أحدثت الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس حالة من الجدل فى الشارع العربى والدولى، بعد الخطوات التى اتخذتها الحركة والاستراتيجية التى ستتبعها خلال الفترة المقبلة، إضافة لفك ارتباط الحركة بجماعة الإخوان، حتى تنأى بنفسها عن الدور التخريبى للجماعة الإرهابية فى الدول العربية، لكن إعلان حماس لفك هذا الارتباط فى وجود قيادات من الجماعة بالدوحة يصعب تصديقه.
وحملت وثيقة حركة حماس عدد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة حول طبيعة علاقتها بإسرائيل ومحاولاتها التقرب من الإدارة الأمريكية عقب تسلم الرئيس دونالد ترامب مفاتيح البيت الأبيض فى ظل توافقات برعاية قطرية لتقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحركة حماس، سعيًا للتقرب للإدارة الأمريكية الجديدة، وما يتردد من دعوة ترامب لقمة "عربية - أمريكية" خلال شهر يوليو لبعض قادة المنطقة للوصول لحل للقضية الفلسطينية، إضافة للتحركات العربية والإقليمية التى جرت على مدار الأشهر الأخيرة للتوافق على رؤية واستراتيجية عربية موحدة لإيجاد حل لمشكلة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى وسبل دفع عملية السلام بين الجانبين.
الملاحظ فى الوثيقة التى أطلقتها حركة حماس حرص الحركة على ترجمتها للغة الإنجليزية وإرسالها لعدد من المسئولين فى الدول الأوروبية وإيصال رسالة مباشر للإدارة الأمريكية حول توجه حماس واستراتيجيتها الجديدة فى الصراع مع إسرائيل، فقد أعلنت الحركة فى وثيقتها اعترافها بدولة على حدود 67 وهو ما يعتبر مراوغة من قبل حماس.
وعقب المواقف السلبية التى اتخذتها حماس من ثورات الربيع العربى عام 2011 وتدخلاتها السافرة فى شئون تلك الدول، حرصت حماس خلال وثيقتها الجديدة عن رفضها التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض الدخول فى النزاعات والصراعات بينها، مؤكدة أنها تتبنى سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم، وخاصة العربية والإسلامية؛ وتسعى إلى بناء علاقات متوازنة، يكون معيارُها الجمعَ بين متطلبات القضية الفلسطينية ومصلحة الشعب الفلسطينى، وبين مصلحةِ الأمَّة ونهضتها وأمنها.
وتتضمن وثيقة حماس بندا يؤكد تمسك الحركة بإدارة علاقاتها الفلسطينية على قاعدة التعددية والخيار الديمقراطى والشراكة الوطنية وقبول الآخر واعتماد الحوار، بما يعزّز وحدة الصف والعمل المشترك، من أجل تحقيق الأهداف الوطنية وتطلّعات الشعب الفلسطينى، وهو ما يؤكد سعى حركة حماس لمطالب سياسية فى المستقبل القريب فى ظل ما يتردد من وساطة قطرية بين حماس وإسرائيل تمهيدا لتقارب الحركة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المقرر أن تفتح حركة حماس بواسطة رئيس المكتب السياسى المقبل إسماعيل هنية اتصالات مع المجتمع الدولى ودول عربية لشرح الوثيقة التى كشفت عنها وتحتاج لتسويقها لدى المسئولين المصريين وعدد من الدول العربية والغربية، فالحركة تسعى للانفتاح فى المرحلة المقبلة وأكثر ديناميكية فى التعاطى مع السياسات الغربية.
وفى أول رد فعل على وثيقة حركة حماس الجديدة والتى أعلنت اليوم اعتبرتها حركة التحرير الوطنى الفلسطينى "فتح" مطابقة لموقف منظمة التحرير فى العام 1988، وطلبت من حماس الاعتذار من منظمة التحرير بسبب التخوين الذى طالها لمدة 30 سنة.
وقالت حركة فتح فى بيان صحفى أن وثيقة حماس الجديدة هى وثيقة مطابقة لموقف منظمة التحرير الفلسطينية فى عام 1988، مطالبة حماس بالاعتذار لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد ثلاثين عاما من التخوين والتكفير وما تسبب ذلك من انقسام حاد فى الشارع الفلسطينى توجته حماس بالانقلاب وما أدى إلى تشويه بشع لصورة الشعب الفلسطينى ونضاله ولقضيته العادلة.
وقال المتحدث الرسمى باسم حركة فتح أسامة القواسمى فى البيان إن قبول حماس لإقامة دولة فلسطينية فى حدود 4 يونيو 1967 كصيغة توافقية، وتطبيق القانون الدولى هو تماما الموقف الذى خرجت فيه كافة الفصائل فى عام 1988 ولم يكن ذلك موقفا لحركة فتح، وإنما موقفا توافقيا لكافة الفصائل.
وتساءل "القواسمى": "إذا كانت حماس قد احتاجت ثلاثين عاما لتخرج علينا بذات مواقفنا فكم من الوقت ستحتاج لأن تفهم أن الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام أفضل للشعب الفلسطينى وما هو المبرر الذى ستسوقه حماس للشارع الفلسطينى اليوم لاستمرار الانقلاب والانقسام؟".