بقانون للعزل السياسى لقيادات الحزب الوطنى، فسره البعض بأنه ترجمة لإحساس قديم بالمهانة بعد رفضه من جانب جمال مبارك، ولكن بعيدا عن التفسيرات فالموقف يوضح بجلاء حدود عقل الرجل وتحركاته، إذ لا غضاضة لديه فى مخالفة الدستور لهوى شخصى، وفى الوقت ذاته لا يشعر بأى حرج فى المزايدة على خصومه بالدستور نفسه فى موقف آخر، الأدوات واحدة والتوظيف مختلف، والمصلحة هى الحكم.
الرجل الذى ملأ الدنيا ضجيجا حول اعتذاره عن وزارة الشباب فى حكومتى أحمد شفيق وعصام شرف، هو نفسه من تقرب للإخوان وعرض خدماته للمشاركة فى وزارتهم، وعرض نفسه أيضا للهيئة الاستشارية للرئيس السيسى، بحسب حوار تليفزيونى معه فى 2014، وكما تقرب من جبهة الإنقاذ الوطنى فى إطار صنع صيغة تفاوضية مربحة مع الإخوان، انقلب عليها بعد اتضاح معالم علاقته بالجماعة وحدود دورها المستقبلى، وكما بادر بدعم 30 يونيو ضمن تكتيكاته لإغاظة الإخوان، أخذ موقفا معاديا من خارطة الطريق التى أقرتها القوى الوطنية فى 3 يوليو، دعما للجماعة ونقمة لخروجه من المعادلة صفر اليدين، وللمفارقة فهو نفسه من رفض فى 2011 تشكيل مجلس رئاسى مدنى لإدارة شؤون البلاد.
وانتقد حمزاوى، حديث الرئيس عن الوعى الزائف فى مرحلة ما بعد الثورة بينما كتب فى يونيو 2016 أن استفتاء «بريكسيت» لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى انتصار لـ«الغوغائية» و«الوعى الزائف».
كوكتيل من المواقف المتناقضة وغريبة التوجهات، المؤسسة على فلسفة لاعب أكروبات فى سيرك، لا باحث علمى ورجل سياسة كما يسوق نفسه، ولا مبرر يقف خلفها إلا تبدل قوى العرض والطلب، أى تبدل حالة السوق وموقف حسابات الجدوى التى يقيمها الرجل بمرجعية اقتصادية، باعتباره لاعبا «تحت الطلب».
الدفاع عن الصهيونية والمزايدة على الدولة
فى مداخلة هاتفية مع الإعلامى شريف عامر ببرنامج «يحدث فى مصر»، فى فبراير 2014، نفى عمرو حمزاوى نفيا قاطعا وحادا أن تكون جيسيكا ماتيوس، مدير مركز كارنيجى، يهودية صهيونية، واتهم القائل بهذا بالكذب والتدليس، وطالبه بالرجوع للجهات الرسمية الأمريكية للتأكد، ولكنه بعد عشرة أيام بالضبط، وفى لقاء مباشر من خلال البرنامج نفسه، لم يستطع نفى الأمر مرة أخرى، بعد تأكيده من مصادر موثوقة، فقال إنه لم يكن يعرف حقيقة ميولها الصهيونية وإن الأمر لا يشغله، والغرابة ليست فى التبرير المثير للضحك، قدر الجرأة والبجاحة فى النفى قبل أيام، بشكل يؤكد أنه يعرف ويهتم ويملك معلومات كافية للدفاع الصلب واتهام الناقدين، ثم التراجع بطريقة مبتذلة وبدم بارد بعد أيام، وفى الوقت نفسه مشاركته للباحثة «ميشيل دنّ»، زميلته فى المركز وصاحبة الهوى الصهيونى أيضا، فى أبحاث ودراسات تخص الأوضاع فى مصر، ولا تخلو من تلفيق علمى وتدليس فى الاستقراء واستعراض المعلومات.
فى دراسات عمرو حمزاوى عبر «كارنيجى»، سواء بمفرده أو مع «ميشيل دنّ»، ينزع الباحث لصيغة من الاجتزاء والتلوين فى انتخاب المعلومات وعرضها وتحليلها، كأن يشير إلى التظاهرات المحدودة لعناصر الإخوان خلال 2013 و2014، والمعدّة لغرض التصوير والبث عبر الجزيرة، باعتبارها حراكا واسعا، بينما كان مقيما وقتها فى مصر ويرى الصورة على حقيقتها، أو يتحدث عن اختفاء الناخبين من لجان الاقتراع، دون إيضاح أى انتخابات يقصد، أو الحديث عن نسب مشاركة كما يليق بالدرس العلمى، والحديث عن قيود مفروضة على الأحزاب، بينما لم تسجل الأحزاب نفسها ذلك فى موقف أو بيان، ومهاجمة أصدقائه القدامى فى جبهة الإنقاذ والحزب المصرى الديمقراطى، معتبرا 30 يونيو انقلابا، دون تأسيس نظرى ومنهجى للأمر، وواصفا فض «اعتصام رابعة» باعتباره مجزرة تُسأل فيها الدولة، وهو الموقف نفسه فى تناوله للحرب التى تخوضها الدولة مع الإرهاب فى سيناء، إذ يتحدث فى دراساته عن كيانات متساوية، لا يفرق بين دولة ذات مؤسسات وميليشيات خارجة على القانون ومستهدفة للمؤسسات، بطريقة أقرب إلى صديقه القديم محمد مرسى، الذى طالب بسلامة الخاطفين والمخطوفين.
فى سلسلة تدوينات عبر حسابه الرسمى بموقع «تويتر»، قال عمرو حمزاوى فى أبريل 2016 إن الحديث عن بيع «تيران وصنافير» والتنازل عن أرض الوطن حديث سخيف، وعرض وثائق ومعلومات وخرائط تؤكد وجهة نظره بملكية السعودية للجزيرتين، ولكنه فى الوقت نفسه خرج فى لقائه التليفزيونى مع يسرى فودة بقناة «دويتش فيله» الألمانية متهما الدولة المصرية ببيع الأرض، وهو ما فعله أيضا فى لقائه مع قناة «العربى» ذات الهوى الإخوانى، لم تتبدل الوثائق بالتأكيد، ولم يتبدل «عمرو»، ولكن النافذة وطالبى الخدمات تبدلوا، فتبدلت المعلومات والقناعات والمواقف والحقائق والآراء العلمية وغير العلمية.
بين الجنسية الألمانية وصورة «حليم وشادية»
أمام خريطة التناقض الواسعة التى تتحرك فوقها شخصية عمرو حمزاوى، نحتاج قراءة اجتماعية ونفسية شاملة لفهم الرجل وأفكاره ومواقفه، فالباحث الشاب الذى حصل على فرصة لنيل الدكتوراه من ألمانيا، ليتزوج سريعا من فتاة ألمانية طمعا فى الجنسية، هو نفسه من قرر فى أكتوبر 2011 التنازل عن الجنسية، والانفصال عن زوجته لاحقا، طمعا فى حضور سياسى بارز فى مصر، بدأ بالترشح فى الانتخابات البرلمانية، وربما كان استمرار علاقته بزوجته الألمانية يحمل تهديدا لطموح أكبر، فكان الانفصال.
وكما دخل إلى عالم ألمانيا من بوابة الزواج، فعلها فى مصر، فاقترن بالفنانة بسمة، حفيدة المناضل الشيوعى يوسف درويش، وهذه المرة ليس من أجل الجنسية، وإنما من أجل الذيوع والشهرة، ولعل ظهوره فى حلقة أحد البرامج الساخرة فى 2012، على دراجة بخارية بصحبة «بسمة»، وبطريقة تشبه مشهد عبدالحليم حافظ وشادية فى فيلم «معبودة الجماهير»، يوفر اختصارا كافيا لهذه النقطة، فطموح الرجل يتداخل فيه السياسى بالعلمى بالإعلامى بالفنى، ويعلم أن كل دوائر الظهور توفر مساحة أكبر من الفائدة، وطالبى الخدمات.
لا شك فى أن الحياة الشخصية ليست مجالا للعرض العام، ولـ«حمزاوى» وغيره أن يعيش حياته كما شاء، ولكن أحيانا توفر هذه الحياة فرصة لقراءة الشخصيات المركبة، قد لا توفرها المواقف العامة المعلنة، وبحسب أساتذة علم نفس، فإن «حمزاوى» من واقع لقاءاته التليفزيونية وطريقة حديثه وكتاباته وعلاقاته، شخص متسرع، يمتلئ بشعور كبير بالتعالى، لا يعترف بنسبية الأمور، ويمكنه الرهان على أى شىء فى سبيل الوصول لما يريد، ويقاوم الزمن وقوانينه، ولديه نظرة أبوية وصائية، يمكنك أن تلحظ هذا من مواقفه وكتاباته، ومن نضاله لإخفاء أعوام عمره الخمسين، وارتدائه سوارا شبابيا «حظاظة»، وحديثه بطريقة سريعة وبمصطلحات وجمل مركبة، وتعمده مناداة محاوريه فى البرامج بأسمائهم مجردة، لنقل إحساس بالقرب أو الوصاية والسلطة، وكل هذا إلى جانب لعبه على أحبال الحزب الوطنى والإخوان والمعارضة الثورية، أو «دويتش فيله» و«بى بى سى» والعربى والجزيرة، أو القدس العربى والشروق و«هافنجتون بوست»، كلها تؤكد بما لا يدع مجالا لأى تقدير آخر، أن الرجل «باحث تحت الطلب».