«يكتشف الغامض والمثير.. يستنتج بالعقل الكثير.. كونان الرجل الصغير».. كلمات ما زال صداها يتردد فى آذاننا وذاكرتنا رغم مرور أكثر من ربع قرن على تنفيذها وغنائها، لمؤلفها الذى لم يكن يعلم آنذاك، أنها ستنحت وتترك بصمتها فى عقول الملايين بالعالم العربى، وستحافظ على الطفل الذى بداخلهم مهما كبر بهم الزمان.. هو النجم الأول لكتابة وغناء تيترات كارتون قناة سبيس تون التى رسمت ملامح طفولتنا بشكل كبير.
سنوات مرت يا عزيزى على رحلتنا مع مسلسلات الكرتون، «عهد الأصدقاء- سابق ولاحق- باتمان- موكا- المحترفون - سلاحف النينجا- فرسان الفضاء- سمبا- الصديق الوفى- رحلة الأصدقاء- المحقق كونان، وكابتن ماجد»، وغيرهم مع هؤلاء الأبطال الذين كنا نشاهدهم أمام التلفاز بلهفة وتعطش لنحفظ تترات مسلسلات الكارتون الخاصة بهم، ونرددها عن ظهر قلب، ونحلم أن نكون فى يوم من الأيام أبطالاً مثلهم ولو «فى الحلم».
بينما كان مؤلف وملحن وكاتب هذه الشارات، «طارق العربى طرقان» بعيدًا عن الأضواء، قابعًا خلف الشاشات يزرع فى طريقنا وردة حمراء، يصنع بهجتنا ويملأ خيالنا بقصة جميلة وحكايات محصنة من النسيان.
النشأة والمولد فى بلاد «الشام» كان لهما أثر قوى فى حياة «طارق» الذى ولد فى سوريا من أصول جزائرية، حتى أصبح مؤسسًا لمدرسة موسيقية جديدة فى مجال أغنية الطفل بالعالم العربى، مدرسة تعتمد على إعلاء المستوى فى الكلمات والألحان البسيطة، ودورها الكبير فى توجيه ميولنا وتوسيع مداركنا كأطفال.
«موكلى».. البداية كانت من هنا، بعد انضمام «صانع بهجة الأطفال»، لشركة «زُهرة» التى كانت تتولى دبلجة معظم الأعمال الكارتونية المقدمة عبر شاشات التليفزيون خلال حقبة التسعينيات، حيث أسندت له تتر هذا العمل الذى قدمه عام 1991 بنسخة سورية عامية، قبل أن يقدمه باللغة العربية الفصحى التى أكد أن التتر الخاصة بهذا العمل كان الأصعب فى مسيرته، وتقاضى نظيره مبلغ 200 دولار.
وخلال استضافته فى «اليوم السابع»، يحكى طارق العربى طرقان: «بدأنا بشركة زهرة التى أسست سبيس تون عام 1991، وكان هدفنا العمل للطفل من خلال الشركاء القائمين.. لم يكن الهدف تجاريا بل أخلاقيا وتنمويا، كنا نتجنب الوقوع فى أى خطأ قد يكون تأثيره سلبيا على هؤلاء الأطفال، وكنا نحافظ فى أعمالنا على القيم العربية، وكنت أتلقى من الأهالى عددًا من الرسائل المكتوبة عبر البريد تشيد بما أقدمه».
سنوات تمضى وتمضى، لكن أعمال «طارق العربى» تظل صامدة ومحتفظة بمكانها فى ركن الذكريات بفضل عمقها وقوة تأثيرها، فيؤكد خلال حواره لنا: «شعورى بالسعادة يفوق شعور أكبر نجم.. الناس يعاملونى كذكرى ممتدة من الطفولة.. أتذكر أننى التقيت مواطن أرمينى فقال لى، لقد تعلمت العربية حبًا فى أعمالك التى سمعت أولها بالصدفة».
وعن مشروعاته المستقبلية، كشف أنه بصدد عمل شركة جديدة «شبه عائلية» من خلال أبنائه «محمد وتالا» بالتعاون مع عدد من الشباب الصاعد، بالإضافة على آخر أعماله «عزام» و«سوبر هيرو»، مشددًا على أهمية وضرورة تخصيص القنوات المصرية ساعة يوميًا للأطفال، حيث تفتقد مصر لمثل هذه القنوات والأعمال المتعلقة بصناعة الكرتون، مضيفًا :»الأعمال المصرية تتجه للمحلية بسبب اللهجة العامية، دون الاعتماد على اللغة العربية مما يضعفها على الصعيد العربى».
شعور بالإيمان والسعادة لدى «طرقان» بما قدمه، فيقول: «أغانى الأطفال أقرب لكونها معلومة ورسالة ودعوة للأمل والتفاؤل، والحمد الله، فلم أصنع أملًا كاذبًا أو أبعث برسالة خاطئة خلال أعمالى، فقد كنت أمام مسئولية كبيرة ولم أترك أثر سلبى فى المجتمع ينتج عنه شىء سلبى».
وذكر أنه كان لديه تجربة فى كتابات السيناريوهات والبرامج الإذاعية، كما كانت شركة «زهرة» كانت على وشك إنشاء محطة راديو سبستون الإذاعية ثم سبستون المرئية لزيادة التفاعل وتبسيط وصول الرسالة الإيجابية للأطفال، لم الفكرة لم تنجح لأسباب عديدة.
كما أوضح أن أبرز الكتاب والروائيين المفضلين له، طه حسن والعقاد والحكيم والمازنى، وإحسان عبدالقدوس، معربًا عن إعجابه الشديد بمسلسل «ليالى الحلمية».
وعن الرياضة، قال، إنه ليس متعصب كرويًا، فهو يشجع الجزائر ومصر وسوريا، أما على مستوى الأندية فهو يفضل النادى الأهلى فى مصر، مستطردًا: «أنا جزائرى الأصل وسورى المولد، ومصرى الحنين».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة