تشهد مصر فى الوقت الحالى تراجعًا محدودًا فى معدلات التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – حيث سجل شهر أبريل 2017، معدلًا بلغ 32%، وسط تقدم ملحوظ، فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، والإجراءات الجريئة التى اتخذتها الحكومة فى هذا الشأن، حيث يعقد البنك المركزى المصرى، اجتماع لجنة السياسة النقدية لبحث أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، اليوم الأحد، وسط توقعات بالتثبيت.
وشارك طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، يوم الخميس الماضى، فى اجتماعات محافظى بنوك الدول الفرانكوفونية، وقرر البنك المركزى المصرى، تأجيل اجتماع لجنة السياسة النقدية لبحث أسعار الفائدة، من موعده الخميس 18 مايو، إلى الأحد 21 مايو الجارى، على أن تعاود اللجنة عقد اجتماعاتها بعد هذا التاريخ بانتظام وفقًا للجدول الموضوع فى هذا الشأن على الموقع الإلكترونى للبنك المركزى المصرى.
وأوصى صندوق النقد الدولى برفع أسعار الفائدة فى مصر فى محاولة لكبح جماح التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – ولكن لتلك الخطوة العديد من التحديات فى التنفيذ فى الوقت الحالى، نظرًا لاستهداف الحكومة جذب الاستثمار الأجنبى المباشر وتشجيع الاستثمارات المحلية، فضلًا عن أن سعر الفائدة الحالى على شهادات الإدخار بـ20% يعد من أعلى معدلات الفائدة فى العالم، وتحريكها فى هذا التوقيت يرفع من تكلفة إقراض الحكومة من البنوك عن طريق أدوات الدين الحكومية لسد العجز فى الموازنة العامة للدولة.
ويعد الهدف الرئيسى لعمل البنوك المركزية، هو السيطرة على مستويات منخفضة من التضخم – ارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات – والعمل على تحقيق استقرار الأسعار، وتعد أداة سعر الفائدة الأهم فى استراتيجيته ضبط الأسواق والأسعار.
السيناريو الأول.. وعندما يلجأ البنك المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة فإن التأثير يكون جذب فوائض الأموال والمدخرات التى فى حوزة المواطنين، إلى الأوعية الإدخارية بأنواعها المختلفة بالبنوك، ومما يسهم فى تقليل حجم الكاش – النقدية – مع المواطنين وتقليل الطلب على السلع والخدمات وبالتالى انخفاض أسعارها أى خفض مستوى التضخم، الذى يعد هدفًا أصيلًا للبنك المركزى، إلى جانب رفع تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك عند طريق أدوات الدين الحكومية – أذون وسندات الخزانة – مما يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة، ويرفع أيضًا من تكلفة اقتراض أصحاب الأعمال من الجهاز المصرفى، وبالتالى يقلل من التوسع الاستثمارى فى مصر، إلى جانب استهداف الحد من ظاهرة "الدولرة" – تعنى زيادة حيازات المواطنين للدولار كمخزن للقيمة فى ظل انخفاض القوة الشرائية للجنيه – فى ظل عمل البنك المركزى عن طريق إجراءات وقرارات كثيرة خلال الفترة الماضية لتعزيز الطلب والقوة الشرائية للجنيه المصرى عن طريق طرح شهادات وأوعية ادخارية بالعملة مرتفعة العائد لزيادة الطلب على العملة بفائدة 16 و20%.
وتعمل تلك الخطوة أيضًا على اجتذاب شريحة جديدة للتعامل مع القطاع المصرفى وتنمية الرقم الحالى الذى يبلغ نحو 10 ملايين مواطن، حيث يستهدف البنك المركزى والبنوك اجتذاب شريحة المواطنين، التى كانت لا تتعامل مع البنوك، وتشجيع ثقافة الإدخار فى إطار ما يسمى مصرفيًا بـ"الشمول المالى" أى زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك، خاصة فى إطار أسبوع الشمول المالى الذى تشارك فيه كافة البنوك العاملة فى مصر فى الوقت الحالى.
وتلك الإجراءات المصرفية والتحركات الخاصة بأسعار الفائدة تستلزم مسارًا آخر من الحكومة بالرقابة وضبط الأسعار ومنع جشع التجار بزيادة الأسعار اعتمادًا على خفض قيمة الجنيه، والعمل على تعزيز الصادرات وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، عن طريق خطة استراتيجية متكاملة تراعى مصلحة المواطن وتأثره بالأسعار.
السيناريو الثانى.. وعلى العكس عندما يلجأ البنك المركزى إلى خفض أسعار الفائدة فيؤدى ذلك إلى التوسع الاستثمارى بخفض تكلفة الاقتراض من البنوك إلى جانب تقليل تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك وبالتالى يخفض من قيمة عجز الموازنة العامة للدولة، ويزيد حركة سحب المدخرات والودائع من الجهاز المصرفى، بما يرفع مستوى السيولة فى الاقتصاد وزيادة الطلب على السلع، وتنشيط الانفاق بما يرفع قليلًا من مستوى التضخم، وهو الحل المستبعد فى الوقت الحالى، نظرًا لمستويات التضخم الحالية والتى تتجاوز الـ32%، والمرشحة للتراجع، حيث أن رفع الفائدة بـ3% مع تعويم الجنيه يوم 3 نوفمبر الماضى كانت كافية لزيادة الطلب على الأوعية الادخارية بالبنوك.
وفى أعقاب خطوة تحرير سعر صرف الجنيه المصرى وإخضاعه لقوى العرض والطلب بالبنوك، فإن نسبة 20% على شهادات الادخار – جذبت أكثر من 400 مليار جنيه محفظة ودائع بالبنوك التى أصدرتها - تعد من أعلى نسبة الفائدة عالميًا، حيث تتراوح الفائدة على العملة الدولية الأولى وهى الدولار الأمريكى، بين 1 و2%، وبالتالى فإنه من المستبعد أن يتم رفع الفائدة خلال الاجتماع غدًا الأحد، لتحفيز الاقتراض من البنوك، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية أيضًا حيث تستهدف الحكومة 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية خلال العام المالى القادم 2017 – 2018 إلى جانب تحفيز الاستثمار فى مشروعات مثل محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة