فى سياق يبدو كوميديا لا يمكن أن تتعامل بجدية مع مفردات هذا السياق، والحقيقة الواضحة الآن أن ساحة السياسة المصرية تشهد حالة من الفوضى والانحيازات المشبوهة وتناقض المواقف والخطابات، تثير قدرا من الكوميديا السوداء، بقدر ما تدق ناقوس خطر بشأن آليات عمل القوى السياسية وحدود وعيها ومدى انحيازها للرؤية الوطنية والأمن القومى والمصالح العليا للبلاد.
أمام هذا السياق الكاريكاتيرى الذى أصبح كثيرون من اللاعبين فى ساحة السياسة يدمنونه ويصرون على التمادى فيه، يصبح من قبيل الملهاة والكوميديا أيضا أن تتعامل معه بشكل جاد، فعلى قدر الخطاب يكون الجواب، وربما لهذا طور كثيرون من النشطاء ومستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى أدوات وآليات تستفيد من تقنيات العصر، وتلائم حالة التخبط التى تشهدها صفوف المعارضة ومناوئى الدولة المصرية، يُضاف لهذا أن السخرية والكوميديا تمثلان الوسيلة الأولى للشعب المصرى للقصاص ممن يراهم الوعى العام أعداء لمصالحه ووطنه، أو يصطدم بمواقفهم المتلونة والمتضاربة بحثا عن منصب أو شهرة، وخلال السنوات الأخيرة تحول "الكوميك" من مجرد نكات طريفة كاريكاتورية الطابع، ليصبح وسيلة الشباب الأولى للسخرية السياسية، وتحويل مواقف المتناقضين لصور بسيطة تلخص المشهد، وتعبر عنهم بشكل واضح لا يقبل التأويل، ويمتد تأثيرها ربما أكثر من مقالات الصحف والبرامج التليفزيونية التقليدية.
حمدين صباحى.. عواطلى الانتخابات
مواقف مترددة، بحث عن الشهرة، بطولة زائفة، محاولة تكرار نفس المواقف التى رفضها الشارع طوال السنوات الماضية مرات عديدة، والأهم البحث عن الظهور والشهرة وكرسى الرئاسة، أيا كان الثمن حتى لو كان تدمير مصر.. كل هذه الأسباب حولت حمدين صباحى إلى هدف مباشر ومرمى لنيران حفلات الكوميك المصرية، التى نصّبته "عواطلى الانتحابات الأول".
وتشتبك حفلات "الكوميك" مع شخص حمدين صباحى بارتباكه وتناقضاته، معتبرة مجرد محاولته الوصول لمنصب رئيس مصر، بكل الاهتزاز والتخبط اللذين يسيطران على أدائه، مهزلة كبيرة، إضافة لتساؤلات عن مصادر تمويله غير المعلومة، مؤكدين أن قطر ربما تلعب دورا واضحا فى دعمه.
ما وضع كثيرون من ناقدى حمدين صباحى أيديهم عليه، أن جنون العظمة أصابه بشكل مبكر وغير مبرر، ويوما بعد الآخر يزداد هذا الجنون، ويصل ذروته بتصاعد حلم الوصول لكرسى رئاسة مصر، الذى يقوده لاتخاذ مواقف متضاربة والتضحية بأى شىء فى سبيل غرضه، وفى كل مرة يعلن فيها الشعب المصري رفضه وصول "صباحى" لهذا الموقع، حتى وصل الأمر فى الانتخابات الأخيرة أن يحل ثالثا بعد الأصوات الباطلة، ومع كل رفض للشعب المصرى، يزداد جنون صباحى، ومحاولاته البائسة للوصول لحلمه المستحيل ولو عبر له على كل القيم والشعارات التى نادى بها من قبل وتخلى عنها فى محطات لاحقة، ولكن القصاص الساخر كان قويا هو الآخر وعنيفا بالقدر نفسه.
عبده مشتاق.. حازم عبد العظيم "سابقا"
كثيرا ما يحمل القدر مفارقات عديدة، ولا يمكن أن تجد أكثر من أن يكتب الناشط "التويتارى" حازم عبد العظيم عبر حسابه عنوان "أرض النفاق والطرمخة" وهو من قدم كل المتناقضات، داهن كل الأنظمة وجميع السياسيين، من عهد مبارك وحتى التقرب من نشطاء ثورة يناير، وحتى محاولات التقرب من شفيق، ثم الطمع فى منصب مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، وإعلانه تأييده له طمعا فى الظهور، وأخيرا العودة للارتماء فى أحضان جماعة الإخوان الإرهابية بعد فشل محاولاته مع الجميع.
صاحب "أرض النفاق" تحول فى "كوميك" رواد مواقع التواصل الاجتماعى إلى رمز التلون السياسى الأول، وربطوا صورته بإعلان "محدش بيعمل لك حساب"، وشخصية "أوفا" الشهيرة، مؤكدين أنه فى بداية توظيفه فى اللجان الإلكترونية التابعة للجماعة الإرهابية، قال كثيرون إنه اختير لأنه يسير فى قطيع مثل عناصر الجماعة، ولكنهم اكتشفوا أنه يحمل صفات أخرى تضاف إلى صفة السير فى قطيع.
أيمن نور.. مسيلمة الكذاب
لا يوجد أحقر من الهروب من وطنك، سوى أن تكون هاربا وكاذبا ومعاديا للوطن، تضع يدك فى أيدى الأنظمة الخارجية المعادية له، وتفتح قناة فضائية هدفها الأول وربما الوحيد ترويج الأكاذيب والشائعات ضده، وضرب استقراره ومصالحه، وتدمير أهل وأرض الوطن وسفك دماء أبنائه ورجاله، والحصول على دولارات وريالات وليرات أيضا مقابل هذا، وأمام ممارسات أيمن نور ورحلته المليئة بالجرائم والتناقضات لم يجد صناع "الكوميك" وصفا له إلا "مسليمة الكذاب"، تلك الشخصية التاريخية التى ادعت النبوة، وخرجت على الدين والمجتمع ولم تخجل من النبى ولا الله، وهكذا أيمن نور، يدعى الوطنية ويداه ملطختان بدماء المصريين التى تسيل يوميا عبر أعمال إرهابية يدعو لها عبر قناته، وتروج لها أجهزة مخابرات الدول التى يعمل لديها.
المرة الوحيدة التى جلس فيها أيمن نور على مقعد المسؤولية فى مصر كانت فى عهد المعزول محمد مرسى، ليفجر تصريحات كادت تتسبب لمصر فى أزمة دبلوماسية، كشفت كم الجهل الذى يملأ عقل هذه الشخصية المحتمية الآن بتركيا وليرالتها لضرب مصر، وحتى حلفاؤه من جماعة الإخوان الإرهابية، مثل آيات عرابى، أكدوا أنه يبحث عن المصالح الشخصية والمكاسب المادية، عقب إعلانة تدشين كيان جديد مع طارق الزمر، القيادى بالجماعة الإسلامية الهارب خارج مصر وأحد المتورطين فى جريمة اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تحت عنوان الجبهة الوطنية المصرية.
إسراء عبد الفتاح.. ماذا فعلت الدولارات فى الناشطة؟
مع بداية ثورة يناير، ظهر حول التحرك الشعبى الحاشد ما يمكن أن نطلق عليه "طفيليات الثورة"، التى تغذت على دماء الثورة ودماء مصر بأكملها، كانت بداية الأزمة التى تعيشها مصر منذ العام 2011، ووسط هذه الأجواء شكلت حالة التخبط ملاذا آمنا لهذه الوجوه، لتظل حياتهم مستمرة، ويظل عشق الظهور على الشاشات وفى القنوات مستمرا.
إسراء عبد الفتاح واحدة من أبرز هذه الأمثلة، وهو ما حولها وحول آراءها إلى مادة خام لصناعة الكوميك، خاصة بمقارنة مواقفها وعلاقاتها وشكل حياتها ومستواها المادى قبل ثورة يناير، بما وصلت إليه الآن من شهرة وثراء وقنوات اتصال دولية واسعة، لاكتشاف ما فعلته بها الشهرة عقب الثورة، وكيف حاولت بكل الطرق الاستفادة من هذه الظروف والدفع فى اتجاه بقاء مصر فى مرحلة التوتر وعدم الاستقرار، حتى وصل الأمر لأن تدعو على مصر بكلمات واضحة " طربقها بقى يا رب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة