رقصة روحانية يرتفع بها القلب والوجدان والجسد من الأرض إلى السماء فى تقليد تراثى صوفى انقلب خلال الفترة الأخيرة إلى احتفالية ورمز للفن الشعبى بقصر ثقافة الأقصر، بتلك الكلمات تحدث الباحث سعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافى عن فن التنورة الصوفية وتقديمها فى الاحتفالات المختلفة للمحافظة والضيوف من مختلف أنحاء العالم.
بالفيديو .. "فن التنورة" رقصة الدراويش الصوفية... من طرف youm7
وأضاف الباحث سعد فاروق فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن التنورة كلمة معربة من الفارسية تسمى "الدرع الواسعة" فى السريانية، وفى الإغريقية "الذى يلبس جلدا طويلا"، وهى رقصة مصرية ذات أصول صوفية تعتمد على الحركات الدائرية، حيث أنها تفسير للحس الإسلامى الصوفى الذى له أساس فلسفى بأن الحركة فى الكون تبدأ من نقطة وتنتهى عند ذات النقطة، أما الغناء المصاحب، فهو الدعاء إلى الله ومديح النبى محمد صلى الله عليه وسلم وبعض الأغانى والمواويل عن موضوعات شعبية، حول الصداقة والسلام والكرم والمحبة.
وأكد رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافى، أن رقصة التنورة أصبحت خلال الفترة الأخيرة مطلب شعبى فى كافة الاحتفالات التى تنظمها ثقافة الأقصر للضيوف الأجانب والعرب وكذلك المهرجانات الشعبية بالمحافظة، موضحاً أن رقصة التنورة نابعة من التراث الصوفى حيث نشأت فى تركيا العثمانية خلال القرن الثالث عشر، وتطوّرت فى مصر، ويعتبر أول من أظهر تلك الرقصة الصوفية تحت مسمى "رقصة الدراويش"، هو جلال الدين الرومى.
فيما يقول أحمد عبد الرازق مدرب فرقة الفنون الشعبية بالأقصر، إن رقصة التنورة لاغنى عنها فى أية احتفالات بالمحافظة حيث أن الرقص الصوفى ليس مجموعة حركات فحسب، ولكنه يعتبر فى مجملة سعى دؤوب لتطهير النفس من الشوائب، حيث يقف الراقص رافعا يده اليمنى إلى الأعلى وخافضا اليسرى إلى الأسفل، فكأنه يعقد صلة ما بين السماء والأرض، ساعيا بدورانه المكثّف إلى التخلّص من الذنوب، موضحاً أن الرقصة تعكس فلسفة تنبع من الطريقة المولوية التى أسسها جلال الدين الرومى، لكنها لم تأخذ الطقوس التى تشمل وجود الشيخ والبخور والطفل الصغير، كما أنها أدخلت الأذكار التى تقولها الطرق الصوفية مُجتمعة.
وأضاف أحمد عبد الرازق لـ"اليوم السابع"، أن راقصى التنورة بفرقة الفنون الشعبية بالأقصر هم أربعة إثنين فتيات وهن "فاطمة ميرغنى – مارتينا سمرى"، وإثنين رجال وهم "طارق عبيد – بركة الأقصرى"، ويتلقون التدريبات بصورة يومية داخل مقر قصر ثقافة الأقصر بصورة جيدة للغاية لكى يظهرون أعلى مستويات النجاح والتفوق خلال عروضهم فى الحفلات والمحافل المحلية والدولية، مؤكداً أن راقص التنورة يتم تدريبه على عدة حركات مختلفة وحديثة، فمنهم من يقوم بارتداء تنورتين أو ثلاثة للقيام بحركات مميزة أمام الجمهور، وكذلك منهم من يحملون أعلام بلدانهم وعلم مصر، وكذلك يقوم آخرون بإرتداء التنورة المضيئة وهى طراز حديث يتم تجهيزها بنظام معين لإضفاء جو من البهجة على الجمهور، ويصل وزن التنورة الواحدة حوالى 8 كيلو، وكذلك يرتدى الحزام يسمى "السبتة" ويرتديه راقص التنورة على نصفه الأعلى فيهدف إلى شدّ ظهر الراقص وهو يدور، بينما يتّسع الجلباب من الأسفل ليعطى الشكل الدائرى خلال الرقص.
ومن جانب يقول بركة الأقصرى أقدم راقص تنورة فى فرقة الأقصر للفنون الشعبية، أن تلك الرقصة تعتمد فى الأساس على حركات دائرية تنبع من الحس الصوفى، والطريقة المولوية التى تعتبر أن الحركة فى الكون تبدأ بنقطة معيّنة وتنتهى عند النقطة ذاتها، مشدداً على أن هذا الأداء الحركى يوازيه جانب روحى يعنى التسامى والصعود من خلال الحركة الدائرية للجسد إلى الأعلى، حيث السماء والمحبوب الأكبر عودة إليه وذوباناً فيه.
ويضيف بركة الأقصرى لـ"اليوم السابع"، أنه احترف تلك المهنة منذ أن كان يبلغ من العمر 10 سنوات فهو كان يعشقها لدى مشاهدتها فى الحفلات قديماً، ولدى بداية تدريبه عليها لقى تشجيع كبير من والده ووالدته، ثم انتقل إلى مرحلة الخبرة وهو حالياً يقوم بتدريب الراقصين من الشباب بمحافظة الأقصر وعدد من شباب الصعيد، مشدداً على أن أهم التدريبات هو كيفية التخلص من الدوخة التى يتعرض لها الشخص خلال الدوران لمدة طويلة، وهو فن يتقنه وزملاؤه بصورة كبيرة من كثرة التدريبات اليومية.
وأكد بركة راقص التنورة بالأقصر، أنه يتم طلب راقصى التنورة بصورة كبيرة فى كافة المحافل المحلية والحفلات والمهرجانات الشعبية بمصر، ولكن فى شهر رمضان المبارك يطلبونهم جميع الكافيات والفنادق والمراكب النيلية لتنفيذ فقرتهم أمام السياح والضيوف فى حفلات الإفطار والسحور، مشدداً على أنه كان فى السابق الرجال فقط هم من يقومون برقص التنورة، ولكن فى الأقصر تم تدريب فتاتين على الرقصة الصوفية ويقمن بتنفيذها بصورة مميزة للغاية حالياً.
ومن جانبه أكد محمد إمام يعمل بالمركز الإعلامى لفرع ثقافة الأقصر، أن رقصة التنورة تراث شعبى أصيل، يجذب جميع المواطنين والسائحين المصريين والعرب والأجانب فى كافة الاحتفالات التى يتم تنظيمها، حيث أن مشاهدة الراقص وهو يؤدى حركات دائرية تعد متعة خاصة لجميع المواطنين، مشدداً على أن رقصة التنورة تعتمد على الفن الإيقاعى لتنفيذ حركات من الراقص مع الموسيقى الصوفية المميزة.
وأضاف محمد إمام لـ"اليوم السابع"، أن رقصة التنورة تعتمد على الفن الإيقاعى، حيث أن الراقصون يصبحون كالكواكب فى السماء فى شكل مؤثر فى النفس والبصر، وتبدو الرقصة كالحلم حيث يدور الفنان دورات كثيرة حتى ترتفع التنورة إلى أعلى، ثم بعد ذلك يختفى الراقص داخلها كأنه فراشة ترفرف بجناحيها وألوانها الزاهية، حتّى أن الصغار يحبون هذه الرقصة كما الكبار، فهى دعوة مفتوحة إلى دخول عالم روحانى كفيل بأن يُنسى من يدخله متاعب الحياة وعذاباتها.
فن التنورة رقصة الدراويش فى احتفالات الأقصر
راقصى التنورة يدخلون عالم السحر والجمال الروحاني
التنورة رقصة صوفية توارثها المصريون فى الحفلات
رقصة التنورة بدأت فى القرن الثالث عشر الميلادى
رقصات التنورة المميزة بحفلات الأقصر
رقصات التنورة تنتشر بكافة حفلات الأقصر
راقص تنورة على سلالم قصر ثقافة الأقصر
مسرح قصر ثقافة الأقصر يشهد حفلات التنورة
فن التنورة الصوفى أسسه جلال الدين الرومى
تدريب الشباب يوميا على رقصة التنورة بالأقصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة