تضع مصر القضية الفلسطينية على سلم أولويات الدولة المصرية، وهى القضية المركزية التى احتضنتها مصر منذ عام 1948 وقدمت ما يقرب من 100 ألف شهيد دعما للقضية، وهو ما يعطى القاهرة الدور الأبرز والمحورى فى التعاطى مع الأزمات التى تعصف بالقضية الفلسطينية والظروف المحيطة بها.
واتبعت الدولة المصرية ومؤسساتها السيادية استراتيجية الدعم والإسناد لأبناء الشعب الفلسطيني ولا سيما فى قطاع غزة مع استمرار الحصار الإسرائيلى الخانق على القطاع، واحتضنت القاهرة عدد من اللقاءات التى حضرتها قادة من حركة حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار وعددا من الفصائل الفلسطينية لإيجاد آلية واضحة لحل أزمة حصار غزة ودعم صمود الشعب الفلسطينى فى إطار النهج الإنسانى الذى تتبناه مصر لدعم الفلسطينيين.
وجاءت التفاهمات التى جرت خلال الأسابيع الماضية فى القاهرة مؤخرا كتأكيد للدور المصرى التاريخى الداعم للشعب الفلسطينى ومحاولة دعم الأشقاء فى غزة لمواجهة الحصار الإسرائيلى الخانق على القطاع.
تتعامل مصر بالأساس مع قطاع غزة لاعتبارات إنسانية تاريخية ترتبط بدور مصر الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى، إضافة لسعيها للحفاظ على أمنها القومى من الجهة الشرقية، وذلك فى إطار التعاون مع القيادة الفلسطينية ممثلة فى السلطة الوطنية التى تعد الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى.
ونجحت الدولة المصرية فى ترويض حركة حماس الفلسطينية التى تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 عبر فتح حوار مباشر مع قادة الحركة والرجل الأبرز فى حماس وهو يحيى السنوار الذى تم انتخابه رئيسا لحركة حماس فى غزة، ويعد من أبرز كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس والذى يكون له دور كبير فى رسم استراتيجية الحركة.
وفى إطار التفاهمات التى جرت بين مسئولين مصريين وعدد من قادة حماس وعلى رأسهم السنوار واللواء توفيق أبو نعيم، نجحت القاهرة فى دفع حركة حماس على تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود المشتركة مع غزة وبناء جدار عازل وكاميرات مراقبة لضبط حركة الحدود، ومنع عمليات التسلل التى تقوم بها عناصر من السلفية الجهادية فى غزة إلى داخل سيناء.
ونجحت القاهرة فى إحداث اختراق مهم فى أزمة غزة، التى تعد المشكلة الأكبر فى المنطقة، باحتضان اجتماع يجمع القيادى الفلسطينى محمد دحلان، وقادة من حركة حماس يتقدمهم القيادى يحيى السنوار، وذلك لبحث إجراءات التخفيف عن غزة ووضع ورقة تشبه "خارطة طريق" يمكن تطبيق آلياتها بالكامل للخروج من عنق الزجاجة وتحريك المياه الراكدة فى المشهد السياسى الفلسطينى.
ويحسب للقيادة المصرية التى تتولى الملف الفلسطينى، تقويض الدور القطرى العابث بالقضية الفلسطينية، والساعى لخدمة مصالح إسرائيل فى المنطقة على حساب قضية العرب الأولى، وأحدثت الاستراتيجية المصرية مفاجأة صدمت الدوحة التى فتحت خزائنها على مصراعيها لتأجيج الصراع بين حركتى فتح وحماس واستمرار التصعيد العسكرى على الأرض بين حماس وإسرائيل.
وأشاد عدد من المراقبين بالدور المصرى الوسيط والنزيه فى التوافقات والتفاهمات التى جرت فى القاهرة والتى أكدت على أن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى مع المطالبة بإصلاحها وتفعيلها.
التفاهمات التى احتضنتها القاهرة بين وفد حماس ودحلان نجحت فى دفع الأطراف للاتفاق على تفعيل المجلس التشريعى الفلسطينى – معطل منذ عشر سنوات - حسب الأصول والقانون الأساسى، إضافة لتفعيل لجنة المصالحة المجتمعية بحسب اتفاق القاهرة الموقع بين أبو مازن وحركة حماس وكافة الفصائل الفلسطينية وهى اللجنة المعنية لحل مشكلة الدم العالقة منذ الانقلاب الذى قادته حماس عام 2006 سواء من استشهدوا أو جرحوا وهم بالمئات، وضرورة تعويضهم ماديا ومعنويا مثلما حدث فى جنوب أفريقيا.
واتضح خلال اللقاءات التى جرت فى القاهرة، أن حركة حماس لديها نية صادقة لضبط الحدود مع القاهرة بشكل كامل ومنع أى عمليات تسلل إلى الداخل المصرى، وهو ما تجلى فى اعتقال حركة حماس لعدد كبير من المتشددين فى غزة كأول تحرك إيجابى لتقويض حركة الجماعات المتشددة التى تستوطن قطاع غزة.
وشهدت العلاقات المصرية مع قطاع غزة المحاصر إسرائيليا دفء كبير، حيث سارعت مصر لإدخال المحروقات للقطاع، وتطوير معبر رفح البرى بشكل يليق بالدولة المصرية، وقد سهم إدخال المحروقات للقطاع فى حل أزمة الكهرباء العالقة بسبب تقليص الاحتلال الإسرائيلى لها، وتمهيدا لإدخال البضائع للقطاع وإعادة تشغيل المعبر لمغادرة المسافرين خلال الأيام المقبلة.
وساعد توريد السلطات المصرية للسولار إلى غزة فى انخفاض أسعاره مقارنة مع أسعار السولار الإسرائيلى الذى كان يتم إدخاله عبر معبر كرم أبو سالم التجارى، فى الوقت الذى من المتوقع أن تشهد فيه الفترة المقبلة إدخال البنزين والغاز الطبيعى المصرى لغزة فيما ينتظر إدخال مختلف البضائع المصرية بصورة شرعية عبر المعبر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة