كعادتها كل عام، تواصل شركة "ابسوس" لاستطلاعات الرأي والبحوث، دورها المفضل في تضليل المشاهد، وتوجيه الرأي العام، وكذا المعلنين، لصالح مؤسسات إعلانية وقنوات فضائية "ليست مصرية"، الأمر الذى يؤدى بطبيعة الحال إلى ضرر بالغ يقع على القنوات الفضائية المصرية، التى عانت كثيرا خلال الفترات الماضية، بسبب العثرات الاقتصادية، ورغم ذلك، فمازالت تلك القنوات تحافظ على مكانتها بين الجمهور المصري، بل إنها تتصدر قائمة أولوياته، لقدرتها على فهم طبيعة هذا المشاهد واحتياجاته، ورغباته في التنوع والاختلاف، والخروج من الشكل والقالب التقليدي للمحتوى الدرامي والبرامج الذى تقدمه له قنوات أخرى، لا يشغلها سوى التمويل المادى.
موازين شركة ابسوس، اختلت، في الفترة التى قررت فيها أن تتلاعب بالأبحاث واستطلاعات الرأي لنسب المشاهدة، الأمر الذى أضر بالعديد من القنوات الفضائية المصرية، حيث افتقدت الشركة إلى معايير تقرير الأبحاث واستطلاعات الرأي المهنية والسلمية، وقامت بتفضيل قنوات على حساب قنوات أخرى، في الوقت الذى تغيب فيه الرقابة الحكومية على مثل هذه المؤسسات، التى تلحق الضرر بالقطاع الخاص المصرى الوطنى .
ومع صدور قرارات بالهيئات الوطنية والمجلس الأعلى لتنظيم شئون الإعلام، يبقى السؤال قائما: هل يستطيع هذا المجلس، إحكام السيطرة، وكشف ألاعيب الشركة، وتوجيه دفة استطلاعات الرأي، لشركات متخصصة وقادرة على أن تخرج النتيجة بشكل عادل، يلائم الوضع الحقيقي للقنوات الفضائية المصرية؟
الدكتور صفوت العالم، عميد كلية اعلام القاهرة الأسبق، قال لـ "اليوم السابع" إن مراكز البحوث من السهل أن يحدث "لعب" بها لو أن من يقوم بها ليس لديه أخلاقيات مهنية .
وأضاف العالم:" لابد أن يكون لها سمعة علمية لأنها تؤثر على قياس الإعلام في مصر الوطن العربي ، لأن المشاهدات للقنوات الفضائية تتجاوز مصر إلى سوق الوطن العربي، وبالتالى من السهل على أي شركة قطاع خاص مهما كانت قدرتها الاقتصادية أنها تناور في هذه البحوث، سواء بأموال مدفوعة أو بالتمويل أو بأي سلوب من الأساليب التى يعرفها الخبراء في مجال البحوث".
وقال العالم إن الحل في المجلس الأعلى للإعلام، فالمطلوب هو تشكيل لجنة من كبار أساتذة البحوث الإعلامية سواء متخصصين في الإعلام ومناهج البحث وعلم الاجتماع وخبراء في الاحصاء، ويقومون ببحوث موضع ثقة ويكون هناك مظلة علمية كلية الإعلام أو جامعة القاهرة أو المجلس الأعلى للإعلام، ويمول هذا البحث، ثم يخرج كتاب به النتائج يباع لكل القنوات، وبالتالى يعوض التكلفة التى صرفها.
وأشار العالم إلى أن وجود شركات القطاع الخاص، والباحثين الصغار، هم من يقومون باستطلاعات الرأي، فتأتى إحدى القنوات وتقوم برشوة هذا الشخص بمبلغ "50 ألف" مثلا ، يقوم بفبركة البحث، فطبيعى أن يبيع "أهله" وليس استطلاع للقنوات الفضائية فقط.
وأكد العالم خطورة أبحاث المشاهدة من أبسوس وغيرها من الشركات، هو سهولة توجيهها، وأيضا ألا يقوم بها وكالات الإعلان .
من جانبه قال الدكتور محمد شومان عميد كلية إعلام الجامعة البريطانية، :" لا أفضل أن تقوم شركات مثل ابسوس بمثل هذه الأبحاث واستطلاعات الرأي، ولكن أفضل أن يقوم المجلس الأعلى للإعلام، برعاية مبادرة، تشارك بها كل القنوات الفضائية والتليفزيون المصري، لإنشاء شركة بحوث مستقلة ، تحت اشراق المجلس، وتمثل في هذه الشركة، كل القنوات المصرية، بشرط أن تكون هذه الشركة، تمويلها بحصص متساوية لكل قناة، وهذه التجربة ليس اختراعا مصريا، ولكنها موجودة في كثير من دول العالم، تمولها القنوات تحت اشراف مجتمعى" .
وأضاف شومان، أنه حتى تكتمل هذه التجربة بشكل صحيح، ونصبح غير محتاجين لمثل هذه التقارير من ابسوس وغيرها، لابد من التصاريح لأجهزة الريسيفر والاستقبال التى تحصى عدد المشاهدات بدقة شديدة، والتوقيت الذى قضاه المشاهد في بقاء أي قناة، ومن المعايير التى لم يتم الالتزام بها، هو اختيار عينات مختلفة من المجتمع المصري، وأن يسمح لأفراد هذه العينة باستخدام أجهزة الاستقبال، التى تسجل ماذا يشاهد هذا الفرد .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة