جدل كبير أحدثه إعلان منظمة حلف شمال الأطلسى "الناتو"، زيادة الإنفاق العسكرى على مجالى التسليح والأمن الإلكترونى، فقد اختلفت رؤى وسائل الإعلام الغربية حول الأمر، بين الاعتقاد أن جهود ترامب هى الدافع الرئيس لهذا القرار، بينما اعتقدت أخرى أن سياسات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين التى دفعت الأوروبيين إلى العمل الجاد للدفاع عن الجغرافيا الأوروبية والأمن السيبرانى لمؤسسات القارة العجوز.
بوتين
ترامب سبب زيادة الإنفاق
أمس الأربعاء، أعلنت منظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) زيادة الإنفاق العسكرى بما مقداره 12 مليار دولار هذا العام، استجابة إلى مطالب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية فى تقرير لها، إنه بعد سنوات من خفض الميزانية، بدأ إنفاق حلف شمال الأطلسى، باستثناء الولايات المتحدة، فى الزيادة بشكل طفيف فى عام 2015، مع تحقيق مكاسب أكبر فى العام الماضى.
ونقلت الصحيفة عن جينز ستولتنبرج، الأمين العام لحلف الناتو، قوله: "إن الارتفاع الأخير يمثل زيادة بنسبة 4.3٪ عن العام الماضى، وأن الإنفاق العسكرى ارتفع بمقدار 45.8 مليار دولار منذ عام 2015".
وقال التقرير نقلا عن ستولتنبرج، فى بروكسل: "لقد نقلنا التروس، وهذا الاتجاه هو الأعلى، ونحن نعتزم الحفاظ عليه"، فى إشارة إلى سياسات الناتو الجديدة القاضية بضخ موارد إضافية إلى ميزانية الإنفاق العسكرى.
ترامب
ورأى التقرير، أن هذه الزيادة تأتى بعد جهود الدفع التى قامت بها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والتى كانت زيادة الإنفاق على الأمور العسكرية جزءا أساسيا من جدول أعمالها، على خلفية الاعتقاد السائد فى واشنطن أن حلفاء الولايات المتحدة فى الناتو لا يدفعون نصيبهم العادل، على الرغم من أنه ليس واضحا إلى أى مدى أدى الضغط إلى إقناع الأوروبيين، بهذا الأمر، خاصة أن هناك اجتماعا جرى فى الأسابيع الأخيرة بين ترامب وأمين عام حلف الناتو وتحدث من خلاله ترامب عن رؤيته لهذه الجزئية.
وأضاف التقرير، أن ربع الزيادة تقريبا لهذا العام فيما يتعلق بزيادة الإنفاق العسكرى بشأن الناتو سيتم إسنادها إلى ألمانيا بواقع نسبة 8 %، هذا فى الوقت الذى أعلنت فيه برلين بالفعل عن زيادة ميزانيتها قبل انتخابات ترامب، وقال المسؤولون الألمان إن الزيادة ليست بسبب مطالب الإدارة الحالية فى البيت الأبيض، ما يدعم أن تكون روسيا هى الدافع وليس واشنطن.
ونوه التقرير، إلى أنه ما تزال مطالبات ترامب إلى حلفائه بالوفاء بتعهداتهم وتحقيق المزيد من الإنفاق جارية، مضيفا أن الزيادة فى عام 2017 تعد بالتأكيد أكبر من الزيادة المتحققة فى العام الماضى.
جيمس ماتيس
وأشار التقرير إلى أنه فى العام 2016، وحتى قبل انتخابات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وتحت ضغط من إدارة أوباما، ارتفع الإنفاق العسكرى الأوروبى والكندى بنحو 10 مليارات دولار، أى بما يعادل 3.8٪ عن العام الذى سبقه، وهو العام 2015.
الناتو والمادة 5
بموازاة ذلك، حذرت منظمة الناتو من أن تؤدى الهجمات السيبرانية إلى استخدام "المادة 5" من ميثاقها والتى تتناول الدفاع المشترك فى حالة تعرض أى دولة عضو بالمنظمة إلى أى هجوم، فى إشارة إلى الرد على الهجمات الإلكترونية التى طالت مؤسسات أوكرانية، وتتهم فيها روسيا.
وتفيد المادة الخامسة أنه من شأن الهجوم السيبرانى ضد أى دولة عضو أن يؤدى فى الفقرة "سي" ـ الخاصة بالدفاع المتبادل ـ إلى التدخل والدفاع المشترك عن الدولة التى طالها الهجوم، قبل أن ينتشر الهجوم فى بقية دول العالم.
وأفاد تقرير مطول نشرته صحيفة "التليجراف" البريطانية أن الناتو يعتقد على نطاق واسع أن الهجوم الإلكترونى العالمى الأخير قد صمم فى الأساس ليسبب الفوضى وليس بهدف الابتزاز.
ونوهت الصحيفة إلى الإشارة التى وجهها مسؤولون أوكرانيون إلى أن دور روسى فى شن هذا النوع من الحرب "غير المعلنة" مع أوكرانيا فى شرقى البلاد ووجهت إليها مسؤولية الهجمات السيبرانية السابقة على العاصمة الأوكرانية كييف.
جينز ستولتنبرج
من جهته قال جينز ستولتنبرج، أمين عام حلف الناتو، إن أعضاء التحالف اتفقوا فى العام الماضى على أن الهجوم السيبرانى يمكن أن يؤدى إلى استخدام المادة 5 من معاهدة شمال الأطلسى على غرار الهجوم العسكرى التقليدى ووعد بتقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا لتعزيز دفاعاتها الإلكترونية.
وقال ستولتنبرج فى مؤتمر صحفى عقده فى عاصمة الاتحاد الأوروبى، مدينة بروكسل البلجيكية، يوم الأربعاء إن "الهجوم الذى وقع فى مايو والأسبوع الماضى يؤكد على أهمية تعزيز دفاعاتنا الإلكترونية وهذا ما نقوم به".
وأضاف قوله: "إننا نتدرب كثيرا، ونتقاسم أفضل الخبرات التكنولوجية، ونعمل أيضا بشكل أوثق مع الحلفاء".
بين بوتين وأوباما
يأتى هذا بينما رأت مجلة السياسة الخارجية الأمريكية "فورين بوليسى"، أن رئيسا واحدا هو الذى دفع دول الناتو إلى العمل معا على زيادة الإنفاق العسكرى، مؤكدة أن هذا الرئيس يجلس فى موسكو وليس واشنطن، فى إشارة إلى أن الرئيس الذى حث الناتو على اتخاذ تلك التدابير هو الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وليس الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
وقالت المجلة، فى تقرير موسع لها نشرته من خلال موقعها الإلكترونى على الإنترنت إن الأمين العام للناتو جينز ستولتنبرج، أعلن أن عضاء الناتو غير الأمريكيين سيعززون إنفاقهم الدفاعى بنسبة 4.3 فى المئة هذا العام فى الوقت الذى يسعى إلى مواجهة العدوان الروسى الإلكترونى ومواجهة التهديدات الإرهابية القادمة من الشرق الأوسط.
وقال الجنرال جينز ستولتنبرج للصحفيين يوم الأربعاء الماضى"للحفاظ على أمن دولنا، يتعين علينا مواصلة العمل على زيادة الإنفاق الدفاعى وتقاسم العبء بصورة أكثر عدالة عبر تحالفنا".
هجمات إلكترونية على دول الناتو
ونقلت المجلة الأمريكية عن ستولتنبرج قوله: إن أعضاء الناتو من خارج الولايات المتحدة سيزيدون بشكل جماعى الإنفاق على الدفاع بنسبة 4.3 فى المئة فى عام 2017 بزيادة 12 مليار دولار عن عام 2016، وإن الأموال سيتم تحويلها إلى تدريبات عسكرية جديدة ومعدات لمساعدة قوات الناتو على الانتشار السريع فى حالة الطوارئ، كما ستذهب أجزاء من الأموال الجديدة إلى مرتبات القوات ومعاشاتها التقاعدية".
ولفتت المجلة إلى أن تقاسم العبء المالى مثّل ـ منذ فترة طويلة ـ نقطة حساسة فى العلاقات بين الولايات المتحدة وحلف الناتو، وقد دفعت واشنطن، التى تعد أكبر منفق للدفاع فى الناتو، الحلفاء إلى دفع حصتهم العادلة، لكنها أيضا نوهت بعبارات صريحة إلى أن سياسات بوتين الهجومية الإلكترونية على الدول الأعضاء بالناتو هى المحرك الأكبر لدول المنتظمة لزيادة الإنفاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة