الضربات الدبلوماسية الموجعة التى وجهتها مصر والسعودية والإمارات والبحرين وعدة دول أخرى بمقاطعتهم لقطر ، أفقدت تميم عقله ، فراح يتصرف باندفاع وتهور وعدم اتزان ، خاصة مع تواتر المعلومات المؤكدة عن الغضب المكتوم الذى بدأ يزداد لدى أفراد الشعب القطرى ، الذين وجدوا أن سياسات العائلة الحاكمة وضعت الدوحة فى عزلة عن العالم الخارجى ، وأدت إلى قطع أواصر القرابة والروابط مع الأشقاء فى الدول العربية والخليجية.
الرعب الذى يجتاح تميم وأسرته الحاكمة من احتمال تحول الغضب المكتوم لدى الشعب القطرى إلى ثورة شعبية جارفة ، تطيح به وأسرته من حكم قطر ، جعل تميم يعيش فى حالة من والخوف والفزع ، بل أن خشيته من ثورة تقوم ضده فى أى وقت جعله يفقد الثقة تماما فى الحرس الأميرى الخاص به أو حرس القصر ، خوفا من أن ينضم هؤلاء الحرس إلى الغضب الشعبى إذا انفجر فى وجهه ، ولذلك لم يجد تميم سوى اللجوء إلى اصدقائه حكام إيران لمساعدته فى الخروج من المأزق ، فما كان منهم سوى إرسال وحدة صغيرة من الحرس الثورى الإيرانى لحماية تميم من أى انقلاب أو ثورة ضده ، على أن تكون مهمتهم الأساسية حماية الأمير ، وتهريبه "سالماً " هو وأفراد اسرته إلى إيران فى حالة قيام ثورة شعبية ضده .
وكشفت مصادر من داخل العاصمة القطرية، الدوحة، أن عناصر من الحرس الثورى الإيرانى شوهدوا داخل القصر الأميرى لحمايةالأمير وحماية القصر، تحت ذريعة وجودهم لتدريب بعض القوات.
وقالت المصادر أن العناصر الإيرانية المتواجدة داخل القصر الأميرى الذى يتواجد به أمير قطر تميم بن حمد، ظهروا وهم يرتدون الزى العسكرى القطرى، لإخفاء هويتهم عن المترددين على الديوان، لافتة إلى أن هذا التواجد من جانب قوات الحرس الثورى الإيرانى يأتى كامتداد طبيعى للعلاقات بين البلدين خاصة عقب فتح الأجواء اليرانية للطيران القطرى عقب قرار دول الخليج غلق الأجواء أمام الطيران القطرى .
من ناحيتها حاولت إيران الاصطياد فى مياه الخليج العكرة، ووضع قدما لها فى إحدى دول الخليج عن طريق قواتها من الحرس السورى ، فضلا عن استغلال الأزمة الخليجية، عقب القطيعة العربية لدولة قطر بسبب سياسات تميم بن حمد آل ثانى، مستغلة بذلك رهانات الأمير الصغير عليها قبيل أيام فى تصريحات غازل فيها حكام طهران، معتبرا أنها دولة ذات ثقل اقليمى ليس من الحكمة التصعيد معها، منحازا لأذرعها فى المنطقة "حزب الله وحماس".
وإعمالا بمبدأ "عدو عدوى صديقى"، قالت مصادر إن إيران ستلقى بثقلها خلف قطر، وستعزز من تحالفها ومساندتها الفترة المقبلة وستقدم لها المساعدات وتجذبها إلى المحور الإيرانى، رغم الاختلافات فى الرؤى فى بعض الملفات الاقليمية، وذلك نكاية فى الدول العربية والخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وبحسب المصادر، فإن قطر دويلة صغيرة من السهل أن تسيطر طهران على قرارها، خاصة أن البلدين يتمتعان بعلاقات متجذرة، تصل إلى حد التعاون الأمنى والعسكرى، حيث كانت الدوحة أول دولة عربية توقع اتفاقية أمنية مع الحرس الثورى الإيرانى فى 2015، منحت فيها طهران حق تدريب الجيش القطرى فى جزيرة قشم جنوب إيران.
وحاولت طهران استثمار القطيعة ومنع هبوط الطيران القطرى فى المطارات الخليجية والعبور من أجواءها، لملء جيوبها بدولارات الإرهاب القطرية، واعتبر إعلام طهران أن المجال الجوى الإيرانى سيكون المنفذ الوحيد أمام الدوحة للهروب من القرارات العربية والخليجية عقب قطع العلاقات الدبلوماسية، وقالت أن "سماء إيران أنقذت طائرات قطر".
وفتحت الدولة الفارسية المجال الجوى أمام قطر، وأكد مسئول إيرانى أن خطوط الطيران القطرية ستعبر من الآن وصاعدا الأجواء الإيرانية نحو أوروبا وأفريقيا، وأنه سيتم فتح المجال الجوى الإيرانى أمام الطائرات القطرية.وبحسب وكالة مهر، قال المسئول في شركة المطارات الإيرانية أن الطريق الوحيد لعبور الطيران القطرى هو سماء إيران، ما سيرفع دخل البلاد من رسوم الطائرات القطرية التى سوف تعبر الأجواء الإيرانية.
وأوضح أن المجال الجوى الإيرانى يشهد يوميا عبور 955 طائرة، ومع فرض الحصار على قطر يتوقع إضافة 200 رحلة للخطوط الجوية القطرية، الأمر الذى يرفع من دخل البلاد.وأضاف إن أغلب الخطوط الجوية القطرية المتجهة نحو شمال أفريقيا وجنوب أوروبا كانت تعبر سابقا عبر الأجواء السعودية ثم مصر، إلا أن إغلاق هذين البلدين أجوائهما أمام قطر أدى إلى تغيير مسير طائرات الخطوط الجوية القطرية لتعبر من إيران نحو العراق ثم الأردن ثم شمال أفريقيا
وفى تقريرها قالت وكالة إيسنا الإيرانية فى تقريرها، نظرا للقيود المفروضة على قطر، فان عبور طائرات الخطوط الجوية القطرية من المجال الجوى الإيرانى سيكون خيار الدوحة الوحيد، مشيرة إلى أن المسئولين القطريين سيرجحون المجال الجوى الإيرانى على العراقى الملىء بالمخاطر الأمنية.
واعتبرت الوكالة، أن عبور الطيران القطرى من أراضيها، سوف يخلق مصادر دخل جديدة إلى طهران، نظرا لرسوم العبور التى ستدفعها قطر، بالاضافة إلى أن ذلك سيرفع من نفوذ طهران على الصعيد الاقتصادى فى المنطقة.
وقالت وسائل إعلام إيرانية، إن سماء إيران ستكون المنفذ والمجال الجوى الوحيد أما طائرات الدوحة التى تقصد سنويا أكثر من 150 وجهة فى العالم، وتقوم برحلات يتخطى عددها 165 ألف رحلة جوية، معتبرة أن طهران هى المستفيد من ذلك، إذ إنها ستكون المنفذ الوحيد لعبور طائرات الخطوط الجوية القطرية، ما سيجلب إليها عائدات تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار.
ونشر إعلام إيران، صورة تظهر تكدس المجال الجوى الإيرانى، ومنطقة غرب إيران، بطائرات الخطوط الجوية القطرية، بعد أن اتخذت الدول الخليجية والعربية قرارا بالإجماع بمنع هبوط وعبور الناقلات الجوية القطرية فوق أراضيها.
وحاولت طهران أن تخطو خطوات أكبر لكسر عزلة الإمارة الإرهابية، وفتحت أحضانها لحليفها فى دعم الإرهاب، حيث عرضت تقديم المساعدات الغذائية إلى المواطنين القطريين، عقب انهيار مخزون السلع المادية فى قطر، وأعلن رئيس نقابة مصدرى المحاصيل الزراعية في إيران، رضا نورانى، استعداده لتصدير مختلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية إلى قطر عبر 3 موانئ فى جنوب إيران.
وقال المسئول الإيرانى، :" بعد إغلاق المعابر البرية مع قطر من جيرانها وكذلك المرافئ فإن إيران قادرة على شحن المواد الغذائية إلى قطر في غضون 12 ساعة، وحدد نوراني موانئ "بوشهر" و"بندر عباس" و"بندر لنكه" لتكون متاحة للتصدير"، مقدّرا بأن الدوحة تستورد منتجات غذائية بما بين أربعة إلى خمسة مليارات دولار من السعودية والإمارات ومصر.
ومنذ بداية الأزمة حاولت طهران تقديم نفسها إلى الدوحة كحليف بديل للقوى السنية الرافضة لسياساتها، كما سعت طهران للاصطفاف إلى جانب الدوحة، أمام القطيعة الدبلوماسية المفروضة عليها هى الأخرى من دول مجلس التعاون الخليجى العام الماضى، عقب الهجوم على المقار الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية فى إيران، ففى محاولة يائسة لكسر عزلة الدوحة أجرى وزير الخارجية الإيرانى، محمد جواد ظريف، مساء الاثنين، محادثات هاتفية مع نظيره القطرى، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، تناولت الأزمة الدبلوماسية التى تمر بها منطقة الخليج.
ولم تكتف طهران بذلك، بل كانت الدولة الوحيدة التى رفضت عزل الدوحة، وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن الحظر الذى فرضته بعض الدول الخليجية تتقدمها المملكة العربية السعودية إلى جانب مصر، على قطر مرفوض، لافتا إلى أنه ليس فعالا، على حد تعبيرها.
ودافع مسئولو إيران عن قطر، إذ اعتبر حميد أبوطالبى، المساعد المتخصص بالشؤون السياسية بمكتب الرئيس الإيرانى، أن قطع العلاقات مع الدوحة "ليس حلا" وأن عهد ما وصفه بـ"الشقيق الأكبر" قد انتهى، بينما بدأت دوائر إيرانية بعرض تصدير الأغذية إلى قطر على خلفية إغلاق حدودها مع السعودية، و وصف قرار قطع العلاقات مع قطر بأنه "ليس حلا لإنهاء الأزمة" وكتب على حسابه بموقع تويتر قائلا إن ما وصفه بـ"عهد التحالفات والشقيق الأكبر" قد انتهى.