بخطى يشوبها الحذر، وبعد أيام من وثيقة تاريخية لفك الارتباط عن جماعة الإخوان الإرهابية، يستعد القيادى البارز فى حركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية لتسلم مهام منصبه الجديد رئيساً للمكتب السياسى خلفاً لخالد مشعل الذى تسبب على مدار سنوات عدة فى خسارة الحركة قسماً لا يستهان به من شعبيتها لتدخلات الحركة سراً وجهراً فى شئون العديد من دول الجوار ومن بينها مصر.
وبعد اندلاع رياح الربيع العربى وما تبعها من انهيارات فى دوائر صنع القرار داخل عواصم عربية عدة، عجزت حركة حماس عن مواكبة ما شهدته المنطقة من تطورات ضمنها رحيل نظام مبارك فى القاهرة ، وسقوط النظام السورى برئاسة بشار الأسد فى دوامات الفوضى، كما عجزت بطبيعة الحال عن الوفاء بالتزامات رعاتها الإقليميين وأبرز مموليها وفى مقدمتهم إيران لمطالبة الأخيرة اصطفاف حماس فى معسكر حزب الله والحرس الثورى، والانخراط فى مواجهة مسلحة ضد تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات التابعة لجماعة الإخوان.
وفى الوقت الذى يعتبر فيه مراقبون إقدام حماس فى وثيقتها الأخيرة على فك ارتباطها مع جماعة الإخوان خطوة لمغازلة القاهرة بعدما تأكد لقيادات الحركة ـ داخل وخارج غزة ـ أن الرهان على فشل دولة ما بعد 30 يونيو، رهاناً خاسراً، فتحت الوثيقة الباب أمام التوقعات بتسليم الحركة قيادات الجماعة الإرهابية الهاربة للسلطات المصرية فى خطوة تالية ـ محتملة ـ لاحراز المزيد من التقارب مع الحكومة المصرية.
ويظل الفشل فى إدارة غزة وتوفير سبل العيش الكريم لأهالى القطاع المقدرين بما يزيد على 1.5 مليون نسمة منذ وصول حماس إلى السلطة منتصف عام 2005 عبر صناديق اقتراع قاطعتها منذ عام 1991 بذريعة أنها من "إفرازات أوسلو"، أحد أبزر الأسباب التى ربما تدفع حماس إلى اتخاذ المزيد من الخطوات للتقارب نحو القاهرة، فالحركة التى تراقب فى صمت غريمتها التقليدية فتح وهى تموج بصراعات داخلية ربما تطيح فى القريب العاجل برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من منصبه، تبحث وبشكل استباقى عن موطئ قدم على طاولة المشاورات التى لن تنعقد دون رعاية مصرية للم شمل الفصائل الفلسطينية، وتحاول بشكل جاهد أن تحظى بثقة المفاوض المصرى قبل هذا المشهد.
وفى ظل تحديات الداخل ، واضطرابات علاقات الحركة على صعيد الخارج، يظل إقدام حماس على تسليم السلطات المصرية من تستضيفهم من قيادات جماعة الإخوان داخل غزة أمراً غير مستبعد ، وربما تساهم الحركة بشكل ـ رسمى أو غير رسمى ـ فى مسرح العمليات ضد الإرهاب داخل سيناء عن طريق تقديم ما يلزم من معلومات للجانب المصرى مقابل المزيد من التسهيلات فى الحركة عبر معبر رفح .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة