هى شعرة ما بين تقليد الشخصية أو الإمساك بروحها، دائما ما يمثل تجسيد الشخصيات التاريخية تحديا لأى ممثل خصوصا إذا كان لهذه الشخصية رصيد جماهيرى وشعبي في عقول وأذهان المشاهدين وأيضا شخصية كاريزمية، فما بالك لو كانت الشخصية هي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ويزداد التحدى صعوبة إذا كان فنان بحجم أحمد زكى قد سبق له تجسيد الشخصية، لذلك اعتقد أن النجم الأردنى ياسر المصرى يملك شجاعة كبيرة لقبوله تجسيد دور الزعيم جمال عبد الناصر في الجزء الثانى من مسلسل الجماعة والذي يعرض حاليا ضمن السباق الرمضانى على قناة ONE .
215288-ياسر-المصرى-فى-شخصية-عبد-الناصر
ياسر والذي بدأ منذ إطلالته الأولي في حلقات المسلسل لا يعنيه إلا روح الشخصية، ومدركا لحجم التحدى الملقى على كتفيه، خصوصًا وأن هذا الدور يكشف الكثير عن الزعيم الراحل، وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين وانتماءه لها فترة ولكن حسه الوطنى وإدراكه أن الوطن أهم وأعلى قيمة من الجماعة، هو ما يتعارض مع عقيدة الإخوان المسلمين.
ياسر المصرى فى دور عبد الناصر
ياسر درس شخصية ناصر بكل تفاصيلها.. واختار أن يعمل علي انفعالاتها الداخلية على التناقضات التى عانت منها الشخصية فى بداية تشكيل وعيها، وكيف يكتشف هذا الشاب الوطنى الأشياء ويحدد مواقفه بناء على ذلك، فهو الشاب الطموح المخلص والباحث أيضا عن خلاص الوطن، يظنه عن الإخوان فيذهب إليهم ويقطع عهد تحرير الوطن ويصير اسمه الحركى "زغلول" ولكن فجأة يكتشف أن الإخوان لا يعنيهم الوطن، بل التنظيم وأهدافه أكثر من أى شىء، لذلك يظل يتساءل ويبحث عن نفس الهدف عند الشيوعيين.
الفنان فى شخصية ناصر
ياسر قدم شخصية عبد الناصر الشاب والضابط الوطنى والباحث عن خلاص الوطن( راجع مشهد استدعائه عند مكتب رئيس الوزراء ليتم سؤاله عن علاقته بالإخوان أمام وزير الحربية.. لحظات الانتظار عيناه القلقة، محاولة إشعاله لسيجارة وإطفائها، بناء علي توجيه مدير مكتب رئيس الوزراء بأن التدخين ممنوع، ثم مشهد وقوفه أمام رئيس الوزراء ووزير الحربية والثبات الانفعالى الذي تستدعيه الشخصية فهو من داخله مرعوب لأن أمره هو وزملاؤه قد انكشف)، وهو الأمر الذي أدركه ياسر جيدا ولعب عليه دون مبالغة في الأداء، بل جاء آداؤه هادئا دون صخب وبانفعالات محسوبة بدقة خصوصا عندما واجهه رئيس الوزراء باسمه الحركى في الإخوان وهو " زغلول".
المصرى
الاسم الذي كان يطلق على عبد الناصر عندما انضم للنظام الخاص الذي شكلته جماعة الاخوان من أجل "محاربة المحتل الإنجليزي داخل القطر المصري والتصدي للمخطط الصهيوني اليهودي لاحتلال فلسطين"، وقتها كان من أشهر أعضائه جمال عبد الناصر وخالد محيى الدين العضوين في مجلس قيادة الثورة، ثم المشهد الذى يليه والذى ذهب فيه إلى "منير الدلة" أحد قيادات الإخوان يجسده رمزي لينر وعندما يسأله مدير مكتبه :اقوله مين ..يرد كمن يكتم انفاسه ويبلع ريقه "زغلول"، هنا يظهر الممثل الواعى والذى أدرك جيدا أن روح الشخصية أهم بكثير من محاكاة سماتها الخارجية، وهو ما يتأكد فى مشهد آخر عندما ترى ياسر فى مشهد باللبس المدنى لم يفقد أداءه ذلك الاحساس بالعزة والمسيطر عليه وهو يرتدي البدلة العسكرية.
ياسر المصري ومنذ الحلقات الأولى لمسلسل الجماعة هو ممثل مختلف ينتمي لمدرسة الأداء المدروس والمحسوب بعيدا عن أية انفعالات أو مبالغات.. واعتقد أن الحلقات التالية من المسلسل ستظهر الكثير من موهبة قبلت تحديا مضاعفا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة