لدينا مشكلة فى التعامل مع تدين أو عدم تدين الشباب، وما يزيد منها أنهم العنصر المؤثر فى كل أمة، وهم أعلى نسبة فى منطقتنا، التى تعد منطقة شابة، على عكس أوروبا، التى توصف بالعجوز وتخشى من انقراض سكانها.
ومن فطانة الحبيب صلى الله عليه وسلم وإدراكه لهذا الأمر أنّه تعامل بإنسانية راقية فى إيصال معنى الدين والتدين إلى هؤلاء الشباب، حتى فى لحظات النَزَق والتهور وغلبة النفس أو الرغبة؛ وإليكم ثلاثة مواقف للتعامل مع تلك اللحظات.
جاء فتى فى جمع من الناس، وقال يا رسول الله ائْذَنْ لى بِالزِّنَا !
الطلب فيه جرأة وسط الذين أقبلوا عليه يزجرونه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أقروه، أى اتركوه، مقرًّا بحقه فى السؤال، ثم قال: ادْنُهْ؛ أى اقترب منى، لتبدأ المرحلة الثالثة فى التعامل، مخاطبًا مشاعر الفطرة السوية والقياس المنطقى فيه:
قال: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ.
قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ.
قَالَل: أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟
واستمر صلى الله عليه وسلم فى ذكر درجات القرابة من النساء، لتأكيد المعنى لدى الشاب، الذى ما انفك يقول جَعَلَنِى اللهُ فِدَاءَكَ، لما رآه من رحمة ومن احترام عقله، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: «اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ».
تأملوا لو أتى شابٌّ إلى مساجدنا وطرح نفس السؤال، كيف سيكون تعامل الناس والإمام معه؟
موقف آخر بطله خوات بن جبير رضى الله عنه يقول: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ الظهران: فخرجت من خبائى فإذا أنا بنسوة يتحدثن فأعجبننى.. وجئت فجلست معهن. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قُبَّتِه فقال: أبا عبدالله ما يجلسك معهن؟ فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطت قلت: يا رسول الله جملٌ لى شرد فأنا أبتغى له قيدًا، فمضى واتبعته؛ فألقى إلى رداءه؛ ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضأ وأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره، فقال: أبا عبدالله ما فعل شراد جملك؟
ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقنى فى المسير إلا قال: السلام عليك أبا عبدالله ما فعل شِراد ذلك الجمل؟ فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد والمجالسة إلى النبى صلى الله عليه وسلم.. فلما طال ذلك تحيَّنت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فقمت أصلى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجأة فصلى ركعتين خفيفتين، وطولت رجاء أن يذهب ويدعنى، فقال: طوِّل أبا عبدالله ما شئت أن تطوِّل؛ فلست قائمًا حتى تنصرف، فقلت فى نفسى: والله لأعتذرن إلى رسول الله ولأُبْرِئْن صدره، فقلت: والذى بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلم، فقال: رحمك الله ثلاثًا، ثم لم يعد لشىء مما كان.
انظروا إلى هذا المعنى الراقى من الاستيعاب!
موقف ثالث من الاستيعاب، يقول أبو محذورة الجمحى رضى الله عنه: «خرجت فى عشرة فتيان مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى حنين، وهو أبغض الناس إلينا، فقمنا نؤذن نستهزئ بهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ائتونى بهؤلاء الفتيان، فقال: أذنوا. فأذنوا فكنت آخرهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: نعم هذا الذى سمعت صوته، اذهب فأذن لأهل مكة».
فى المواقف الثلاثة أُنكِر المنكر بنوع من الاستيعاب لجانب التطرف والانطلاق بالمعاصي؛ ويقابل ذلك الحاجة إلى التعامل مع جموح التطرف فى طلب الطاعات، وهو موضوع المقال القادم بإذن الله تعالى.
عدد الردود 0
بواسطة:
لطيف
الى الحبيب اليمنى :
ارجو ان تتركنا شوية لان عندنا فائض من الدعاة وتذهب الى اليمن فهى احق بك !!!