الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. حول مفهوم الجهاد.. هدف الجهاد حماية الإنسانية بإيجاد القوة الكافية لدفع الاعتداء ونصرة المظلوم.. والأمر بعدم الاعتداء يميز بين منفذى الأعمال العدائية والمدنيين

الجمعة، 16 يونيو 2017 12:00 م
الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. حول مفهوم الجهاد.. هدف الجهاد حماية الإنسانية بإيجاد القوة الكافية لدفع الاعتداء ونصرة المظلوم.. والأمر بعدم الاعتداء يميز بين منفذى الأعمال العدائية والمدنيين الحبيب على الجفرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دعونا نفهم علاقة القتال بإنسانية التعامل.

إنّ هدفَ الجهاد فى سبيل الله حمايةُ الإنسانية بإيجاد القوة الكافية لدفع الاعتداء ونصرة المظلوم وإقرار العدل بين البشر؛ فالذى لا يمتلك قوة كافية تُنتهك إنسانيته.

والآية الحاكمة فى مسائل الجهاد هى قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا أن اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

فالأساس فى الجهاد إخلاص النية لله تعالى نصرةً للحق وردًّا للعدوان، وهو جهاد الدفع. ويتحدث البعض عن نوع آخر، ليس فيه نص صريح بل مستنبط من النصوص، هو جهاد الطلب الذى يعد من الأحكام السلطانية، أى أنه قرار دولة وليس قرار أفراد ولاجماعات، فى وقت لم يكن مفهوم التعايش السلمى مع الاختلاف قائمًا بين الدول كما هو الآن؛ إذ أضحى تحريم استخدام القوة أو التهديد بها فى العلاقات الدولية من قبيل القواعد الدولية الآمرة.

فالأمر بعدم الاعتداء يقوم على مبدأ التمييز بين الذين يقودون الأعمال العدائية فى النزاعات المسلحة والمدنيين الذين لا يشاركون مباشرة فيها من ناحية، والتمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية من ناحية أخرى.

لذا كان سيدنا رسول الله ﷺ إذا بعث جيوشه يقول: "اخرجوا بسم الله تقاتلون فى سبيل الله من كفر بالله؛ لا تَغْدِرُوا ولا تَغُلُّوا ولا تُمَثِّلُوا ولا تَقْتُلُوا الولدان ولا أصحاب الصوامع".

وأوصى سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه أمراء جيوشه: "لا تقتلوا صبيًا ولا امرأة ولا شيخًا كبيًرا ولا مريضًا ولا راهبًا ولا تقطعوا مثمرًا ولا تخربوا عامرًا ولا تذبحوا بعيرًا ولا بقرة إلا لمأكل ولا تغرقوا نخلاً (نحلاً فى رواية السنن الكبرى) ولا تحرقوه"، وفى نص آخر: "ولا تغرقن نخلاً ولا تحرقنها ولا تعقروا بهيمة ولا شجرة تثمر ولا تهدموا بيعة ولا تقتلوا الولدان ولا الشيوخ ولا النساء، وستجدون أقوامًا حبسوا أنفسهم فى الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له".

فضابط الجهاد الأول هو الامتناع عن قتل النساء والصبيان والشيوخ والرهبان ومن ليس لهم مشاركة مباشرة فى القتال كالمرضى والجرحى والأسرى، والامتناع عن الإفساد فى الأرض بقتل الحيوان لغير مصلحة وتحريق الأشجار بل وإغراق النحل وتخريب العامر والصوامع بما تعنيه حرمة دور العبادة حتى مع الاختلاف فى العقيدة.

والضابط الثانى الوفاء بالعهد، فالقول "إنّ الحرب خدعة" لا يعنى خيانة العهود، وإنما تتصل بأساليب وتكتيكات الحرب ذاتها، يقول ﷺ: "مَنْ أَمِنَ رجلاً على دمه فقتله؛ فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافرًا"؛ فالمسألة هنا فى أمانة الأمان لا عقيدة المغدور به.

 كذلك هناك حرمة أجساد القتلى من الأعداء، يروى عمران بن حصين: "مَا قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ خَطِيبًا إِلاَّ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ"، أى النهى عن قطع الأطراف وتشويه الأعضاء.

والضابط الثالث يتصل بمعاملة الأسرى، إذ جعل الله تعالى حسن إطعام الأسير موازيًا لفضل إطعام المسكين واليتيم، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، وقال ﷺ: "اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا". ولقد قال أبو عزيز أخو مصعب بن عمير وكان من أسرى بدر: "وكانوا إذا قدموا غداءهم أو عشاءهم خصونى بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله ﷺ إياهم بنا، ما يقع فى يد رجل منهم كسرة خبز إلا أتحفنى بها، فأستحى فأردها على أحدهم فيردها علَى لا يمسها".

ثم انظروا هذا المثل الراقى، لما سار رسول الله ﷺ من العرج فكان فيما بين العرج والطلوب، نظر إلى كلبة تهر على أولادها وهم حولها يرضعونها، فأمر رجلاً من أصحابه يقال له جعيل بن سراقة أن يقوم حذائها لا يعرض لها أحد من الجيش ولأولادها.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة