"فريناند ديليسبس" الدبلوماسى الفرنسى الذى يعد رمز حضارى وتاريخى وصانع شريان الحياة بـ مصر وباعث بورسعيد للوجود، إختلفت حوله الأراء فى تقدير الجهود التى بذلها من أجل تنفيذ مشروع حفر القناة وإنقسم الباحثون فريق أثنى عليه وآخرون لم يرو له أى فضل فى إخراج المشروع رغم أن تنفيذ المشروع يرجع نتائجة لأروع عمل حدث فى القرن التاسع عشر.
"اليوم السابع" إلتقى بالمؤرخ طارق إبراهيم الحسينى مديرعام الآثار ببورسعيد، ليروى قصة حفر القناة بما لها وما عليها فقال بوضوح لقدإختلفت الأراء فى تقدير قيمه المجهود التى بذلها فريناند ديليسبس من أجل تنفيذ المشروع وإنقسم الباحثون إلى فريقين فريق يثنى على الرجل ويعتبره هو صاحب الفضل فى إخراج المشروع إلى حيز الوجود .
وأخر لا يرى له أى فضل فى إخراج المشروع إلى حيز الوجود إذا كان ديليسبس من رجال السلك الدبلوماسى و لم تكن فى ماضيه أى صله تربطه بالمشروع من الواجهه الفنيه لأنه لم يكن من المهندسين ولا من رجال المال و الأعمال.
وقال مدير الآثار ومع ذلك فإن السنوات التى قضاها ديليسبس فى السلك الدبلوماسى جعلته خير من يحمل عبء تنفيذ المشروع الذى كان فى أمس الحاجة إلى جهود دبلوماسية أكثر من أى شئ أخر حتى ذهب البعض إلى حد القول بأن تنفيذ المشروع كان نتيجة لأروع عمل دبلوماسى حدث فى القرن الـ19.
وأضاف أن "شونفبلد" أكد أن فكرة المشروع توصيل البحرين قد تحققت بفضل ديليسبس الرجل الذى أوتى صبرا لا ينفذ وفؤادا لا يتطرق إليه اليأس ونفسا تمتلئ حماسة، ورجل يعرف كيف يتعامل مع رجال السياسة.
ومن ثم يرى هؤلاء أن القناة قد أنشأت لأن هذه الصفات جميعها وجدت فى شخص "ديليسبس" الذى إستطاع أن يوفق بين المصالح المتعارضة للدول الأوربية ولم يكن يستطيع فعل ذلك رجل متعصب يؤمن بأسطورة الجنس أوعبقرى من عباقرة الحزب أو وطنى متطرف ضيق التفكير.
بينما أعتبر "برتو" ديليسبس الرجل الذى إختارته العناية اللآهية لتنفيذ المشروع الذى كان فوق طاقة البشرأما "سيجفريد" فاعتبره رجل من طراز "ماجلان" و"فاسكو دى جاما" لأنه من أوجد القناة فأوجد طريقا عالميا جديدا.
ومن جانبه استدرج مدير الأثارقائلا أننا لا نستطيع أن نجعل الفضل كله فى تنفيذ المشروع من نصيب "ديليسبس" وحده كما أننا لا نستطيع ان نحرمه ثمرة جهوده بل يجب أن نبالغ فى إضفاء المجد على ذلك الشخص الذى قاد المشروع إلى نهايته.
وأوضح أن "ديليسبس" نجح فى كفاحه من أجل تنفيذ المشروع لأنه محاط بالمعلومات الفنية التى أثبتت أهيمة المشروع وشدت من أزره خلال المعركة التى أستخدم فيها كل مواهبه.
ومن ثم رحل الدبلوماسى الفرنسى بعد أن حقق حلمه تاركا وراءه مشروعا غير وجه الأرض وخلف وارءه أثارا شاهدة على عصره ومقتنيات تعبر عن وجوده على أرض القناة وإن اعتراها البعض بالتجاهل والإهمال بل والنفى إلا انها لا تزال قابعة وشاهدة على وجوده وربط الشرق بالغرب عبر وسيلة آمنة ألا وهى قناة السويس.
وكشف مدير الأثار أن مدخل القناة الشمالى ظل على حاله حتى العيد الثلاثين لإفتتاح القناة فى عام 1899 عندما أراد المسئولون بشركة القناة تجميل مدخل الميناء وتحويله إلى رصيف بحرى كما أرادوا فى الوقت ذاته تخليد "ديليسبس" صاحب إمتياز حفر القناة بإنشاء تمثال له على الميناء فى النهاية الشمالية للممشى أو الرصيف.
وتابع قائلا بأنه بالفعل أسندت عملية إنشاء الرصيف والقاعدة للمقاول الإيطالى "ألبرتى" أما التمثال فاسندت عملية نحته للمثال الفرنسى"إيمانويل فريميه" وجاء الرصيف عند بداية انشاءه عبارة عن جسر حجرى يعلوه ممشى يمتد من الجنوب إلى الشمال داخل مياه البحر بطول 350 متر عند نهايته، وعرضه 6.30 متر، وإرتفاعه 2.60 متر محمول من أسفل بدايته من الجنوب وحتى المنتصف على 16 عشر عقدا من العقود المفتوحة والتى تسمح بمرور الماء بين البحر والقناة.
وفى سياق متصل أكد طارق أن قاعدة التمثال شيدت فى نهاية الممشى على قاعدة قطرها 17 مترا وإرتفاعها 9.40 متر وكان يتم الوصول إليها فى الماضى بواسطة 5 درجات سلم جاء تصميمها العام على شكل عامود دون تاج قائم على قاعدة على شكل ناقوس مقلوب قائم من أسفل على كرسى كبير نسبيا و مصطبة مربعة طول ضلعها 7 متر وإرتفاعا 75سم .
وعن التمثال فقال أنه صنع من البرونز وطلى باللون الأخضر البرونزى مجوف من الداخل يزن 17 طنا ويرتفع بالقاعدة المعدنية 7.5متر.
وقال مدير الآثار أن حفل تنصيب تمثال "ديليسبس" على قاعدته بمدخل القناة الشمالى شهده كبار رجال الحكم فى مصر كالخديوى عباس حلمى الثانى والأمير عمر طوسون والغازى مختار باشا وعزيز بك حسن ومصطفى فهمى رئيس النظار وحسين فخرى وبطرس غالى ومحافظ عموم القناة حسين واصف بك والبرنس دارنبرج رئيس مجلس إدارة شركة القناة واللورد كرومر المعتمد البريطانى ورجال السلك الدبلوماسى وجميع قناصل الدول الأجنبية فى بورسعيد.
وأضاف بأنه فى اليوم التالى لجلاء القوات البريطانية والفرنسية عن أرض المدينة فى 24 يوليو عام 1956قام المواطنون من أبناء بورسعيد بنسف التمثال وإسقاطه من قاعدته.
ويتساءل مدير الأثار من يحسم قضية عودة تمثال ديليسبس من مخازن الترسانة البحرية ببورفؤاد بعد أن تباينت إراء أبناء المدينة لعودته فهناك من يراه خائن ومستعمر وأخرون يرون أنه رمز حضارى وصانع شريان الحياة بمصر وجزء من التاريخ وباعث بورسعيد للوجود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة