حين تستمع إلى صوته وهو يرتل القرآن الكريم تشعر أنك تحلق فى السماء، تستمتع بجمال المعانى الممزوجة بجمال الصوت والتلاوة فيهتز قلبك ووجدانك وتتذوق حلاوة القرآن الكريم وطلاوته.
كان جمال صوته وهو يرتل القرآن سببا فى دخول عدد من الأجانب الإسلام، عندما استمعوا له وهو يتلو القرآن فى صلاة الجمعة بأحد مساجد مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية، وتكرر الأمر فى فلاديفيا وفرنسا.
وصفه الكاتب الصحفى محمود السعدنى بأنه آخر حبة فى سبحة عمالقة التلاوة، وأنه العبقرى الوحيد الموجود على الساحة حاليا الذى وهبه الله أحبالا صوتية ليس لها نظير، قال عنها محمد عبد الوهاب إنها معجزة لأنها تؤدى إلى النغمة المعجزة.
إنه نقيب المقرئين وآخر ملوك دولة التلاوة العظماء الشيخ محمد محمود الطبلاوى.
رحلة عمر طويلة فى صحبة القرآن وخدمته رتل فيها القرآن فى شتى بقاع الأرض وأطهرها، حيث كان المقرئ الوحيد الذى قرأ القرآن داخل الكعبة حين كان فى ضيافة الملك خالد بن عبد العزيز ودعاه لحضور مراسم غسل الكعبة المشرفة، فدخلها الشيخ الطبلاوى وقرأ فيها القرآن وصلى فى كل ركن من أركانها، وأخذ قطعة من كسوة الكعبة لا يزال يحتفظ بها.
كان الشيخ الطبلاوى المولود بمنطقة ميت عقبة عام 1934 وتنتمى جذوره إلى محافظة المنوفية، يحظى بعلاقات قوية مع الملوك والرؤساء الذين عشقوا صوته وتلاوته، فى مصر والعالم العربى والإسلامى، قال له الملك خالد مقولته الشهيرة: «إن القرآن نزل فى الجزيرة العربية، وطُبع فى إسطنبول، وقرئ فى مصر»، وأن أفضل من رتل القرآن وقرأه هم مشايخ مصر، كما كرمته الأردن بدعوة من مؤسسة آل البيت، وكثيرا ما قضى شهر رمضان فى الإمارات بدعوة من الشيخ زايد، وكان يحظى بعلاقة قوية مع «بلدياته» الرئيس السادات، الذى كان كثيرا ما يدعوه لإحياء ليالى القرآن فى ميت أبو الكوم بالمنوفية ويتناول معه الطعام، كما كانت علاقته طيبة بمبارك وعائلته وقرأ القرآن فى عزاء حفيده محمد علاء مبارك.
طاف دول العالم يرتل كلام الله، لتتحقق نبوءة والدته ورؤيتها التى رأتها فى المنام قبل مولده، حيث رأت جده يقول لها إنها ستلد ولدا حافظا للقرآن، وبالفعل حرص والده على أن يحفظ ويدرس القرآن حتى أتم حفظه فى سن 9 سنوات، وساعده لعب كرة القدم على طول النفس أثناء قراءة القرآن، وذاعت شهرته فى سن مبكرة، كان أول أجر يحصل عليه فى الأربعينيات 5 قروش، كما أنه كان يقرأ القرآن فى القصر الملكى فى عهد الملك فاروق طوال شهر رمضان، ويأخذ 30 جنيهًا.
يحمل الشيخ الطبلاوى، الذى تولى منصب نقيبا للمقرئين عام 2011 خلفا للشيخ أبو العينين شعيشع، هموم المقرئين ويحزن لأحوالهم، فنقابتهم بلا مقر أو موارد، ومعاشهم لا يتجاوز 40 جنيها، ورواتبهم ضعيفة، مؤكدا أنه يجب إكرام أهل القرآن.
ومنذ أكثر من عام اعتزل الشيخ الطبلاوى ولم يعد يخرج فى حفلات للتلاوة، بسبب ظروفه الصحية.
يقيم فى منزله بميت عقبة مع زوجته وأبنائه وأحفاده، فالشيخ الطبلاوى تزوج 4 مرات أولها فى سن 16 عاما، وأنجب 8 أبناء و5 بنات، أصغرهم عمرا الذى يبلغ 7 سنوات، ولا يخرج الشيخ من منزله إلا قليلا، يصلى القيام بالمنزل ويقضى أغلب وقته فى تلاوة القرآن فيقرأ 5 أجزاء يوميا فى رمضان، ينام بعد صلاة الفجر ويستيقظ لصلاة الظهر ويقضى اليوم بين الصلاة وتلاوة القرآن.
يجلس بين أحفاده وابنه عمر ليعلمهم ويحفظهم القرآن، ويجمع أبناءه وأحفاده للإفطار معه، يصلى ويقرأ القرآن حتى الفحر.
يحرص الطبلاوى على حضور الاجتماع الشهرى لنقابة المقرئين، كما يسافر إلى قريته «صفط جدام» مركز تلا بالمنوفية فى العشرة الآواخر من رمضان حيث يحرص على توزيع الزكاة والمساعدات على أهالى قريته خلال هذه الفترة، ويقضى العيد هناك».
ورث ابنه محمد الطبلاوى منه حلاوة الصوت ويعمل مقرئا.
وبالرغم من أن الصوت الملائكى اعتزل الترتيل فى الحفلات، إلا أن مستمعيه ومحبى صوته يداومون على زيارته والاتصال للاطمئنان عليه دائما.
يشعر بالسعادة كلما تذكر تفاعل المستمعين معه وهو يتلو القرآن وخاصة فى الخارج ولا ينس كيف تفاعل الجمهور معه فى جنوب أفريقيا، ويشعر بالحزن كلما تذكر كيف كانت دول العالم تكرمه بينما لم يلق أى تكريم فى بلده. كما يحزن كلما تذكر أن الإذاعة المصرية لا تذيع المصحف المرتل الذى سجله بصوته فى حين تذيعه معظم فضائيات وإذاعات الوطن العربى.
يحب الاستماع لصوت وترتيل صديقه الراحل الشيخ عبدالباسط والشيخين مصطفى إسماعيل والبهتيمى وكانوا أقرب أصدقائه.