ليس من المؤكد حتى الآن أن يتم الاستفتاء المحدد له 25 سبتمبر المقبل، والذى دعا له رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسعود برزانى، بالرغم من رغبة الكرد العارمة فى الحصول على كيان مستقل يمثل لهم الحلم المفقود منذ العام 1922 بدولة قومية تجمع تحت طياتها كل المكونات الكردية فى الدول الأربع (سوريا ـ العراق ـ تركيا ـ إيران).
فبالرغم من الرغبة الكردية على مستوى النخب وجيل مؤسسى الإقليم ومن بينهم زعيم الحزب الديمقراطى الكردستانى، برزانى، فى الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ومع الأخذ فى الاعتبار الحماسة الشبابية التى تدعم هذا المنحى؛ إلا أن الوقائع تشير إلى أن هذه العملية تواجه صعوبات كبرى تتعلق بالإجابة على أسئلة المستقبل أو أسئلة ما بعد الاستفتاء.
السؤال الأول:
ما هو الإجراء الذى يخطط له بارزانى بعد الحصول على استفتاء الكرد وتأييدهم استقلال الإقليم؟ هل سيطبق الاستقلال فورا ويطالب المجتمع الدولى بالاعتراف بدولة كردية مستقلة؟ أم يعتبره مجرد إجراء ضاغط على اللاعبين الرئيسيين فى بغداد وأنقرة وطهران للحصول على أكبر قدر من المكاسب فى المديين القريب والمتوسط؟ خاصة أنه أشار فى وقت سابق من العام 2016 إلى أنه يرغب فى "استفتاء غير ملزم النتائج".
السؤال الثانى:
كيف سيؤسس بارزانى دولة حبيسة لا بحار لها ولا أصدقاء، ويترك الجيل الجديد فى كيان محاط بعداءات لا قبل له بها، فى ظل حالة الرفض القاطع من جانب القوتين الكبريين فى الإقليم وهما إيران وتركيا مع العلم بأن دولته المفترضة سيكون لها حدود جغرافية مباشرة معهما، هذا إلى جانب أن طهران وأنقرة مختلفتان فى كثير من الملفات لكنهما متفتقتان تماما على منع الكرد من الانفصال.
السؤال الثالث:
ما هو شكل العلاقة بين الأكراد والعرب العراقيين؟ أخذا فى الاعتبار أن كل الآراء على مستوى النخب فى بغداد أو حتى على مستوى القواعد الشعبية ترفض تماما انفصال الإقليم أو استقلاله بسبب علاقات التجارة والنسب المتشعبة بين مكونات الكرد والعرب، فهل سيترك برزانى شعبه فى مواجهة شعب آخر رافض أيضا لهذا الاستفتاء من أساسه؟
السؤال الرابع:
هل لدى كردستان العراق مؤسسات قوية تنهض بدولة حقيقية، أم أن الاستفتاء هو محاولة من حزب برزانى لتدعيم سلطته، وتحقيق تطلعات شخص يريد أن يدخل التاريخ كصانع لدولة الكرد المستقلة، حتى لو حساب مصلحة الكرد أنفسهم؟ لاسيما إذا عرفنا أن تقارير دولية ترى أن الكرد سيكونون أمام ميراث من الإصلاحات السياسية غير المُنجّزة، ولهم مؤسسات ضعيفة خاضعة إلى سيطرة شبكات شخصية، وعلاقات عدائية مع الجوار.
على كل حال يبدو أن برزانى الذى يواجه رفضا بالإجماع فى محيطه الإقليمى والدولى ماضٍ نحو صندوق الاقتراع فى الخامس والعشرين من سبتمبر المقبل، لكنه حتى الآن لم يجب عن الأسئلة الأربعة الملحة والتى لن تحدد فقط مصير الكرد فى العراق لكنها ستنسحب حتما على مصائر الكرد فى الدول الإقليمية الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة