اقتربت المقاطعة العربية للدوحة من الشهر، وبدأت توابع الزلزال الاقتصادى الذى تعرضت له قطر من جراء تلك المقاطعة فى الظهور للسطح، ففى ظل نزيف المليارات الذى عانت منه إمارة الإرهاب خلال الفترة الماضية، بدأت "روافد التمويل" التى كانت تقدمها الدوحة لحلفائها فى العواصم العربية لتنفيذ أجندتها فى الجفاف، خاصة المنابر الإعلامية الإخوانية التى كانت تدين بالولاء للإمارة وحكامها، والتى شهدت أزمة مالية خلال الأسبوع الجارى غير مسبوقة.
وكشفت مصادر خليجية أن من أهم أسباب تصاعد الأزمة بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية وقطر من ناحية أخرى، هو تمويلها لتنظيمات إرهابية تعمل على زعزعة استقرار الدول العربية، وتقديم دعم مادى لا محدود للتنظيمات الإخوانية فى دول عربية مثل مصر وتونس والمغرب وموريتانيا، فضلا عن تمويل قنوات إعلامية وصحف فى دول عربية لتنفيذ سياساتها فى المنطقة.
وأكدت المصادر أنه فى ظل الخسائر التى منى بها الاقتصاد القطرى منذ المقاطعة العربية، بدأت تلك الروافد تجف نسبيا وهى تعد أحد أهداف مقاطعة قطر، لافتة الى أن هناك منابر إعلامية فى تونس ولبنان وبعض الدول العربية شهدت أزمة مالية عنيفة خلال الأسبوع الماضى بسبب توقف التمويل القطرى لها بعد الأزمة.
وتوافقا مع تلك المعلومات أعلنت حركة النهضة الإسلامية – ذراع الإخوان فى تونس – وبشكل مفاجئ توقف الجريدة الناطقة باسم الحركة "الفجر" عن الصدور نهائيا، بداية من شهر يوليو الجارى، وعللت الحركة قرارها بأنه نابع من أزمة مالية طاحنة تتعرض لها الصحيفة.
وتأتى تلك الأزمة المفاجئة على الرغم من أن تلك الصحيفة كانت الأكثر استقرارا ماديا منذ أن استأنفت صدورها فى ابريل 2011 بعد الثورة التونسية وصعود الإخوان للحكم، على عكس الوضع العام للصحف التونسية الورقية الأخرى التى كانت تعانى ضغوطا مالية ومازالت مستمرة فى الصدور.
مصادر ربطت بين قرار الحركة بإيقاف الإصدار الصحفى لها وما يتعرض له الاقتصاد القطرى من ضغوط أدى بالدوحة الى وقف تمويلها لبعض المنابر الإعلامية، كما ألمحت المصادر الى علاقة ذلك بتضييق الخناق الذى تعانى منه الحركة الإسلامية فى داخل تونس وتهم تلقيها تمويلات قطرية منذ اندلاع الأزمة بين الدوحة والدول العربية.
وطالب البعض بالتحقيق فى علاقات قطر المشبوهة ببعض السياسيين التونسيين خاصة الرئيس السابق المنصف المرزوقى وقيادات الإخوان بحركة النهضة، واتهم الحزب الدستورى التونسي، تلك القيادات بتلقى تمويلات قطرية لتأجيج الأوضاع فى تونس وتنفيذ مخططات خارجية.
وقال الحزب الدستورى إنه تقدم إلى رئاسة الحكومة بطلب تحقيق جاد حول التمويلات الأجنبية التى تتلقاها أحزاب سياسية بطرق مختلفة عبر جمعيات أو إدخال المال خلسة إلى البلاد، ودعا إلى «التحرى فى كل التصريحات والتقارير وغيرها من الشبهات التى تحوم حول الثراء الفاحش والإمكانيات الخارقة للعادة التى تتمتع بها أحزاب تونسية وعلى رأسها حزب النهضة».
ومن تونس الى لبنان لم يختلف الوضع كثيرا، حيث كشف موقع "ليبانون ديبايت" الإخباري أن بعض المؤسسات الاعلامية اللبنانية، الممولة من دولة قطر، بدأت تعاني من أزمة مالية كبرى ظهرت فى تأخير دفع المستحقات للموظفين نهاية شهر يونيو، وذلك نتيجة الأزمة القطرية - الخليجية .
وأشار الموقع الى أن قطر تمتلك عددا من المؤسسات الإعلامية فى لبنان والدول العربية فضلا عن الدعم الذى تقدمه لمؤسسات أخرى، لاستخدامها كأذرع إعلامية لخدمة أهدافها السياسية وتصفية حساباتها مع جيرانها، حيث تضخ الحكومة القطرية مليارات للترويج للسياسة القطرية، إضافة لمحاولة خلق كيانات إعلامية فى لندن لتشكيل شبكة إعلامية قوية، وتأتى فى مقدمتها جريدة العربى الجديد، وقناة العربى، التى يمتلكها مستشار أمير قطر تميم بن حمد، عضو الكنيست الإسرائيلى السابق، عزمى بشارة.
وتزامن توقف تلك التمويلات مع الأزمة الاقتصادية التى عانت منها الدوحة، حيث لفتت مؤسسات تصنيف عالمية الانتباه إلى أن قطر سيعاد تقييمها وتصنيفها الائتماني مستقبلا، حيث من المنتظر رفع تكلفة الديون القطرية والتأمين على تلك الديون، وقالت مصادر مصرفية خليجية إن المصارف القطرية لن تصمد أكثر من 3 أشهر، حيث يتوقع أن يحدث انهيار شامل للمصارف ابتداء من مطلع سبتمبر المقبل، في حال استمرار المقاطعة وتعنت قطر وعدم استجابتها للمطالب الخليجية.
ويأتي هذا فى الوقت الذي تعاني فيه الدوحة من أزمة حادة في الدولار الأمريكي، وبدء البنوك القطرية في اتخاذ سياسة مالية جديدة لترشيد بيع الدولار خلال الأيام المقبلة، حيث يواصل الريال القطري هبوطه بصورة كبيرة جدا، حيث انخفض خلال الأيام الأخيرة إلى أدنى مستوى له منذ ثلاثة عقود، فقد بلغ 3,77 ريالات مقابل الدولار، في حين أن السعر الرسمي 3,63 ريالات مقابل الدولار.
ويعد تمويل قطر للإرهاب أحد اهم الاتهامات التى قد تعاقب عليها دوليا، حيث دشن مواطنون ونشطاء من عدد من دول العالم التي تعاني شعوبها من الإرهاب العالمي من العاصمة النمساوية فيينا الحملة العالمية لمناهضة التمويل القطري للإرهاب، وسيتم خلالها رفع دعاوى قضائية وطلب تعويضات من الدوحة لتسببها في وقوع ضحايا نتيجة تمويلها للإرهاب.
وأوضح المواطنون والنشطاء في بيان تأسيس الحملة إلى أن مناهضة التمويل القطري الحكومي الرسمي للإرهاب العالمي والممارسات المتطرفة من تنظيمات إرهابية في العالم هدفهم الأساسى، حيث إن الحملة ستتصدى لخطاب التطرف والكراهية الذي عززته قطر إعلاميا ضد ثقافة التعددية والتسامح بين مختلف الجماعات الإثنية والدينية التي تعيش في العالم، منتهكة بذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل المواثيق والمعاهدات الأممية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة