أعلن محافظ بنى سويف شريف حبيب العام الماضى، عن إقامة مدينة النباتات الطبية والعطرية على مساحة 69 ألف فدان، وتضم مجمعا صناعيا عالميا لصناعة الدواء من المادة الفعالة المستخرجة من النباتات العطرية، إلى جانب صناعات صغيرة أخرى، وتجمع سكنيا للاستفادة من 11 ألف فدان مزروعة بمراكز المحافظة السبع الإدارية إلى جانب 414 فدانا ستزرع داخل مدينة النباتات العطرية.
وأبدى رئيس الوزراء موافقته على المشروع الذى يوفر 250 ألف فرصة عمل، وعقد المحافظ لقاءات متعددة مع الوزارات المعنية والمجموعة الاستشارية الفائزة بإعداد دراسات المشروع، ومساهمة من جامعة بنى سويف فى دعم المشروع وإعداد كوادر متخصصة للعمل به .
التقى "اليوم السابع" الأطراف المشاركة فى إنشاء المشروع لمعرفة آخر خطوات إعداده، وكذلك مجموعة من مزارعى وتجار النباتات العطرية بالمحافظة لمعرفة آرائهم وأهمية المشروع بالنسبة لهم.
وأكد محافظ بنى سويف، أن صناعة النباتات العطرية ستشكل مستقبل المحافظة، نظرا لأهميتها الاقتصادية الكبرى، خاصةً فى مجال استخراج وتخليق المادة الفعالة التى تدخل فى صناعة كثير من الأدوية والعطور، مشيرا إلى أن المساحة المزروعة من النباتات العطرية تبلغ 4% من المساحة الإجمالية للمحافظة، كما تستحوذ المحافظة على 40% من إجمالى صادرات مصر من النباتات الطبية والعطرية بقيمة 60 مليون دولار حاليا، لافتا إلى أن ناتج المحاصيل يمر بمراحل كثيرة حاليا ما عدا استخراج المادة الفعالة المستخدمة فى صناعة الأدوية والعطور، ويصدر هذا الناتج إلى دول الغرب ليستخرجوا منه هذه المادة ويعود إلينا بشكل أدوية وعطور بأسعار مرتفعة .
وأضاف: اتخذنا خطوات مهمة لإنشاء مجمع صناعى عالمى متخصص لاستخدام النباتات الطبية والعطرية فى صناعة الدواء والعطور، بهدف مضاعفة نسبة الصادرات وتوفير 250 ألف فرصة عمل للشباب، حيث تم اختيار منطقة غرب مركز إهناسيا لإنشاء مشروع متكامل صناعى، وسكنى، وخدمى على مساحة 69 ألف فدان للاستفادة من زراعة النباتات الطبية والعطرية فى تصنيع الأدوية إلى جانب صناعات أخرى صغيرة.
وفازت إحدى المجموعات الاستشارية التى تضم "شركات تعمل فى مجال الاستشارات الهندسية والدراسات الاقتصادية ومجال الزراعات الطبية والاستشارات الفنية وصناعة الأفلام التسويقية "للقيام بتقديم الدراسات المطلوبة للمشروع، وفى اجتماع معهم بمبنى المحافظة شرق النيل عرض الفريق الاستشارى تصوراً لمحتويات ومكونات الفيلم التسويقى الخاص بالمشروع، وناقشنا بعض النقاط الهامة، والتى يجب أن يشملها مشروع الدراسة، بهدف تحقيق الاستغلال الأمثل والاستفادة المرجوة من المشروع فى كافة الجوانب والقطاعات، وطالبت خلال اللقاء أن يراعى النموذج المقترح توفير عوامل الجذب المناسبة لكل الشرائح والفئات المجتمعية والاقتصادية المتنوعة، ما يعطى نموذجاً متكاملاً تتوافر فيه نقاط جذب ذاتية بجانب الجهود التسويقية والتى من الضرورى أن تضم أحدث الوسائل والأدوات فى هذا المجال.
وأشاد المحافظ بالاستجابة السريعة لوزارتى التجارة والصناعة والإنتاج الحربى وعقد عدة لقاءات فى ديوان عام محافظة بنى سويف ومقر الوزارتين والهيئة العامة للتنمية الصناعية بالقاهرة خلال الفترة الماضية، لوضع دراسة شاملة لإنشاء المجمع من خلال فريق بحثى، منوها عن أن مجموعة العمل تضم مسئولى الوحدات المحلية والقروية بما لها من دور فى جمع المعلومات التى تخدم الفريق البحثى لعمل دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية.
وأعرب محافظ بنى سويف عن أهمية هذا المشروع ضمن خطة تطوير المحافظة، والذى يهدف لاستغلال المساحات غير المستغلة، وتحقيق أقصى استفادة منها بما يعود بالنفع على اقتصاد البلاد، معربا أن هذه المساحة تعد تربة خصبة للزراعة ولابد من الاستغلال الأمثل لها، كما أكد أنه على أتم استعداد لبدء العمل فى المشروع فور الانتهاء من إعداد الدراسات اللازمة التى تتم حاليا.
واستطرد: ناقشت مع وزيرى الإنتاج الحربى والاستثمار قيام المجموعات الاستشارية بإعداد دراسة كافية من أجل الاستفادة القصوى لاستغلال هذه المساحة فى جميع جوانب المشروع الزراعية والصناعية والتجارية والسكنية، وتحديد التكلفة الإجمالية له والمدة الزمنية لتنفيذه، كما تحدد هذه الشركات ستقوم بتحديد أنواع الزراعات الطبية والعطرية التى سيتم زراعتها فى المشروع وفقا لدراسة احتياجات السوق العالمى من الزيوت والعطور والمستحضرات الدوائية، وذلك لتصديرها للخارج، وذلك إلى جانب وضع المشروع ضمن خطة وزارة الاستثمار والعمل على تسهيل إجراءات الحصول على الأراضى واستخراج التراخيص اللازمة لتشغيل المشروع، توفيرا للوقت والجهد وسرعة البدء فى التنفيذ، فضلا عن توليها الترويج للمنطقة الاستثمارية بالمحافظة.
فيما أكد رئيس جامعة بنى سويف الدكتور أمين لطفى، أن الجامعة تسير وفق سياسة الدولة فى الارتقاء بالاقتصاد الوطنى، لذلك فور علمه بإقدام المحافظة على إنشاء مدينة النباتات الطبية والعطرية وموافقة رئيس مجلس الوزراء فى ديسمبر الماضى على تنفيذ المشروع، والذى يضم أول مجمع صناعى متكامل لإنتاج النباتات الطبية والأعشاب والدواء، وكذلك صناعات مستحضرات التجميل والعطور، تقدم مجلس الجامعة بطلب إنشاء معهد لأبحاث النباتات الطبية والعطرية للمساهمة فى تخريج متخصصين فى نفس المجال يخدمون هذا المشروع الحيوى.
وأضاف حصلنا على موافقة إنشاء المعهد لتصل أعداد كليات ومعاهد الجامعة إلى 32 حاليا، ويضم المعهد ثلاثة أقسام متميزة هى "كيمياء النباتات، وتكنولوجيا الإنتاج، والتكنولوجيا الحيوية".
وأشار الدكتور أمين لطفى إلى أن إنشاء المعهد يزيد من تعزيز التعاون بين الجامعة والمحافظة من خلال استحداث مشروع صناعى زراعى مشترك، يهدف إلى توفير فرص عمل والاستفادة من طاقات الشباب للنهوض بالاقتصاد القومى المصرى.
ولفت رئيس جامعة بنى سويف أن إنشاء المعهد يأتى فى إطار الاستفادة من الميزة التنافسية للمحافظة، ويساعد فى تعظيم إنتاج هذه النباتات لمواجهة الطلب المحلى والخارجى، والاستفادة من ثروة النباتات الطبية والتى تعد قيمة اقتصادية كبيرة، حيث يزداد الطلب عليها محلياً وعالمياً لما تتميز به من استخدامات متعددة فى الكثير من المجالات، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها وزيادة عوائد تصديرها، فضلا عن أن هذا الكنز الاستراتيجى المصرى يمكنه المساهمة فى الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى وإنتاج دواء مصرى بنسبة 100%.
وأوضح لطفى حضور المحافظ مجلس الجامعة ومناقشته نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس فى خطوات الإعداد لتنظيم مؤتمر خاص بصناعة النباتات الطبية والعطرية، للاستفادة من الخبرات والكيانات العاملة فى هذا المجال، وأهمية مشاركة أساتذة الجامعة فى وضع الدراسات المتميزة وتصوراتهم لاستثمار هذه المساحات الكبيرة والترويج لمقوماتها فى إطار توجهات الدولة فى هذه الفترة لتحقيق الأستخدام الأمثل لمواردها فى كل المجالات.
ومن جانبهم، أكد مزارعو وتجار النباتات العطرية بقرى منشأة أبو مليح، وبنى حلة، وبدهل، والعساكرة بمركز سمسطا جنوب غرب المحافظة: أن قرى سمسطا يطلق عليها المنطقة الأوروبية، نظرا لزراعتها آلاف الأفدنة وتصديرها ناتج محاصيل ما يقارب عشرين نوعا من تلك النباتات إلى دول أوروبا، لاستخدامها فى إنتاج الأدوية والعطور، ومنها "الريحان والعطر والكرندونا والبربكس والنعناع وشيح بابونج وشبت وبقدونس وبردقوش وكزبرة ".
وأضافوا: فور نمو النباتات العطرية ووصول أطوالها إلى 35 سنتيمتر باستثناء "الريحان" من 50 إلى 65 سنتيمتر نقوم بحصاده ثم نشره فى مكانه 4 أيام حتى يجف وينشف، ويتم تجميعه على هيئة أكوام فى أرض نظيفة وخالية، لنضعه على مفارش ثم "نفركه" قبل دخوله إلى المجرشة لهزه وغربلته عدة مرات لفصل المخلفات "الأتربة والعصى" لنحصل على المنتج النهائى لتعبئته فى أجولة وتحميله على سيارات لنقله إلى مخازن كبار التجار، لإدخاله ماكينات التبخير ثم بيعه لمكاتب المصدرين بالقاهرة ومنه إلى الدول الاوروبية، ليعود إلينا بعد استخراج المادة الفعالة، أدوية وعطور .
وأشار المزارعون والتجار إلى أن إنشاء مجمع صناعات الأدوية من النباتات العطرية بالمحافظة يجعلهم يتعاملون مع كيان حكومى ومؤسسة تقدر مجهوداتهم، وتثمنها وتدعم تلك الصناعة بدلا من التعامل مع الوسطاء الذين يتحكمون فى رفع وخفض الأسعار ويشترون المنتج بثمن متدن لبيعه لمكاتب التصدير بأسعار مرتفعة، ولا يحصل صغار المزارعين سوى على ما يغطى نفقات وتكاليف الزراعة ومبلغ بسيط للإنفاق على أسرهم.