فى العقد الماضى، بينما كان هناك توجس خليجى من سياسات الدولة الشيعية، وقلق من أنشطتها النووية، ورصد لتحركاتها المريبة فى الإقليم، ظهر اعراض شذوذ الدولة القطرية عن البيت الخليجى، فبدأت تسير عكس الاتجاه، وتعمدت مخالفة الإجماع العربى على مدار السنوات الماضية، فمنذ عهد والد تميم حمد بن خليفة آل ثانى، بدا واضحا انحياز الدوحة نحو بناء علاقات مع طهران، وتعمد تتويج وتوثيقها بعلاقات خفية مع هرم السلطة والحرس الثورى المسيطر على مقاليد الأمور.
كان ينظر الخليج بريبة تجاه صعود وتيرة العلاقات المشبوهة بين الدوحة وطهران، التى وصلت إلى ذروتها فى عام 2015، وشهد هذا العام تعزيز التعاون الأمنى لأول مرة بين "الحرس الثورى وما يسمى بالجيش القطرى"، عبر بتوقيع الدوحة اتفاقية أمنية وعسكرية تحت مسمى "مكافحة الإرهاب والتصدى للعناصر المخلة بالأمن فى المنطقة"، حيث التقى فى أكتوبر 2015 قائد حرس الحدود الإيرانى قاسم رضائى بمدير أمن السواحل والحدود فى قطر على أحمد سيف البديد، أضفى اللقاء بينهما إلى توقيع اتفاقية تعاون لـ"حماية الحدود المشتركة" بين البلدين، وذلك بعد عقد 12 اجتماعا سبق آخر اجتماع لمسئولين أمنيين للبلدين فى 2015.
لم تعلن الدوحة عن إحدى البنود السرية لهذه الاتفاقية، والتى "منح حق تدريب قوات قطر البحرية للقوات البحرية التابعة للحرس الثورى الإيرانى فى المنطقة الحرة بجزيرة قشم جنوب إيران"، حيث لجأت إلى طهران فى تدريب قواتها البحرية قليلة العدد إلى الحرس الثورى، فضلا عن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع الحرس الثورى أيضاً، مما جعل المراقبين يصفون تلك الاتفاقية خطوة على طريق انسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجى، وسعت الدوحة وقتها لتمرير موافقة داخل مجلس التعاون لفكرة اقترحتها طهران إيرانى لإنشاء "منظمة دفاعية أمنية إقليمية" آنذاك لكن مساعيها باءت بالفشل مع تصاعد النفوذ الإيرانى، وارتفاع حجم المخاوف من تحركاتها.
ولم يقف التعاون العسكرى عند هذا الحد بل كشفت طهران عام 2013 أن الدوحة لجأت إلى القوات الإيرانية، لتدريب خفر السواحل القطرية فى مجال مكافحة المخدرات من قبل القوات الإيرانية، فضلا عن مناورات لقوات خفر السواحل الايرانية ونظيرتها القطرية تم الاعلان عنها على هامش انعقاد الاجتماع الـ 11 للتعاون بين خفر السواحل إيران وقطر فى جزيرة كيش جنوب ايران.
وسبقت هذا الاتفاق مجموعة من اللقاءات والتفاهمات بين الدولتين، ففى 2010، زار أمير قطر السابق طهران والتقى بالمرشد خامنئى، وقتها وقعت قطر مع خلال الزيارة اتفاقية أمنية وشهد عام 2010 تبادل للزيارات حيث زار وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية العميد أحمد وحيدى قطر ووقع مع قائد أركان القوات المسلحة القطرية اللواء حمد بن على العطية على وثيقة التعاون الدفاعى بين البلدين.
وسعت الدوحة للضغط على الخليج بكارت طهران، والشذوذ عن القاعدة العربية والخليجية، حيث رفعت من تعاونها العسكرى مع الحرس الثورى، واستقبل ميناء الدوحة لأول مرة سفناً عسكرية للحرس الثورى الإيرانى، حاملة قيادات عسكرية إيرانية لإجراء لقاءات من أجل التوصل إلى تفاهمات أمنيّة بين الطرفين، وحضر الاجتماع سفير إيران فى قطر آنذاك عبدالله سهرابى والممثل العسكرى فى السفارة ما شاء الله پورشه، وانتهى إلى توقيع اتفاقية أمنيّة أخرى بين البلدين لم تعلن بنودها.
"قطر هى بلدكم الثانى نرحب بقدومكم إلى الدولة المسلمة والجارة ونأمل لكم إقامة طيبة فى قطر".. كلمات كالصاعقة وقعت على مسامع الخليج عندما وجهها العميد زياد عبد الرحمن السليطى، نائب القائد العام للقوة البحرية القطرية فى أكتوبر2010 لوفد عسكرى تابع للقوة البحرية للحرس الثورى زار الدوحة للمرة الأولى، بقيادة الأميرال محمد شيارى وبرئاسة على رضا ناصرى قائد المنطقة الرابعة للقوات البحرية للحرس الثورى.
حمد بن خليفة يلتقى مرشد إيران
وجاءت هذه الزيارة بعد يوم واحد من زيارة لأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى إلى طهران فى العام نفسه والتقائه بالمرشد على خامنئى، والرئيس المتشدد آنذاك أحمدى نجاد، حيث كانت قطر أولى الدول العربية والخليجية التى استقبلت أسطول السفن الحربية للحرس الثورة الإيرانى، وشمل الأسطول 3 بوارج حربية كانت سفينة سهرابى، سفينة دارا وسفينة مهدوى وسفينتان للإسناد هما ناصر 111 وناصر 112.
طع بحرية للحرس الثورى على ميناء قطر البحرى 2015
كانت هذه الزيارة إجهار قطر بشذوذها عن البيت الخليجى، وارتمائها فى أحضان طهران التى نظرت لها باعتبارها موطأ قدم لها فى الخليج وأنها ستقربها خطوة نحو السعودية آنذاك، رغم أن الصراع مع الأخيرة لم يكن وصل ذروته إلا أن التوتر كان قائم.
العلم القطرى والإيرانى أعلى السفن الحربية الإيرانية
وفى مارس 2010 وقعا اتفاقية للتعاون الأمنى، تشمل مكافحة الجريمة المنظمة وحراسة الحدود ومكافحة تهريب المخدرات وغسل الأموال والتزوير والإتجار بالبشر وتزوير الوثائق الرسمية والجوازات والنقود وبطاقات الائتمان، بين وزير الداخلية الإيرانى مصطفى محمد نجار آنذاك، مع وزير الدولة للشئون الداخلية عبد الله بن ناصر آل ثانى، وبحسب بنود الاتفاقية تشكيل فريق عمل مشترك يجتمع كل عام فى طهران والدوحة.
البوارج الحربية التابعة للحرس الثورى فى ميناء الدوحة 2010-
القطع البحرية الإيرانية فى الدوحة عام
قطع بحرية إيرانية على سواحل قطر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة