لم تسر خطة رئيسة وزراء بريطانيا كما كانت تأمل عندما دعت لانتخابات مبكرة فى إبريل الماضى على أمل تدعيم موقف حكومتها المؤيد للخروج "الصعب" من الاتحاد الأوروبى قبل المفاوضات التى من المفترض أن تعقد فى 19-20 مايو الجارى، ولكن خسرت تريزا ماى رهانها على الانتخابات بعد فشل حزبها "المحافظين" فى الحصول على أغلبية البرلمان، لتنتهى مقامرتها ببرلمان معلق.
ورغم أن حزب المحافظين حصل على أكبر عدد من المقاعد فى البرلمان وأكبر عدد من الأصوات.، إلا أنه فشل فى تأمين 326 مقعد، للوصول إلى الأغلبية المطلقة التى ستعضد من موقف رئيسة الوزراء بشكل كبير فى المفاوضات مع التكتل الأوروبى، وبالتالى لم يفز أى حزب بالأغلبية التى تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده.
ورغم دعوات جريمى كوربين، زعيم حزب العمال والذى خرج منتصرا من هذه الانتخابات بغض النظر عن عدد المقاعد الذى حصل عليها حزبه، إذ أنه تحول من سياسى "منبوذ" يتعرض لانتقادات من كل صوب، إلى منافس عنيد فى الانتخابات استطاع أن يعيد شعبيته ويهز صورة منافسته ماى، بل وأن يسحب البساط من تحت أقدامها، إلا أن رئيسة الوزراء أكدت أنها لا تعتزم الاستقالة وبدأت التحرك بالفعل لتشكيل حكومة أقلية مع الحزب الاتحادى الديمقراطى، الذى يوصف بأنه أكبر حزب سياسى فى أيرلندا الشمالية ويعارض الانفصال عن المملكة المتحدة. وفاز الحزب بـ 10 مقاعد وهو عدد أكبر مما تحتاجه ماى لتأمين موقف حزبها.
وقالت ماى فى كلمة لها اليوم تؤكد تحديها لدعوات الاستقالة "البلد يحتاج إلى استقرار ويقين فى المستقبل. البلد يحتاج لقيادة تستطيع بدء مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 10 أيام فقط. لحزب المحافظين والحزب الاتحادي الديمقراطي الشرعية اللازمة لتحقيق الاستقرار المنشود.
وذهبت ماى فى وقت سابق من اليوم الجمعة إلى قصر باكينجهام الملكى لمقابلة الملكة إليزابيث للحصول على إذنها للبدء فى تشكيل الحكومة.
ولكن تشكيل هذه الحكومة لن يضع نهاية لهذه الفوضى، إذ يعتزم كذلك حزب العمال على تشكيل حكومة أقلية كذلك، مما يعنى أن موقف الحكومتين سيكون ضعيفا، ومن المحتمل الدعوة إلى انتخابات جديدة إن فشلت الأحزاب فى تشكيل حكومة ائتلافية.
ولكن يرى المحللون إن هذه الانتخابات تشكل عودة برلمان مبنى على حزبين، بمعنى أن حزبين رئيسيين يحظيان بأكبر عدد من المقاعد، كما يعتبرون أن كوربين كان حصان هذه الجولة الأسود.
وتضيف صحيفة "الجارديان" البريطانية إن نجاح كوربين يأتى من اعتماده على قوى لم تكن مستهدفة من قبل مثل فئة الشباب التى يعرف عنها إنها ليست فئة تميل إلى الاقتراع. لكن تمكن زعيم حزب العمال من مغازلتهم وكسب أصواتهم.
وبالطبع تابع قادة الاتحاد الأوروبى فى بروكسل عن كثب نتائج الانتخابات في بريطانيا إذ أن وجود برلمان معلق من شأنه أن يضعف موقف بريطانيا في التفاوض عند بدء محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبى بعد 11 يوما، كما هو مقرر.
وتوقعت صحيفة "الجارديان" أن يستغل القادة الأوروبيون ضعف موقف تريزا ماى فى المفاوضات وأن يضغطوا عليها، لاسيما وإن مسئولى الاتحاد الأوروبى يأملون أن تكون نتيجة الانتخابات عاملا لتراجع بريطانيا عن التهديد بخروج دون اتفاق، أو بالخروج الصعب، حيث كانت تريد تريزا ماى فرض شروطها على التكتل الأوروبى لاسيما فيما يتعلق بحرية الحركة والسوق المشتركة.
معلومات عن حكومة الأقلية
يقول موقع بى بى سى عربى إن البرلمان البريطاني يتكون من 650 دائرة تمثل المملكة المتحدة، ويتعين على أحد الأحزاب الحصول على 326 مقعدا لضمان تشكيل حكومة أغلبية. وهذا العدد يعطى الحزب الفائز أكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان المؤلف من 650 مقعدا، ما يمكن أعضاءه من تمرير القوانين بدون الاستعانة بأى حزب آخر.
وقبل الانتخابات المبكرة التي عقدت أمس، كان لحزب المحافظين 331 نائب في البرلمان.
وأوضحت البى بى سى إنه إذا لم يفلح أي حزب في الحصول على 326 مقعدا، فيكون أمامه أحد خيارات ثلاثة: تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب أو أكثر من حزب، أو الدعوة إلى انتخابات جديدة، أو تشكيل حكومة أقلية.
وأضاف أنه في حكومة الأقلية، يدير الحزب الذي حصل على غالبية المقاعد الحكومة. ويكون هناك اتفاق بينه وبين أحد الأحزاب الصغيرة لتشكيل الحكومة، وهو ما انعكس في تصريحات رئيسة الوزراء تيريزا ماي بعد لقائها الملكة عندما قالت إنها ستشكل حكومة جديدة "بدعم من أصدقائنا" في الحزب الديمقراطى الذي فاز بـ 10 مقاعد.
وأضافت البى بى سى أن آخر حكومة أقلية تشكلت في المملكة المتحدة كان فى 1996-1997 عندما اضطر حزب المحافظين إلى الحصول على دعم من حزب آخر بعد انشقاق أكثر من نائب وسلسلة من الهزائم في انتخابات فرعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة