قضت الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وسامى درويش نائبى رئيس مجلس الدولة، بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية ضد إحدى السيدات لتسجيلها جنائيا فى كارتة المعلومات وألزمت الداخلية بالمصروفات.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن إعمال القاعدة الدستورية القضائية بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته يتفرع عنها لزومًا إبراء ساحة أى متهم قُضى ببراءته بحكم قضائى لانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للوقائع المنسوبة للمتهم، وهذه البراءة تُهيئ له مركزًا يتساوى فيه مع غيره ممن لم يسند لهم هذا الاتهام، والقول بغير ذلك يؤدى إلى إهدار للأحكام القضائية والتى تمثل احترامها المظهر الحقيقى لمبدأ خضوع الدولة للقانون، فضلًا على إهداره حقوق الأفراد وحرياتهم وبقائهم خاضعين لسيف الاتهام المقضى ببراءتهم منه .
وأضافت المحكمة، أن الأديان السماوية وعلى قمتها الإسلام جاءت بحصانة لصيانة أعراض النساء تفوق ما قررته المواثيق الدولية فى هذا المجال، فالعِرْضُ من الأشياء التى صانها الإسلام، ومنحها الحماية ووضعها فى مكان الصيانة والتعظيم، لأن العِرض إحدى الضرورات الخمس لحياة الإنسان وهى: الدين، والعقل، والنفس، والمال، والعِرْض، وتكريمًا للمسلم جاءت شريعة الإسلام السمحة لتحفظ له هذه الضرورات، وتضع كل الضمانات لحمايتها من النقائص والعيوب، ولقد أجمع العلماءُ والأئمة المجتهدون فى كل العصور على أن مقاصد التشريع الإسلامى تهدف جميعها إلى حفظِ هذه الضرورات الخمس ومن بينها العِرْض
وأشارت المحكمة، إلى أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها اُتهمت فى القضايا أرقام 8255 لسنة 2007 جنح الدقى "تحريض على الفجور وقُضى فيها بجلسة 19/11/2007 بالبراءة و 17502 لسنة 2008 جنح العجوزة "قضايا اَداب" وقُضى فيها بجلسة 9/5/2009 بالبراءة، و9372 لسنة 2009 جنح الهرم " ممارسة دعارة" والقيدة برقم 32103 لسنة 2009 جنح مستأنف وقُضى فيها بجلسة 21/10/2009 بالبراءة، وعلى هذا النحو فإن المطعون ضدها لم تثبت إدانتها فى القضايا المذكورة ويكون إدراج اسمها ضمن المسجلين جنائيًا باعتبارها متهمة فى تلك القضايا إنما يخالف الواقع ويخل بحقها الدستورى فى التمتع بأصل البراءة طالما لم يثبت إدانتها بحكم قضائى، بغض النظر عن نوع الاتهام ونظرة المجتمع وهو ما يصم مسلك الإدارة بعدم المشروعية لما فى ذلك من اعتداء على حقها المستمد من الدستور ويمثل عقبة فى سبيل سلوكها الطريق القويم.
وانتهت المحكمة، إلى أنه لا يكفى سندًا للإدارة فى مسلكها ما أشارت إليه من أن هذه البيانات تستخدم للاسترشاد والتحريات، كما أن استمرار تسجيل اسمها على الوجه المشار إليه يجعلها محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريتها الشخصية ويؤثر على سمعتها ومستقبلها وأقاربها وذويها، ويتعين محوها حتى لا يظل سيف الاتهام عن تلك القضايا عالقًا بها إلى ما لا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة للإنسان .ومن ثم فإن استمرار جهة الإدارة فى تسجيل تلك القضايا أمام اسمها وامتناعها عن محوها من سجلاتها وأجهزتها يشكل قرارًا إداريًا مخالفًا لأحكام الدستور والقانون، ولا يستند إلى سبب صحيح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة