أيام تفصل الرئيس الفرنسى المنتخب إيمانويل ماكرون عن تسلم مهامه رسمياً ودخول قصر الإليزية خلفاً للرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند الذى آثر عدم المنافسة على ولاية رئاسية ثانية بعد التراجع الحاد لشعبيته.
وبعد حصوله على 66.1% من الأصوات فى الانتخابات التى شهدت عزوف 25.44% من الناخبين عن التصويت يستعد ماكرون لتسلم ميراث هولاند الثقيل فى السلطة والتعامل مع التحديات الداخلية التى تواجهها فرنسا من ارتفاع البطالة والأزمات الاقتصادية وقبل ذلك كله خطر الإرهاب الذى تمكن من ضرب استقرار الفرنسيين على مدار السنوات القليلة الماضية، وتحدياتها الخارجية الممثلة فى تراجع دور الاتحاد الأوروبى وخروج بريطانيا من عضوية التكتل الأوروبى فضلاً عن خطاب الرئيس الأمريكى العدائى مع القارة العجوز.
وبخلاف أزمات الداخل وتحديات الخارج، يتسلم ماكرون فى حفل بروتوكولى منصبه الجديد الأحد المقبل، لتتحول إليه مجموعة من الصلاحيات والسلطات بموجب الدستور الفرنسى السائر فى البلاد منذ عام 1958، أولها العمل على حماية الاستقلال الوطنى ووحدة أراضى البلاد وتسيير السلطات العامة.
وبموجب المادة 15 من الدستور الفرنسى يتولى ماكرون قيادة القوات المسلحة الفرنسية ويجب عليه بمقتضى هذا المنصب تولى كافة مسائل الدفاع، ولاسيما منذ أن قامت فرنسا بتطوير قوة ردع نووية ، وهو المخول بالضغط على "الزر النووى".
أما المادة الرابعة عشرة فى الدستور فيما يخص صلاحيات الرئيس الفرنسى فهى تنص على أن يلعب رئيس الجمهورية دوراً رئيسياً على صعيد الدبلوماسى، فهو من يمثل فرنسا فى الخارج وفى الملتقيات الدولية.
وبحسب الدستور، تتنوع سلطات الرئيس بين سلطات مشتركة وآخرى خاصة، وتستدعى السلطات المشتركة توقيعاً مصدقاً من جانب الحكومة الفرنسية، ويندرج توقيع المراسيم والقرارات التى تتخذ بالتشاور مع مجلس الوزراء وإصدار القوانين ضمن السلطات المتقاسمة.
أما السلطات الخاصة فهى لا تستدعى تشاوراً مع أى جهة أخرى، ومن ضمنها حق إقرار إجراء استفتاء شعبى أو حل الجمعية الوطنية أو تطبيق المادة السادسة عشرة من الدستور التى تعطى لرئيس الجمهورية سلطات خاصة فى وقت الأزمات من أجل حماية الديمقراطية وإعادة تسيير السلطات العامة فى أسرع وقت ممكن.
ووفق الدستور يحق للبرلمان إقالة الرئيس إذا تبين أنه قام بالإخلال بواجباته بشكل يتعارض مع مهامه وذلك منذ مراجعة الدستور فى فبراير من عام 2007، ويتحول البرلمان إلى محكمة عليا إذا أصدر قرار إقالة الرئيس.
دون مفاجآت، وعلى الرغم من أزمة التسريبات التى طالت حملته، استطاع ماكرون أن يكلل صدارته شبه الدائمة لاستطلاعات الرأى، ويحسم سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية لصالحه، متفوقاً على منافسته زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبان بحصوله على 66.10 % من أصوات الناخبين.
وفى تأكيد على اختيارهم الاستمرار ضمن عضوية الاتحاد الأوروبى، ورفضهم نموذج "بريكست" البريطانى، حسم الفرنسيون مستقبل بانتخابهم ماكرون المؤيد لاستمرار عضوية بلاده ضمن التكتل الأوروبى رئيسًا للبلاد، على حساب لوبان التى طالما دعت إلى خروج عاجل، وفك ارتباط فرنسا بكل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية وبروتوكولات السفر والقوانين المنظمة لدخول وخروج الأوروبيين، والتى تربط باريس بدول القارة العجوز.
وباختيار ماكرون الذى يعد أصغر رئيس فى التاريخ الفرنسى، ضمنت النخب الفرنسية انتقالاً آمناً للسلطة فيما سادت حالة من الهدوء لدى دوائر صنع القرار داخل غالبية عواصم الدول الأوروبية.