على بعد 40 كيلو من محافظة المنيا، وعلي الطريق الزراعى السريع مصر- أسوان تقع قرية المحرص التابعة لمركز ملوى، التى تشتهر بالزراعة ويتجاوز عدد سكانها 50 ألف نسمة، وبها الكثير من الجزارين من بائعى اللحوم ومن بين هؤلاء يوجد " نادي علي رياض " شاب يبلغ من العمر 35 عاما، فقد بصره منذ ما يزيد عن 18 عام وكان يعمل بمهنة الجزارة منذ الصغر، إلا إنه توقف عن ممارسة المهنة منذ أكثر من 5 سنوات بعد فقدانه بصره فى حادث أليم أخذ منه البصر والمال، وأصبح لا يملك شيئا ولكنه عاد من جديد لممارسة المهنة رغم خطورتها، لأنها تعتمد علي الآلات الحادة والسكاكين والسلخ والتقطيع، إلا إنه تحدى فقدان البصر، وقرر العمل بمهنة الجزارة من جديد حتى يستطيع الإنفاق على أسرته، وبالفعل أصبح نادى الجزار الكفيف رقم واحد في القرية.
الجزار الكفيف يروي قصته لليوم السابع
طفلتان وزوجة، هم كل أسرة نادى، يسكنون في منزل يحتاج إلي سقف إلا أن الظروف الاقتصاديه التي يمر بها بعد فقدانه لماله وبصره، تجعله عاجزا عن تحقيق حلم أسرته الصغيرة في توفير حياه كريمه لهم، لكن عزائه الوحيد إن كثير من الجزارين يأتون إلى نادى الكفيف، ليتعلموا منه طريقة الذبح وتقطيع الماشيه رغم فقدانه للبصر، حسبما أكد أحد الجزارين، موضحًا إنه يأتى إلى "المعلم" نادى من أجل أن يتعلم منه "الصنعه"، ويرى كيف يتحدى الإعاقة.
"اليوم السابع"، التقت الجزار الكفيف في قريته المحرص التابعه لمركز ملوى، للتعرف منه على قصته فى تحدى إعاقته البصرية، وكيف يقوم بهذا العمل الشاق دون هذه الحاسة.
يقول نادى على رياض: " لم أجد فرصة عمل إلا أن أعود إلى مهنة الجزارة، وتحدى أى صعوبات من أجل أن نجد لقمة العيش ونأكلها بالحلال، أخرج يوميا وفي يدى عدة الجزارة وأتوجه إلى الطريق السريع أمام القرية، وأقوم بوضع آلات الذبح والسلخ والتقطيع، وأبدأ يومى منذ السابعة صباحا".
وأضاف ، "امتهن ذبح المواشى منذ أكثر من 25 عاما، وفقدت بصرى فى حادثة قضت علي على كل ما أملك، ولفت نادى إلى إنه يقوم بذبح المواشى وسلخها وتقطيعها وبيعها، وأصبحت محترفا فيها أكثر من الأول، وهذا أعطانى ثقة كبيرة فى نفسى واستطعت أن أكسب ثقة الأهالى بالقرية.
وأكد نادى الجزار، إنه ورث المهنة عن والده، منذ أن كان فى السادسة من عمره حتى أصبحت أتمكن من الإمساك بالسكين فى يدى دون النظر إليه، وأضاف فقدت بصرى وأنا عمرى 18 عاما، وأصبت بحالة من الاكتئاب والخوف، وظللت بعيدًا عن العمل لمدة 5 سنوات، ولكنني عودت لها مجددا، بسبب عجزى عن توفير نفقات أبنائى الصغار وهما طفلتان، ولا أستطيع الجلوس في بيتي دون عمل، وكنت واثقا بإن الله سوف يساعدنى، وبالفعل تمكنت من العمل مرة أخرى.
وأضاف نادى، بعد الحادث لم أجد مالا اشترى به الذبائح، فلجأت إلي الذبائح الصغيرة من الماعز والأغنام، فكنت أقوم بشرائها وبيعها ثم أعود إلى سداد ثمنها، وأضاف:" أنا لا أذبح كل يوم، ولكن قد يكون الذبح كل يومان أو 3 أيام في الأسبوع، والمكسب الذي يخرج من ذبح الماشية الصغيرة لا يتجاوز 40 جنيهًا فقط، ولكنه أفضل كثيرًا من أن أمد يدى للناس.
واستطرد نادى قائلًا:" ليس لى مطالب من المسئولين، وكل ما أتمناه من محافظ المنيا اللواء عصام البديوى، والوحدات المحلية، توفير كشك صغير بقريتى، حيث أعانى من مضايقات كبيرة من بعض الأهالى، لوقوفى فى الشارع، وكذلك بعد الحادث الذى اخذ منى مجموعة الاغنام ، التى وضعت فيها كل ما أملك وأصبحت مديونا بحوالى 25 ألف جنيه، وتمكنت من سداد مبلغ ومتبقي 13 ألف جنيه ، علاوة على إنى أسكن في منزل بدون سقف وأتمنى من الدولة أن تقف بجانبى".
وعن كيفية التعامل مع الماشية، قال نادى بعد أن عدت من جديد للعمل بالجزارة، أصبحت جزار القرية الأول، والأهالي يطلبونني في الأفراح والمناسبات، وأتعامل مع كافة المواشي سواء كبيرة أو صغيرة، ولا أستعين بأحد لمساعدتى في العمل، فأنا أقوم بكل شيئ سواء الذبح أو السلخ أو التقطيع ثم البيع للأهالى، وأحمد الله إنه نور بصيرتى، وأقوم بالعمل على أكمل وجه وأنال ثقة الأهالى بالقرية.
ولفت نادى علي رياض الجزار، قائلًا: "الحياة صعبه "وأريد أن أتمكن من سداد مديونياتى، حتي يصبح الرزق خالصا لأبنائى فليس لنا دخل آخر، باستثناء معاش التأمينات الاجتماعية، الذى لا يكفى مصروفات المنزل.
حالة الطريق أثناء عملية البييع
الجزار ممسكا برأس ذبيحته بعد إتمام مهمته
الجزار الكفيف يقطع الذبيحة
الجزار الكفيف يروي قصته
حديث جانبى للجزار نادى ح واحد المواطنين
الجزار الكفيف يمسك براس الماشيه بعد ذبحها
أثناء تقطيع الذبيحة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة