تتشابه مظاهر الاحتفال فى الدول العربية والإسلامية فى استقبال عيد الفطر المبارك، لاسيما المجتمعان المصرى والخليجى اللذان تربطهما فى الغالب نفس العادات والتقاليد خاصة الحرص على زيارات الأقارب وصلة الأرحام وتقديم الذبائح والولائم.
ففى مصر، يبدأ الاحتفال بعيد الفطر بـ"صلاة العيد"، حيث تذهب الأسر كبارها مع صغارها إلى الأماكن المجهزة للصلاة، يرتدون ملابس جديدة زاهية، وبعد الانتهاء من الصلاة يهنئون بعضهم البعض وسط حالة من الفرحة العارمة بين جميع الناس، ثم تأتى وجبة الإفطار العائلية حيث يجتمع جميع أفراد العائلة مع بعضها، فيصطحب الأباء والأمهات صغارهم إلى بيت الجد والجدة ليتناول الجميع الافطار هناك بعد شهر كامل من الصيام، وبعدها يخرج الكل لزيارة الأقارب والأصدقاء للتهنئة بالعيد.
وتعد "العيدية" واحدة من أهم طقوس وعادات الاحتفال بالعيد فى مصر وأكثرها انتشارا ورسوخا، ومن عادات وتقاليد العيدية أنها تختلف فى القيمة حسب السن، وكثيرا ما يحصل الصغار على العيدية من الأبوين والجدين والأعمام والعمّات والأخوال والخالات، ومن المعتاد أن تكون نقود العيدية جديدة وزاهية.
وفى المملكة العربية السعودية تبدأ مظاهر العيد قبل قدومه، وتهتم الأسرة بشراء حاجاتها من ألبسة وأطعمة وغيرها، ومع أول ساعة من صباح العيد يجتمع الناس للصلاة، على أن يقوموا بعدها بتبادل التهنئة فى المسجد، وتقديم التهانى الخاصة مثل: "كل عام وأنتم بخير"، و"عساكم من عواده"، و"تقبل الله طاعتكم"، وغيرها.
ثم يذهب الناس إلى منازلهم استعدادا للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب، وهناك عادة لدى كثير من الأسر السعودية؛ تتمثل بالاجتماعات الخاصة فى الاستراحات التى تقع فى المدينة أو فى أطرافها، حيث يتم استئجار استراحة يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، تضم الجد والأولاد والأحفاد، وهناك تقام الذبائح والولائم، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.
أما فى الكويت فيؤكد الباحثون أن مظاهر الاحتفال بالعيد قد اختلفت فى أيامنا الحالية عنها فى الزمن الماضى، حيث كان الاحتفال بالعيد، سواء عيد الأضحى أو عيد الفطر، يمتد على مدار سبعة أيام كاملة.
وكان الجميع يحتفل بالعيد، رجالا ونساء وأطفالا، فعقب الصلاة يجتمع الرجال فى المقهى أو (الصفا) لتبادل التهنئة وتمضية أوقات طيبة، ثم يتوجه الجميع أولا إلى الاجتماع فى البيت الكبير لتلاقى أفراد العائلة ليتبادلوا التهنئة بالعيد، وقد تمضى العائلة مجتمعة فى هذا البيت نحو نصف النهار، وقد يمتد بهم الأمر إلى عصر اليوم الأول من العيد.
وفيما مضى اعتاد الرجال التجمع فى الديوان لتناول غداء العيد، المكون من اللحم والحشور والخبز، توضع على "صينيات (أوانٍ)" كبيرة ليجتمع حولها ستة أو سبعة من الرجال.
أما الحلوى الكويتية الخاصة بالعيد فهى شعر البنات، وهى حلوى خاصة تصنع على شكل الشعر الطويل، وما تزال هذه الحلوى تقدم فى العيد كما كان يقدم معها فى العيد الهريس؛ وهو نوع آخر من أنواع حلوى العيد.
وللعيد بصمته الخاصة فى دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال عادات وتقاليد راسخة تجمعها بكثير من المجتمعات الخليجية فى هذه المناسبة السعيدة.
حيث يتميز العيد فى الإمارات بالموروث الشعبى الذى يحرص عليه الآباء والأسرة عموما؛ يبدأ من الخروج إلى مصليات العيد فى الصباح لتنطلق الألسن بالتكبير والتهليل، معلنة بداية مظاهر اليوم الأول بتأدية هذه الشعيرة المباركة.
وتحرص العائلة الإماراتية على إعداد تجهيزات خاصة تتعلق بأطباق الطعام الخليجية المتميزة، وأصناف الشراب، والحلويات، والخبز بشتى أنواعه، إضافة إلى أشكال أخرى من الحلويات والقهوة العربية، وأنواع مختلفة من التمور التى تقدم فى وجبات الصباح.
والنساء لهن أيضا نصيب من هذه الاستعدادات، حيث تستعد الفتيات والسيدات لنقش أيديهن بالحناء الحمراء ليلة العيد بفنون وأشكال ورسوم عجيبة، وألوان مختلفة.
وفى البحرين نجد "القدوع"؛ وهو صحن كبير يضم أنواعا كثيرة من الفواكه والحلويات، يتصدر مجلس الضيوف، حيث تقدم هذه الأنواع ليختار منها ما يشاء عندما يحل ضيفا على أحد البيوت.
كما تقدم الحلوى البحرينية الشهيرة للضيوف، ويجتمع أفراد العائلة مع أقاربهم لتناول طعام الغداء فى بيت الوالد فى أول يوم العيد.
وفى سلطنة عُمان، عندما يهل هلال شهر شوال معلنا بذلك نهاية شهر رمضان المبارك وبداية العيد السعيد، تعم الفرحة الجميع، وتطلق عشرات طلقات الذخيرة من البنادق معلنة بذلك رؤية هلال العيد، وفى صباح يومه الأول يتناول الناس وجبة إفطارهم الصباحية، وهى الوجبة الأولى للعيد "العرسية"، التى طبخت منذ الليل، وهى الوجبة المفضلة والشهيرة لدى عامة العمانيين، ثم يذهبون لتأدية صلاة العيد.
أما الأطفال والنساء فيبقون فى مكان "العيود" يشاركون أصدقاءهم وأقرانهم الفرحة، وما ينتهى الناس من الصلاة والاستماع للخطبة حتى يقفلوا راجعين إلى منازلهم وهم يرددون الأهازيج والرقصات الشعبية الجميلة.
وعند الرجوع، عادة ما يغيرون مسلك طريقهم التى أتوا منها، ومن ثم يجتمعون فى وسط الحارة فى مكان فسيح تظلله الأشجار العالية ليواصلوا غناءهم حتى وقت الظهر، ثم يذهبون إلى منازلهم للراحة أو زيارة الأقارب والأصدقاء.