صدور موسوعة "المفاهيم الأساسية فى العلوم الإنسانية والفلسفية"

الإثنين، 08 مايو 2017 04:00 ص
صدور موسوعة "المفاهيم الأساسية فى العلوم الإنسانية والفلسفية" موسوعة المفاهيم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن دار المتوسط فى إيطاليا موسوعة "المفاهيم الأساسية فى العلوم الإنسانية والفلسفية" وهى من تحرير عالمين جليلين محمد سبيلا ونوح الهرموزى، يذكر محمد سبيلا فى تقديمه للموسوعة أنها تقدم للقارئ العربى اليوم زبدة مجهود استمر عدة سنوات من أجل إنضاج نموذج جديد لموسوعة شاملة فى مجال العلوم الإنسانية.
 
 
 
هذا العمل هو موسوعة مركبة تضم موضوعات وثيمات فى مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية تولى إعدادها والبحث فيها مجموعة من الباحثين وأساتذة التعليم العالى كل فى مجال اختصاصه، وهكذا تم إدراج موضوعات فلسفية وسوسيولوجية وقانونية وسياسية واقتصادية وسيكولوجية وتم التنسيق بين هذه التخصصات ومناقشتها وإعدادها للنشر.
 
 
 
أما المعايير التى تم تسطيرها كقواعد عمل لإعداد هذه الموسوعة هى أولا معيار التخصص الميدانى والجامعى، والمعيار الثانى هو اختيار القضايا والموضوعات الأساسية فى كل من الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة والقانون والاقتصاد، ثم التنسيق بين كل هذه الموضوعات مع مراعاة معايير الصياغة الجيدة والواضحة للأفكار المعروضة بلغة تداولية وتواصلية.
 
 
 
أما المنطق الفكرى لهذا العمل فهو محاولة المساهمة فى تمتين وتقوية ودعم نظرة العربى إلى القضايا الاجتماعية والإنسانية من منظور العلوم الإنسانية الحديثة وليس فقط من منظور التصورات التقليدية المتوارثة والتى غالبا ما تكون هى أساس النظرة المعتادة والمتداولة لهذه القضايا خاصة وأن الجميع يعلم أن الثقافة العربية الحديثة قاصرة على هذا المستوى.
 
 
 
الإدراك العربى العام يميل نحو المنتجات التكنولوجية للحضارة الغربية الحديثة فى مجال التقنيات ويكاد يعتبر أنها المنتوج الأبرز والوحيد والأهم لهذه الحضارة متناسيا أحيانا أن للحضارة الحديثة وجها آخر يتمثل فى الإنتاج الفكرى والثقافى.
 
 
 
ومعنى ذلك أن الفرد العربى عامة والمتعلم العربى يتعلق بقسم من الحداثة ويغفل الطرف الآخر الذى لا يقل أهمية وهو النظرة العلمية الموضوعية للظواهر الاجتماعية والإنسانية بعيدا عن التصورات التقليدية المتوارثة التى تتخذ صبغة إيديولوجيا ثقافة عميقة قلما يتجاوزها أو يضعها فى إطارها التاريخى وفى سياقها الفكرى.
 
 
 
ومن هنا تأتى هذه المبادرة الفكرية التى تبناها مجموعة من الباحثين وقام بتنسيقها "المركز العلمى العربى للأبحاث والدراسات الإنسانية" بالرباط.
 
 
 
الموسوعة يعتقد أنها أفضل ما صدر باللغة العربية حتى الآن فى مجالها، خاصة أن المشاركين فيها كان لهم نهج علمى واضح لا يميل نحو الاستفاضة فى المعلومات، بل التركيز الواضح من حيث تكثيف التعريفات ودقة كل جملة فى التعبير عن المفهوم.
 
 
 
ألطف ما فى الموسوعة تعريف المفهوم فهى تذكر أنه: "لسان الغلاف"، ومن المفاهيم التى جرى تعريفها مفهوم الإصلاح فتذكر الموسوعة أنه ينطوى المفهوم على دلالات متباينة، تتأثر –فى مجملها- بالتصورات الفلسفية والمواقف الإديولوجية لأصحابها؛ ذلك أن ما يسميه البعض إصلاحاً يعده البعض الآخر تراجعاً وإفساداً.
 
 
 
والإصلاح مصطلح تم تداوله منذ القدم؛ ووردت دلالاته فى كتابات عدد من الفلاسفة القدماء كأفلاطون (148- 428 ق.م) وأرسطو (384- 322 ق.م).. وشكل محوراً لعدد من النظريات السياسية التى قادها "ماكيافيلي" Niccolò di Bernardo dei Machiavelli (1527-1469) وماركس Karl Marx (1883- 1818)...؛ والإصلاح لغة هو ضد الإفساد؛ ويحيل من الناحية الاصطلاحية إلى إزالة الفساد، وتقويم الانحرافات والاختلالات داخل المجتمع، والانتقال من وضع إلى وضع أفضل ودائم؛ بما يسمح بتحقيق التنمية وتجاوز المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
 
 
 
وهو ينصب على مجمل التدابير والإجراءات والمبادرات التى ترمى إلى إحداث تعديلات على مختلف البنيات الموجودة داخل المجتمع دون تغييرها جذرياً؛ وذلك بهدف جعلها مواكبة للتحولات والتطورات المجتمعية؛ وقادرة على الاستجابة للحاجات المطروحة داخل المجتمع وتحقيق التقدم.
 
 
 
ويعرفه قاموس "أكسفورد" بالتبديل الحاصل على سبيل أفضل بالنسبة للأوضاع المشوبة بالنقائص، فيما يعرفه قاموس "ويبستر" بأنه مجمل التدابير التى تنحو نحو تطوير أداء النظام السياسي؛ بما يقطع مع مظاهر الفساد والاستبداد.
 
 
 
وقد يكون الإصلاح كليا وشاملا؛ وقد يكون جزئياً، ينصب على قطاع أو حقل معين ذى طابع اقتصادى أو سياسى أو تربوى أو ثقافي...؛ وهو يتميز –بذلك- عن التغيير الذى يعنى إحداث تعديلات جذرية فى الأنساق والبنيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية القائمة داخل المجتمع؛ وإحداث أنساق جديدة عن طريق تجاوز الاختلالات والمشاكل السابقة.
 
 
 
 والموسوعة تطرقت إلى بعض المفاهيم المركبة مثل ((أزمة الديون السيادية)) فتذكر أنها أزمة مالية عصفت باقتصاديات الدول المتقدمة، ومست ارتداداتها عدداً من الأسواق المالية والاقتصاديات النامية. وتأتى هذه الأزمة بعد قرار وكالة التصنيف الائتمانى بتخفيض قيمة السندات السيادية الأمريكية، وخفض تصنيفها من المرتبة AA إلى الرتبة A+ من طرف مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، ويأتى ذلك بسبب المخاوف المشروعة من الارتفاع المهول فى عجز ميزانية الحكومة الأمريكية، بالإضافة إلى ارتفاع الديون وفوائدها.
 
 
 
وتعود خطورة الوضع إلى أن قيمة الديون الأمريكية وصلت إلى أربعة عشر ألف وخمس مائة وثمانين مليار دولار متخطية إجمالى الناتج الداخلى لعام 2010. وبعبارة أخرى، يجب على المجتمع الأمريكى أن يشتغل سنة كاملة، وأن يقلص نفقاته إلى الدرجة صفر طيلة هذه السنة لتغطية ما راكمه من الديون.
 
 
 
دفع ترهل الاقتصاد الأمريكى وانخفاض وتيرة النمو بالموازاة مع انفجار الدين العام "ستاندرد آند بورز" إلى تخفيض التصنيف الائتمانى الأمريكي، كما أنها بررت هذا التخفيض بكون الإجراءات التى اتخذها الرئيس الأمريكى لمواجهة المديونية والعجز المالى إجراءات غير كافية، وغير شجاعة، لاحتواء أزمة المديونية، وتحقيق الاستقرار فى آليات الدين الحكومى فى المدى المتوسط والمدى البعيد. كما يمكن قراءة قرار وكالة "ستاندرد آند بورز" بأنه نوع من العقاب نتيجة الإدمان على الاستدانة اللصيق بالممارسات الاقتصادية فى الدول المتقدمة، وخصوصاً أمريكا واليابان وفرنسا واليونان... وكان من نتائج التخفيض تفاقم وانتشار حالات الهلع والذعر فى الأوساط المالية بالعالم برمته، بحكم الترابط بينها، وبالنظر إلى حجم التبادلات التجارية والمالية المتداولة بين أوروبا وأمريكا والدول النامية التى تعتمد على المساعدات الأوروبية والأمريكية، وعلى تحويلات عمالتها بالخارج، وعلى مداخيل السياح القادمين من تلك البلدان.
 
 
 
لقد أظهرت أزمة الديون السيادية الأمريكية والأوروبية التى تلتها مدى هشاشة الاقتصاديات المعتمدة على المديونية، والتى أدمنت على الاستدانة، وإسراف رجال الدولة فى الإنفاق العمومي.
 
 
 
لقد ارتفعت منذ الخمسينيات أصوات مفكرين اقتصاديين يدعون إلى تقليص دور الحكومة والحد من الصلاحيات التى تخول لها التلاعب والاستعمال السيئ للآليات المالية ولموازنة الدولة، وأكدوا أن للحكومات نزعة وميولاً للإسراف فى النفقات وتغطيتها عبر الاستدانة والتملص من أداء هذه الديون، وتأجيل أدائها، وترك عبئها للحكومات المقبلة. فمع تفاقم العجز الموازناتى والمديونية العامة أصبحت الحكومات عبر السنين غير قادرة على تحمل أعباء الديون، مما فجر أزمة المديونية فى صيف سنة 2012.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة