"وداعا للمهندسين اللى مبيعرفوش يشتغلوا بأيديهم مع الجامعات التطبيقية"، حيث تتلخص فكرة هذه الجامعات فى تخريج "الأسطوات" الذين يقدرون على العمل بأيديهم من خلال إشباع حاجات الطلاب النظرية والعملية، إذ يكون القدر الأكبر من الدراسة التى يتلقاها الطالب فى هذه الجامعات "عمليا" داخل جهات العمل المختلفة العاملة بالسوق.
يقدم "اليوم السابع" رصدا لملامح النظام التعليمى العالمى الألمانى خلال زيارة للعاصمة الألمانية برلين، وذلك من خلال التعرف على ملامح هذا النظام بلقاء استمر لمدة 4 ساعات متواصلة مع خبير التعليم الألمانى كريستيان بودة بحضور الدكتور أشررف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة.
ينتج هذا النوع من التعليم الطبقة القادرة على إحداث التغيير فى الصناعة وغيرها من مجالات العمل كإدارة المؤسسات والعمل التجارى، مما يؤدى إلى تخطف الشركات العاملة بسوق العمل لهؤلاء الخريجون، وذلك لجمعهم بين الدراسة النظرية التى يتلقاها طلاب الجامعات البحثية والعمل الفعلى الذى يقوم به به المهندسين والمديرين والممرضين خلال أوقات عملهم، ويؤدى ذلك إلى وجود طبقة قادرة على العمل والتأثير المباشر فى الاقتصاد من خلال الإنتاج القوى القائم على الأصول العلمية والعمل بين الآلات وفى المستشفيات والمؤسسات التجارية.
ويبلغ عدد الجامعات البحثية فى ألمانيا 107 جامعات مقابل 216 جامعة تطبيقية، والجامعات التطبيقية تمثل ضعف الجامعات البحثية، وفى المقابل يدرس ثلثى عدد الطلاب بالجامعات البحثية مقابل الثلث بالجامعات التطبيقية، حيث يبلغ متوسط عدد الطلاب بالجامعة التطبيقية 6 آلاف طالب فيما يبلغ هذا المتوسط بالجامعة البحثية 16 ألف طالب، حيث أكد كريستيان بوددة خبير التعليم الألمانى، أن ألمانيا تتوسع فى هذا النوع من التعليم لتصل لنفس الدرجة التى توجد فى هولندا من حيث كثرة عدد الطلاب الملتحقين بهذه الجامعات التطبيقية، مشيرا إلى أن الجامعة التطبيقية ليست معهد عالى أو وليست جامعة مهنية أو مدرسة متوسطة ولكنها جامعة مثلها مثل الجامعات البحثية.
وفى هذا الصدد، علم "اليوم السابع"، أن هناك توجها مصريا نحو الاستفادة من التجربة الألمانية بشكل كبير خلال الفترة المقبلة وعقد اتفاقات خاصة بتطوير التعليم المصرى بخبرات ألمانية، وأنها الأقرب لمصر والأقدر على تضميد جراح التعليم المصرى خلال الفترة الحالية ولهذا السبب توجه الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى لألمانيا بناء على دعوة جوانا فإنك وزيرة التعليم والبحث العلمى الألمانية الفيدرالية لزيارة برلين بمناسبة مرور 10 سنوات على التعاون العلمى بين مصر وألمانيا، خلال الفترة من 11- 15 يوليو الجارى، بمشاركة الدكتور حسام الملاحى مساعد أول الوزير للعلاقات الثقافية والبعثات وشئون الجامعات، لبحث آليات التعاون بين البلدين فى مجالى التعليم العالى والبحث العلمى.
وشملت زيارة الوزير العديد من الأنشطة واللقاءات مع مسئولى التعليم والبحث العلمى بألمانيا، ومنها: لقاء مع الدكتور جوانا فانك وزيرة التعليم والبحث العلمى الألمانية الفيدرالية لتعزيز سبل التعاون فى مختلف المجالات، وخاصة إنشاء فروع جديدة للجامعات الألمانية فى مصر، وكذلك المشروعات المتعلقة بصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية خاصة فى ظل نجاح هذا النموذج من المنظور الألمانى.
وفى مجال العلوم والتكنولوجيا يلتقى عبد الغفار مع مديرى المركز الألمانى لعلوم الفضاء لبحث آليات التعاون فى مجال أبحاث علوم الفضاء والأقمار الصناعية، وإمكانية تفعيل مشروعات بحثية مشتركة بين المؤسسات البحثية المصرية والألمانية، ويقوم الوزير بزيارة جامعة هومبولدت الألمانية ببرلين كأحد الجامعات الألمانية المرموقة لبحث أوجه التعاون مع الجامعة، ومناقشة إنشاء فرع لجامعة هومبولدت فى مصر، كما يلتقى مع نائب رئيس جامعة العلوم التطبيقية الألمانية لمناقشة إنشاء فرع لجامعة العلوم التطبيقية الألمانية بالعاصمة الإدارية الجديدة، والاستفادة من نجاح تجربتها فى مجال إعداد وتأهيل كوادر علمية مدربة للعمل فى الصناعة، وبحث آليات التعاون بينها وبين مؤسسات التعليم العالى المصرية.
من جانبه، قدم خبير التعليم الألمانى كريستيان بودة، شرحا عن الاختلافات بين الجامعات البحثية والتطبيقية مشيرا إلى أن الجامعات البحثية تمنح الدكتوراه والتطبيقية لا تمنح الدكتوراه إلا بالتعاون مع الجامعات البحثية، مؤكدا الجامعات البحثية لها حقوق متساوية فى التعليم والبحث العلمى وهذه الجامعات مكلفة للغاية لما تنفقه على البحث العلمى، موضحا أن الأستاذ فى الجامعة البحثية يقوم بالتدريس حوالى 8 ساعات فى الأسبوع وباقى الوقت مخصص للبحث العلمى، والجامعات التطبيقية تنفذ بحث علمى تطبيقى عملى من خلال حصولها على تكليفات من الصناعة، والبحث العلمى تبلغ نسبته بهذه الجامعات التطبيقية 25% وعدد ساعات الأستاذ بالجامعة التطبيقية أسبوعيا من 16 إلى 18 ساعة.
وأوضح بودة، أن التدريس النظرى فى الجامعات البحثية كبير والدراسة الأكاديمية أكبر، أما الجامعة التطبيقية تقوم على التطبيق والتدريب، قائلا: "هناك فرق كبير بين تعيين الأساتذة فى كل من النوعين للجامعات فالأستاذ فى الجامعة البحثية يشترط فيه الحصل على الدكتوراه قوية ومشرف على الدوريات العلمية وباحث متميز وقام بعمل أبحاث كثيرة ويقوم بعمل كتاب لمدة 6 سنوات عن البحث العلمى ومتطلبات الأستاذية ويحصل على الأستاذية وهو 45 سنة تقريبا، أما الأستاذ فى الجامعة التطبيقية لابد أن يكون حاصل على الدكتوراه وأن يكون عمل لمدة 5 سنوات فى العمل التطبيقى خارج أسوار الجامعة وأن يكون حقق شيئا ما خلال فترة عمله التطبيقى، إضافة إلى امتلاكه شبكة من العلاقات الصناعات والمؤسسات تفيد الجامعات.
وأشار إلى أن هناك تخصص واحد فى الجامعات البحثية يتبع نفس معايير تعيين أستاذ الجامعة التطبيقية وهو مجال الهندسة وهذا موجود فى ألمانيا فقط، قائلا: "الترتيب العالمى للجامعات أصبح مرض للسياسة التعليمية وتصنيف الجامعات وتحصل الجامعة على تصنيف جيد بنشر أبحاث كثيرة وهذا غير محقق فى الهندسة التى لابد أن يتقن الطالب عمل الهندسة وليس نشر أبحاث علمية، وأحد نقاط تفوق ألمانيا الاقتصادى هو وجود هذه الجامعات التطبيقية لذا أنصح مصر بالاهتمام بالتعليم الفنى والجامعات التطبيقية".
من جانبه، عظم الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة، من دور هذه الجامعات التطبيقية التى قد تمثل إنقاذا للتعليم الجامعى المصرى فى الفترة الحالية متمنيا أن يتم إنشاء هذه الجامعات أو البداية فى إنشائها خلال الفترة الحالية وأن تقبل طلاب الثانوية العامة أولا ثم الدبلومات الفنية وتعمل على تأهيلهم لسوق العمل بالطريقة الألمانية مما يقدم إنقاذا سريعا للتعليم العالى فى مصر ويقدم أيدى عاملى ماهرة للمشروعات الضخمة التى تنفذها مصر خلال الفترة الحالية وعلى رأسها مشروعات المنطقة الاقتصادية بقناة السويس.
وأشار الدكتور أشرف منصور، إلى أن قوة التعليم الألمانى تتلخص بداية فى الجامعات التطبيقية التى توفر موارد بشرية تمثل عصب الاقتصاد الألمانى، مؤكدا أن التعليم الألمانى يتميز بالإنسيايبة الكبيرة فى الالتحاق بهذه الجامعات أو غيرها ويكون للطالب الحق فى تحديد تخصصه ورسم الطريق الذى يسلكه فى هذا التعليم دون وجود عوائق مما يوفر البيئة المناسبة للإبداع.
من جانبه، أشار بدر عبد العاطى سفير مصر بألمانيا، إلى أنه يجرى الآن الحديث مع الجانب الألمانى لإدارة بعض المدارس فى مصر على طريقة المنهج الألمانى فى التعلم لتخريج طلاب لديهم الخبرة الألمانية فى التعامل بسوق العمل، وذلك على غرار الجامعة الألمانية بالقاهرة، موضحًا أن التفاوض مع الجانب الألمانى يشمل تكثيف برامج التعاون والتبادل الطلابى وأعضاء هيئة التدريس، لافتًا إلى وجود زيارة مهمة من وزير التعليم العالى المصرى حاليا لتوثيق التعاون فى هذا المجال الحيوى وخاصة فى العلوم التطبيقية المتقدمة للغاية فى ألمانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة