"نبيل الحلفاوى انت إزاي كدة"؟.. في أحيان كثير تقف اللغة عاجزة عن التعبير، لذلك نجد أنفسنا نطلق مفردات بعينها في محاولة لوصف حالة إبداعية، فما بالك عندما يكون صاحب الحالة الإبداعية، أو لنكن أكثر دقة، التجلي الفنى هو الفنان المبدع نبيل الحلفاوى.
الحلفاوى ونيللى كريم
نبيل الحلفاوي والذي يقدم واحدا من أجمل أدواره على الشاشة في مسلسل "لأعلى سعر" هو نموذج مميز للأب في الدراما، فنان لا يعرف سوى الحب ولا يملك أن يمنح أبناءه والمقربون منه سوى حبه واهتمامه ورعايته، عازف القانون تلك الآلة التي تمثل أساس التخت الشرقي وقانون الآلات ودستورها، هو الرجل الذي لم يستطع تحمل طمع وجشع زوجته المتسلطة والتي لا تعرف المشاعر (تجسدها سلوى محمد علي) واختار عالمه وفنه ويسكن إحدى العوامات يلتقي فيها مواهب شابة وبعض من أعضاء فرقته يعزفون معا ويحتفظ بعلاقة جيدة فقط بابنته جميلة (راقصة الباليه وتجسدها نيللي كريم)، والتي يبدو أن حب الفن هو ما جعل عواطفهما أكثر رقة وهو الوحيد الذي يقف بجوارها في أزمتها يدعمها ويساندها بعد أن يتخلى عنها كل المقربين بما فيهم والدتها وشقيقاها.. عالم "الأستاذ الموسيقار مخلوف" بكل بهائه وإنسانيته في مقابل عالم الزيف والقبح والخيانات الذي يعيش فيه كل من باعوا جميلة.
الحلفاوى
لم ألتق النجم الكبير وجها لوجه، اللهم إلا مرة وحيدة، وكانت في جريدة الأهرام ومنذ أكثر من 20 عاما، كان وقتها الحلفاوى صاحب أدوار مميزة وعلامات ونجم يشار له بعد أدواره الهامة وتألقه في "غوايش" ودوره "الهام" في رأفت الهجان و"الزيني بركات" و"كناريا وشركاه" و"زيزينيا" و"الملك فاروق" و"المصراوية".
أذكر أنه في هذا اليوم، الذي رأيته فيه كان يمشي بهدوئه المعتاد الذى يكسى ملامح وجهه دائما، واضعا يده في جيبه لم استطع أن أحدثه، وقد يكون بسبب الخجل واننى كنت في بداية مشواري الصحفي وخشيت من رد فعله ولكن كل ما أذكره اننى يومها جريت على زملائي وقلت لهم "مشيته زي النجم العالمى "يول براينر" بالضبط رغم اختلاف الملامح إلا ان طريقته في المشي وأداءه جعلانى استدعي النجم العالمى، ومع كل إطلالة له على الشاشة ودور جديد يقدمه أراقبه بشغف وانتظر، أحيانا يغيب، ولكن مع كل إطلالة جديدة على الشاشة يفرض حضورا طاغيا وآسرا، إنه القدير نبيل الحلفاوى.
نبيل الحلفاوى فى لاعلى سعر
الحلفاوى يجسد دوره في "لأعلي سعر" بمنطق الهاوى المخلص لفنه وإبداعه، شاهده وهو يعزف على آلة القانون راجع مشاهده مع تلاميذه من الموهوبين الذين يتبناهم، ولكنه يأسرنى حقا في المشاهد التى تجمعه بنيللي كريم، حيث قدما معا عددا من المشاهد التى تدّرس فى فن الأداء ويكفى أنها جعلتنا نبتسم ونضحك ونبكي في ذات اللحظة، كيف يحاول أن يقسو عليها ليخرجها من عزلتها ومن تقوقعها حول نفسها، ولكن واحد من أجمل المشاهد عندما جلس متقاربين علي الكنبة تقنعه بأن الفلوس مش مهمة وهو يحتد بحزم ودون أن يعلو صوته ونظرة عينه المليئة بالحب لها والخوف عليها، ثم عندما تتجهم ملامحها وتلمح هى شبح ابتسامة علي وجهه وتحاول ان تبادله الابتسام فيقول لها "ما تضحكيش".
الحلفاوى يقدم فن أداء يحاكي الشعر وهذا ليس بغريب عليه، فهو ينسج كل تفاصيل شخصياته من روحه وتقديري انه كلما غرق في حب الدور وتماهى معه يمنحنا أداء من الدانتيلا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة