يترقب أبناء الوطن العربى ما ستسفر عنه نتائج الاستفتاء المصيرى لإقليم كردستان العراق الذى يترأسه مسعود بارزانى، الرجل الذى تقلد أرفع منصب فى الإقليم ويتمسك بمشروعه التفتيتى لدولة العراق عبر تحديه للعرب ودول العالم بتمسكه بموعد الاستفتاء على مصير الإقليم، بالرغم من رفض الحكومة الاتحادية برئاسة حيدر العبادى للاستفتاء واعتبارها غير دستورى، إضافة لإعلان عدد من الدول وفى مقدمتها مصر ضرورة الحفاظ على تماسك الدولة العراقية ووحدتها مواجهة أى مشاريع تهدف لتقسيم البلاد.
المؤامرة التى يقودها مسعود بارزانى تهدد وحدة العراق وسوريا خلال العقدين المقبلين عبر دعواته للأكراد بضرورة العمل على إحياء الدولة الكردية التى تحطمت على خرائط "سايكس بيكو" وتم تقسيم الدولة الكردية الكبرى وضم الأقليات فى إيران وسوريا والعراق وتركيا، ويسعى رئيس إقليم كردستان بالاستفتاء المزمع تنظيمه 25 سبتمبر المقبل لإعادة المنطقة لما قبل "سايكس بيكو".
الاستفتاء الكردى الذى يشكل نواة لإقامة دولة مستقلة كحلم يسعى الأكراد إلى تحقيقه منذ نال الإقليم المكون من ثلاث محافظات فى شمال العراق حكما ذاتيا عام 1991، ومنذ ذلك الحين يسعى مسعود بارزانى لاستقلال إقليم كردستان عبر ملاحقة الأقلية العربية والتركمانية والآشورية، إضافة لاستغلاله الحرب الأخيرة على داعش فى البلاد للتسويق لقوات البيشمركة وما يعرف بمؤسسات إقليم كردستان وفى مقدمتها حكومة كردستان العراق.
خطورة التحرك الكردى يكمن فى تشجيع الأكراد فى شمال سوريا والذين أعلنوا تشكيل "إدارة ذاتية" شمال سوريا للمطالبة بحكم ذاتى على غرار "إقليم كردستان" وتحرك بعض الأطراف فى جنوب سوريا وإعلانهم قيام "الهيئة العليا للإدارة" وهى تمهد لتشكيل إدارة ذاتية، وهو ما يفسر تمسك مسعود بارزانى الذى يعد حامل أختام "سايكس بيكو 2" والذى يسوق لنزعة الانفصال لدى الأقليات فى الدول العربية.
ما تسمى رئاسة أقليم كردستان العراق أعلنت إن ما يسمى "الشعب الكردى" سيمضى قدما فى الاستفتاء بشأن استقلال الإقليم المزمع فى 25 سبتمبر المقبل، وذلك كان ردا على طلب من الولايات المتحدة الأمريكية بتأجيل الاستفتاء.
وأكد البيان بأن وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون، اتصل هاتفيا برئيس الإقليم مسعود بارزانى معربا عن رغبة واشنطن فى تأجيل الاستفتاء و"تأييدها لاستمرار المباحثات والمفاوضات بين الإقليم وبغداد".
وأضاف البيان أن "التعايش السلمى الذى كان يشكل الهدف الرئيسى لكردستان مع العراق فى المراحل التاريخية المتعاقبة التى مر بها الجانبان لم يتحقق"، مشددا على أن الشعب الكردستانى "سيمضى فى طريقه وسيقرر مصيره".
وعبرت مصر عن موقفها الرافض للتحرك بشكل منفرد فى العراق ودعت للتنسيق مع الحكومة الاتحادية فى بغداد، وأعرب السفير المصرى فى بغداد، علاء موسى، عن موقف القاهرة من استفتاء إقليم کردستان المزمع إجراؤه فى سبتمبر المقبل، مؤكدا أن مصر ترفض أى تحرك أحادى فى العراق دون الرجوع إلى الحكومة المركزية فى بغداد.
وأكد السفير المصرى فى بغداد أن موعد الاستفتاء شأن داخلى يخص العراقيين أنفسهم، موضحا أن ثوابت السياسة الخارجية المصرية التى لم تتغير هو أن مصر ترى أن قوة العراق تكمن فى بقائه موحدا متجانسا متناغما بين أطيافه المتعددة التى تشكل فى مجموعها الدولة العراقية.
وشدد السفير المصرى على دعم مصر لوحدة وسيادة العراق، محذرا من مؤامرات التقسيم التى تواجه المنطقة العربية فى هذه المرحلة الدقيقة، وأهمية تضافر الجهود العربية وتجاوز الأزمات التى تشهدها المنطقة.
ويمارس رئيس الوزراء العراقى ضغوطات ضد رئيس الإقليم مسعود بارزانى الذى يسعى لتحقيق حلم تاريخى يراود المكون الكردى فى المنطقة بإحياء الدولة الكردية الكبرى. فيما اعتبر العبادى الاستفتاء المزمع تنظيمه فى إقليم كردستان العراق غير دستورى، وأنه لن يتم التعامل معه، فضلا عن رفض كثير من دول العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة لتنظيم الاستفتاء.
التحركات الخبيثة التى يقودها بارزانى والتى تعد طعنة مسمومة فى الجسد العربى عارضها عدد من أبناء الشعب العراقى داخل إقليم كردستان فقد نظم عدد من السياسيين والنشطاء وقفات رافضة للاستفتاء، مؤكدين أن العملية التى يقودها بارزانى تهدد وحدة الدولة الكردية وتضر بالأكراد.
ووصف المتظاهرون الخطوة الكردية بأنها خطأ تاريخى خطير، سيؤدى إلى القضاء على المكاسب التى تحققت، ويعمق مبدأ التقسيم والانقسامات بين أطراف الشعب العراقى، مطالبين بإرجاء موعد الاستفتاء ريثما تكون هناك أرضية ملائمة للاستقلال فى المستقبل.
يذكر أن عدد من الأكراد يقومون بعدة مشاورات مع سياسيين فى أوروبا والتسويق لفكرة الاستفتاء الخبيث الذى يقوده بارزانى، ويعمل الأكراد كافة فى الدول الغربية المتمركزين بها على تسويق وجود اضطهاد للفصيل الكردى فى منطقة الشرق الأوسط وضرورة إقامة كيان كردى مستقل لهم.
الدعوات الكردية لإقامة كيان ودولة مستقلة تلقتها عدد من الصحف العالمية التى تعمل بشكل يومى على ملف الأقليات فى الشرق الأوسط وتنشر عدد من التقارير المزعومة التى تروج لمزاعم حول تعرض تلك الأقليات لاضطهاد، ويدعو حاملى الأقلام المسمومة لضرورة إقامة كيانات مستقلة للأقليات فى منطقة الشرق الأوسط.