زمزم محمد المصرى تكتب: مناجزة الزهد

السبت، 19 أغسطس 2017 02:00 م
زمزم محمد المصرى تكتب: مناجزة الزهد ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الحب هو أكبر دوافع التغير، الحب يعنى أسير على صراط الحبيب.

فجأة استيقظ أهل المنزل على نفس الصوت الذى يستيقظون عليه كل يوم منذ شهر، ولكن اليوم كانت الحالة زائدة أكثر من كل مرة.

وبسرعة توجهوا نحو غرفة نسمة بدون وعى، ولكن فى منتصف الطريق استوقفهم وحذرهم الصوت، وماذا سوف يحدث لهم فى حالة تقدمهم لفتح الباب لإنقاذها، ولكنه لم يوقف العقول من التفكير فيها، ولا القلوب الخافقة عليها من كثرة الرعب عليها، ولم يخرس ألسنتهم .

الأم: نسمة هيا أخرجى ماذا بكى يابنتى .

الأب: نسمة هل أنت بخير طمنينى عليكى بنتى أرجوكى.

لم يوقفهم عن الحديث غير حديث نسمة ولكن مع من تحدث نسمة ؟!!

 نسمة: تعلم كما أحبك وأريد أن أقضى حياتى فقط معك، أنا لا أريد من الدنيا كلها سوك أنت، لماذا لا تحس بى، بصدق كلامك كله ومهما تعمل فيا أنا سوف أظل أحبك لأنك أنت فقط الذى من حقك أن تملك قلبى، عندى استعداد أن أعيش فقط لك، هل أنت مصدقنى، لماذا لاترد عليا، رد عليا أرجوك أرجوك .

كان البكاء أقوى من الكلام، فاخرسه وجعله يغمغم مع نفسه .

الأب: هل نسمة معها شخص فى غرفتها، أو هى تتحدث مع أحد فى التليفون.

الام: بالطبع لا، اكيد مثل كل يوم تتحدث مع نفسها كما أن اليوم عندما تركتها نائمة وخرجت من الغرفة أخذت معى تليفونها ولاب توب، كما أمر الدكتور.

كانت الجدة تهرول وهى تنزل من على السلم، وتغمغم بالكلام مالها نسمة، والدموع كانت مطبات لكلامها، أنضمت إليهما لا هى إلتى حركتهما إلى الأمام من أجل فتح باب الغرفة ومعرفة مع من نسمة تتحدث .

بالفعل توجهوا نحو الغرفة، عندما تقدمت الجدة لتفتح الباب سمعت صوت نسمة .

نسمة:أنت تعلم كم أحبك وأننى تغيرت كثيرا من أجلك، أنا أريدك، ولا أريد غيرك، ماهو ذنبى حتى أتعذب فى بعدك عنى، ذنبى أنى أحببتك، أرجوك حبنى مثل ما أحب، أنا وهبت حياتى لك.

ترجع الجدة إلى الخلف، ويرجع معها الأب والأم.

قالت الجدة: لم أقل لكم أن البنت ركبها الجن تقولا عليا أنى خرفت، احنا على هذه الحالة منذ شهر وكل يوم عند طيب شكل ولم يقم واحد منهم بعلاجها بل العكس الحالة من سيئ لأسوأ.

كانت دموع الجدة تقطع كلامها من حين لاخر تعوقه عن الخروج أحيانا أخر.

الأم: ماذا نفعل الآن البنت صغيرة جدا على كل هذه الهموم والآلام والمتاعب.

الأب:أنا سوف أفتح الباب لا يجب أن نتركها وحدها بهذه الحالة .

توجه الأب نحو الباب، ولكن استوقفه هذه المرة أصوات السيوف وبنته .

 نسمة:كثيرا حاولت أن أخرجك من جسدى، واوقف روحى واسجن نفسى من أنها تشتاق إليك، ولكن وكيف تكون حياتى من دونك، دائما اُذكر نفسى بمتع الدنيا وملذاتها حتى أنشغل بها عنك، ولكن لم ترضخ أعضائى لى بل ظلت تجرى ورائك .

اقشعر جسد الأب وانشق قلبه نصفين على ألم ابنته، ولم يحس بنفسه وهو يرجع إلى الخلف، إلا عندما سألته الأم لماذا تقهقرت إلى الوراء .

أحس باهتزاز خفيف فى أذنه، أعادته إلى الامام، مرة اخرى مسرعا نحو الباب ودون أن يشعر فتح الباب، وأخذ يصرخ، على الفور تقدمت الجدة والأم، دخلت الأم الغرفة وأخذت تنظر تحت السرير وفتحت الدولاب وفتحت الشباك، ورجعت للأب وسألته.

الام: اين نسمة؟؟اين ذهبت؟؟

كان الاب يقف صامتا، كأن الكلام لم يعرف مخرجه، أو يبحث عن مخرجه.

كانت رأس الأم تدور مع دوران الارض وكأنها تشعر بدوران الارض فعلا، على الفور توجه إليها الاب وسندها حتى جلست على السرير، وعندم جلست غرست رجلها فى شىء، وعندما رفعت السجادة وجدت حفرة كبيرة، نظر الأب والأم فى الحفرة وجد سلم نزل الاب والام عليه حتى وجدا أنفسهما فى ممر كبير مظلم، لا ترى فيها سوء شعاع فقط من النور المستقطع المتذبذب.

ولكن الذى اوقف دهشتهما صوت نسمة وكلامها غير الواضح، وصوت السيف الذى كان معها وكانت وكأنها تحارب فى ارض المعركة وتقاتل بكل قوة الاعداء.

على الفور توجه الأب والأم وراء الصوت وكأنه هو بالنسبة لهم خيط النور فى الظلام الدامس لطريق ابنتهما، وأخذا يجريان وهما متمسكين بهذا الخيط وصوتهما لم ينقطع عن المناداة عليها لكن صوتهما هذا لم يسمعه أحد سوى انفسهم .

وعندما اقترب الأب والأم من نسمة، سمعاها وهى تقول.

قالت نسمة:أما أن أقتلك أو تقتلنى قبل الوصول إليك، أما أن أصل إليك وأعيش عمرى كله من أجلك وتصبح حياتى فقط لك أنت .

حتى وصلت نسمة إلى أخر الممر كان طويل جدا، وكان أخره سلم صعدت عليه نسمة، صعد الأب والأم وراءها، وأخذت نسمة تجرى فى الغابة وكان الأب والأم وراءها، كانا يلحقان بها من شجرة إلى أخر كانا يصطدمان بالاشجار من كثرة التعب .

حتى وصلت نسمة إلى كهف مبنى من الأحجار ومغطى بأوراق الأشجار ودخلت نسمة الكهف.

قبل أن تصل الأم إلى الكهف

 قالت الام: تصدق أنا لم أكون مقتنع أن البنت ركبها جن، الآن أصبحت متأكدة، هذه تصرفات غير طبيعية

الأب: المهم الآن نوقف البنت ونأخذها معنا إلى المنزل .

عندما وصلوا إلى الكهف، ودخلوه أصابهم الذهول وأخذوا يحدقوا بعيونهم فى المكان .

لم يشعروا بأنفسهم ولم يوقفهم عن رحلة التأمل هذه سوى رجل عجوز جدا.

قال العجوز: لماذا أنتم تتأملون فى نسمة وهى تصلى وتتعبد .

الأم والأب فى نفس اللحظة عقدوا حالة من المناقشة الداخلية الصامتة عن طريق العيون، كانت هذه المناقشة عبارة عن حوار كله أسئلة، حيث إن سؤال واجابته سؤال أيضا، ماذا تتعبد نسمة ولكن!!!

اخذ العجوز يتأملهما قليلا ثم قطع حديث عيونهم بالإجابة عن أسئلتهما التى تدور فى الرؤوس والعيون. وقال العجوز: انتما تريدان أن تعرفا قصة هذه المسكينة الصغيرة، بكل بساطة هى تريد أن تترك الدنيا وتعيش حياة زاهدة، لذلك هى فى صراع دائما مع نفسها والدنيا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة