لم تتخيل الجماعات الإرهابية أن تستعيد مصر قوتها الأمنية من جديد، بعد عزل محمد مرسى وحمل الجماعات المتطرفة للسلاح وجنوحها للعنف واللجوء لعمليات إرهابية متطورة لم تألفها مصر من قبل، إلا أن استبسال رجال الشرطة فى الدفاع عن الوطن وحماية المواطن وتقديمهم أرواحهم فداءً لتحقيق ذلك ساهم بشكل كبير على مدار السنوات الماضية فى استعادة الامن من جديد، لتعود مصر بلداً للامن والأمان كما وصفها القران الكريم.
ولا أحد ينسى مشهد المقدم ضياء فتوح ضابط المفرقعات وجسمه يتطاير أمام قسم الطالبية بعدما انفجرت به قنبلة حاول تفكيكها، مقدما روحه فداء لأرواح الملايين بالمنطقة، رافعاً شعار "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
وعلى مدار عدة سنوات منذ الإطاحة بجماعة الإخوان، نجحت أجهزة الأمن فى الانتصار فى حربها ضد الاٍرهاب والجماعات المنبثقة من رحم جماعة الإخوان الإرهابية، فنجحت أجهزة الأمن فى القضاء على ثالوث الإرهاب فى مصر "أجناد مصر" و"كتائب حلوان" و"أنصار بيت المقدس"، عن طريق قتل زعماء هذه التنظيمات الأخطر داخل البلاد، والمسئولين عن كافة الأعمال الإرهابية التى شهدتها البلاد مؤخراً، أبرزها تفجيرات مديريات الأمن ومبنى الأمن الوطنى والقنصليات والسفارات واغتيال عدد كبير من رجال الشرطة واستهداف السياحة والبنية التحتية وتفجيرات أبراج الكهرباء وخطوط السكة الحديد، وارتكاب مذابح على أرض الفيروز.
وقتلت أجهزة الأمن "أحمد جلال أحمد محمد إسماعيل"، الذى يحمل اسما حركيا "سيف"، حيث كان مسئول عن "تنظيم أجناد مصر"، وسبق تورطه فى تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية بنطاق محافظات المنطقة المركزية وتخلصت أجهزة الأمن من قائد كتائب حلوان "محمد عباس حسين جاد" المقيم بعزبة الوالدة بحلوان، والمطلوب ضبطه فى القضية رقم 621/2014 حصر أمن دولة عليا تحرك كتائب حلوان، والذى نفذ العديد من الأعمال الإرهابية مؤخراً بمساعدة أعضاء "كتائب حلوان" أبرزها اغتيال أحد مجندى القوات المسلحة بطريق الأوتوستراد واغتيال أمينى شرطة أحدهما معين بخدمة تأمين متحف الشمع بحلوان، والثانى من قوة وحدة مباحث قسم شرطة حلوان، وتفجير عبوة بسيارة أحد ضباط الشرطة من قوة إدارة الطرق والمنافذ أثناء سيره بالقرب من ميدان الشهداء بحلوان، واغتيال البدوى خالد خلف المنيعى من أبناء محافظة شمال سيناء بدعوى تعاونه مع الأجهزة الأمنية، وتفجير كمين أمنى تحت الإنشاء بطريق الأوتستراد، وإحراق وحدة مرور حلوان – إدارة شرطة النجدة بحلوان، وإضرام النيران بنقطتى شرطة (مساكن الزلزال – عرب الوالدة) بحلوان.
وقضت أجهزة الأمن على جماعة أنصار بيت المقدس بقتل رئيسها أشرف على على حسنين الغرابلى، أحد أخطر العناصر الإرهابية التى تقود العمليات الإرهابية لما يسمى بـ"تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابى"، والمعروفة بدمويتها وسابقة تنفيذها العديد من العمليات التى راح ضحيتها الكثير من الشهداء والأبرياء ونتج عنها خسائر جسيمة بعدد من المرافق الحيوية بالدولة.
وارتكب قادة أنصار بيت المقدس عدة حوادث إرهابية، أبرزها محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، واغتيال العقيد الشهيد محمد مبروك "الضابط بقطاع الأمن الوطنى، والمقدم الشهيد طارق سامح مباشر و4 مجندين بمنطقة العلمين بمطروح، والمقدم الشهيد أشرف القزاز، والهجوم المسلح على إحدى دوريات قوات حرس الحدود بمدينة الفرافرة، واستهداف نقطة أمنية بمدينة الفرافرة ونقطة أمنية بمنطقة مسطرد وإطلاق الرصاص على القوات الأمنية المكلفة بتأمين مقر سفارة النيجر بالجيزة وكمين أمنى بمدينة بنها، أسفر عن استشهاد أحد المجندين وإصابة آخر، وتفجير سيارات مفخخة أمام مبنى القنصلية الإيطالية بالقاهرة وتفجير ديوان مديرية أمن القاهرة وديوان مديرية أمن الدقهلية ومبنى إدارة قطاع الأمن الوطنى بالقليوبية.
كما ارتكبوا حوادث الشروع فى التعدى على السائحين بمعبد الكرنك بمحافظة الأقصر، وواقعة اختطاف الأمريكى "بيل هندرسون" بطريق الواحات البحرية ومقتله وواقعة إختطاف الكرواتى "ترميسلاف سالوبيتك" بطريق الواحات البحرية وتفجير عبوة ناسفة أمام أحد المقرات الأمنية بمحافظة بورسعيد ، والشروع فى تفجير عبوة ناسفة بالقرب من تمركزات القوات الأمنية بمطلع كوبرى المريوطية " والتى تم إبطال مفعولها ، وإلقاء خمس عبوات متفجرة على مركز شرطة أطفيح بالجيزة و السطو المسلح على مقر شركة "ويسترن يونيون " لتحويل الأموال بالمعادى واخطاف صالح قاسم سيد (قصاص أثر) من منزله بمنطقة الواحات البحرية وذبحه بدعوى تعاونه مع الأجهزة الأمنية، وإطلاق أعيرة نارية على (سيارة نقل أموال تابعة لشركة "فالكون" بطريق الواحات، سيارة نقل أموال تابعة لشركة "أمانكو" بمنطقة الوراق والسطو المسلح على سيارة توزيع بضائع تابعة لشركة خاصة بمنطقة شبرا الخيمة، بالإضافة إلى واقعة استيقاف أحد العاملين بشركة "أباتشى" للبترول بمدينة العبور والاستيلاء على سيارته.
ورفعت الأجهزة الامنية شعار "الضربات الاستباقية" فى وجه الجماعات الإرهابية حيث نجحت الداخلية، حيث نجحت فى تصفية بعض الجماعات الإرهابية والقبض على البعض الآخر، فتم ضبط أخطر خلية إرهابية، والتى تمركزت فى منطقة جنوب الجيزة، وضمت 17 متهماً اعتنقوا فكر تنظيم "داعش" الإرهابى، وألقت الأجهزة الأمنية القبض على 12 منهم، بينما تم تصفية 4 فى تبادل لإطلاق النار مع الشرطة أثناء القبض عليهم، أحدهم كان فى حلوان، بينما كان الـ3 الآخرين فى دمياط؛ وذلك قبل تنفيذهم عملية إرهابية كبرى.
وفى أبريل عام 2015، كانت الأجهزة الأمنية قد دقّت المسمار الأخير فى نعش الخلية الإرهابية المسماة ب"أجناد مصر"، ومنذ اللحظات الأولى لظهور حركة "حسم" الإرهابية، أيقنت الأجهزة الأمنية، أنها تتعامل مع خلية عنقودية رئيسية تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، ومن الضرورى بذل جهد مكثف لتقويض نشاط كوادرها وإفشال مخططاتهم الإجرامية ضد مؤسسات الدولة، وأعلنت وزارة الداخلية أن تحريات الأجهزة الأمنية أكدت أن الخلية نتاج مخطط قيادات الإخوان الهاربة بالخارج، بتطوير هيكلها التنظيمى بالداخل، وتشكيل كيانات مسلحة بمسميات جديدة، منها (حركة سواعد مصر - حسم - لواء الثورة)، واستغلالها كواجهة إعلامية تنسب إليها عمليات العنف التى تنفذها الجماعة الإرهابية.
وتم كشف غموض جرائم "حسم" الإرهابية، بعد ضبط عناصرها، فى ضربة قوية لقوى الشر فى البلاد، والذين اعترفوا بارتكاب العديد من العمليات الإرهابية، من أبرزها محاولة اغتيال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق، فى هجوم بالأسلحة الخفيفة على شخصه، بأحد أحياء مدينة 6 أكتوبر، واغتيال العميد عادل رجائى قائد الفرقة التاسعة مدرعات، أمام منزله بمدينة العبور بالقليوبية، ومحاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز، بحى البنفسج بالقاهرة الجديدة، باستخدام عبوة ناسفة تم تفجيرها عن بعد بالقرب من موكبه.
ومحاولة اغتيال القاضى أحمد أبوالفتوح، عضو محكمة الجنايات، التى أصدرت حكما على الرئيس المعزول محمد مرسى وعدد من قيادات الإخوان، بمحاولة تفجير سيارته أثناء توجهه لصلاة الجمعة بأحد أحياء مدينة نصر بالقاهرة، فضلاً عن اغتيال أمين شرطة بقطاع الأمن الوطنى بمحافظة البحيرة، واغتيال أمين شرطة بمباحث تنفيذ الأحكام بأكتوبر، وتفجير مقر نادى الشرطة بمحافظة دمياط، وأخيراً تبنيها لحادث استهداف كمين أمنى بالهرم، باستخدام عبوة متفجرة، تسببت فى استشهاد 6 من قوات الأمن بينهم ضابطان، وحرص وزير الداخلية على تدعيم منطقة سيناء بكوادر أمنية كبيرة وزارها بنفسه عدة مرات وووجه ضربات استباقية نجحت فى ضبط العديد من الخلايا الارهابية.
وظهرت العبوات الناسفة عقب عزل محمد مرسى، وفض اعتصامى رابعة والنهضة، ويقدر عدد العبوات الناسفة التى تم استخدامها خلال أول عامين بعد عزل الرئيس الإخوانى، بنحو 689 عبوة ناسفة وبدائية الصنع، فضلاً عن 8750 بلاغًا لعبوات هيكلية لا تحتوى على مواد متفجرة، وفقًا لما أكدته مصادر بالإدارة العامة للمفرقعات.
وتم زرع غالبية تلك العبوات فيما بين عامى (2013 : 2015)، واستهدفت أبراج الكهرباء وشبكات تقوية المحمول وخطوط الغاز، وأقسام الشرطة بالقاهرة والجيزة والأكمنة الثابتة والبنوك والمؤسسات القضائية، وتراجعت معدلاتها تدريجيًا فيما بين عامى 2015 و 2016.
ووفقاً لما أكدته مصادر بالإدارة العامة للمفرقعات، فأن عدد العمليات الإرهابية التى استخدمت فيها الدرجات البخارية، قدر بنحو 65 عملية إرهابية، كان معظمها فيما بين عامى (2013 و2014).
فى ظل نجاح الأمن فى فرض سيطرته وضبط كافة مرتكبى الحوادث الأرهابية وأبرزهم قتلة النائب العام، والقبض على كافة الرموز والقيادات الإخوانية، لجأت الجماعات الإرهابية إلى تطوير عملياتها النوعية عن طريق اللجوء للعمليات الانتحارية بالأحزمة الناسفة كما حدث فى الكنيسة البطرسية بالعباسية وكنيستى مارجرجس بطنطا ومارمرقس فى الاسكندرية، الا ان أجهزة الأمن نجحت فى تحديد هوية الانتحاريين والمحرضين وضبط كافة من حرض وجهز الانتحاريين.
ولم يتوقف دور الأمن عند هذا الحد وإنما أحبطت مخطط إرهابى لاستهداف كنيسة فى الإسكندرية بواسطة انتحارى مزدوج، حيث يفجر شخص نفسه بالكنيسة وعندما يحضر الأمن يفجر أخر نفسه ليقع أكبر عدد من الضحايا لكن الأمن كشف المخطط وضبط الجناة قبل التنفيذ.