تعد مكتبة الإسكندرية أكبر مؤسسة قومية تتولى مهام توثيق التاريخ المصرى والحفاظ عليه، بالإضافة إلى دورها كمنارة ثقافية عالمية.
وتصدت مكتبة الإسكندرية لمحاولات تزييف التاريخ وطمس وجود الخيول المصرية، من خلال تدشين موقع إلكترونى لتوثيق خطوط أنساب الخيول المصرية، الذى تصدى لمحاولات قطر فى تزييف التاريخ عندما حاولت الحصول على مخطوطة عباس حلمى الأول، وهى المخطوطة الوحيدة فى العالم التى توثق لأنساب الخيل العربى المصرى وفشلت فى ذلك، كما قامت قطر بمنع إطلاق اسم الحصان المصرى على المهرجان السنوى الخاص بالحصان المصرى الذى يقام على أرضها واستبدلت اسمه باسم الحصان "الجزيرى".
وقال عمرو مصطفى شلبى المسئول عن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى التابع لمكتبة الإسكندرية، إن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى يعتمد بالأساس على هذه المخطوطات الثمينة والمهمة للغاية فى مادتها ومحتواها، والتى تناولت بالتفصيل والتوثيق موضوع الخيل عند قبائل جزيرة العرب من أهل البادية وأهل الحاضرة، وتضم هذه المخطوطة النفيسة أسماء الخيل الأصيلة وأسماء مرابطها وأنواع سلالاتها وأسماء ملاكها ومربيها وتجارها الحريصون على شرائها واقتنائها.
وأوضح شلبى، أن الوثيقة تؤكد دور أهل مصر فى توثيق لأنساب الخيول المصرية، حيث قام عباس حلمى الأول حاكم مصر فى بإرسال بعثة متخصصة إلى الجزيرة العربية لتسجيل أصول الخيل، استغرق عملها 5 سنوات متواصلة، لتقدم إلى حاكم مصر كأول سجل أنساب للخيول العربية فى المنطقة بأكملها، وبفضل هذا المخطوط حفظ أنساب الخيول العربية الأصيلة حتى هذا اليوم، كما حفظ أسماء ووصف القبائل، والذى تعتمد عليه الدول العربية حاليا.
وأكد المسئول عن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى التابع لمكتبة الإسكندرية، على أنه لا يمكن محو تاريخ الخيل المصرى، حيث يوجد مواصفات جمالية خاصة تميز الخيل المصرى عن أى حصان بالمنطقة العربية، ويوجد ما يعرف فى جميع أنحاء العالم ومزارع الخيول، بخط إنتاج ثابت يسمى "خط إنتاج الخيل العربى المصرى"، كما أن وثيقة عباس حلمى الأول حافظت على الوعاء الجينى للخيل العربى المصرى، وقال ردا على محاولات قطر: "الوثيقة عمرها أقدم من قطر التى تحاول طمس الخيل المصرى الأصيل ".
وكشف عمرو شلبى، عن أن المخطوطة الأصلية متواجدة فى المملكة العربية السعودية، داخل مكتبة الملك عبد العزيز آل سعود، وتم إصدار نسختين وكتاب تفسيرى للمخطوط، الذى يتحدث بلغة أهل البادية بمصطلحات صعبة.
وأضاف المسئول عن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى التابع لمكتبة الإسكندرية، أن قصة كتابة هذه المخطوطة ترجع إلى أن حاكم مصر الخديوى عباس الأول، أرسل بعثة متخصصة فى الخيول العربية إلى جزيرة العرب، بقصد شراء الأصيل والنجيب منها وفعلاً جاءت هذه البعثة على ظهور الإبل "الهجن" إلى جزيرة العرب سنة 1848م، وباشرت التجوال فى بوادى العرب وديارهم وما جاورها من البلدان؛ بقصد شراء الخيل وتدوين أصولها ورسم مشجرات نسبها، وتسجيل أسماء أصحابها من الأفراد والأسر والعشائر والقبائل، وتثبيت كل هذه المعلومات التاريخية المهمة فى دفاتر معدة لهذا الغرض.
واستطرد شلبى قائلا: "بعدما أنهت بعثة عباس باشا مهمتها وعادت إلى القاهرة، وباشرت العمل على ترتيب وتنسيق معلوماتها المدونة سابقًا، وقامت بتبييض كل هذه المعلومات والكتابات السابقة، ووضعها بين دفتى كتاب أسمته بـ"أصول الخيل"، وقدمت هذا الكتاب القيم المفيد إلى حاكم مصر عباس باشا فى سنة 1852م.
وشدد عمرو شلبى، على أن مشروع موقع الخيل العربى المصرى محاولة رائدة من مكتبة الإسكندرية لتوثيق تاريخ وجود الخيل فى مصر وتوثيق دور أهلها فى المحافظة عليه وعلى نقاء سلالته من الاختلاط بسلالات أخرى عبر العصور المختلفة، وإيجاد كيان رقمى جديد متماشيا مع مفاهيم العصر الذى نعيشه، يكون مرجعا لجميع الباحثين والمهتمين والقراء
وأضاف المسئول عن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى التابع لمكتبة الإسكندرية، أن إدارة المشروعات الخاصة التابعة لقطاع الخدمات والمشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية قامت بالعمل على كل ما يخص المضمون أو الاتصالات الخاصة لإثراء البحث الخاص بموقع الخيل العربى المصرى، وقامت إدارة تطبيقات المؤسسة والحلول المتكاملة التابعة لقطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بالعمل على النواحى الفنية للموقع.
وحول أهم الشخصيات التاريخية التى أثرت فى تربية الخيول فى مصر، أوضح شلبى، أن المشروع استطاع التوثيق لعدد من الشخصيات المهمة فى التاريخ، والتى أثرت فى تربية الخيول المصرية، يأتى فى مقدمتهم الخديوى عباس الأول بمخطوطاته النادرة، ثم الليدى "آن إيزابلا كنك" ابنة وليام ولقبه الوراثى الرسمى "إيرل أوف لوف ليس" واشترت إسطبلات الشيخ عبيد؛ لتربية الخيول العربية الأصيلة، وهكذا بقيت الليدى أن فى مصر، وشيدت إسطبلات خاصة بتوليد الخيل وجهزت حقول التوليد العائدة لها فى إنجلترا من إنتاج خيلها فى مصر من جهة، وما اشترته من أصول الخيل من مصر ومن البلاد العربية من جهة أخرى.
وتوفيت الليدى فى القاهرة 17 ديسمبر1917، ودفنت فيها، وأوصت بإسطبلاتها وخيولها لحفيدتيها اللتين باعتهما لأمهما ابنة الليدى أن الوحيدة وهى الليدى وينتورث، والتى بذلك جهودا كبيرة فى إصلاح حقول التوليد، وتعمير ما يلزم من منشآت أخرى.
وأشار المسئول عن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى التابع لمكتبة الإسكندرية، إلى أنها بذلت قصارى جهدها واهتمامها بالاعتناء مجددًا بالخيل وتهيئة كل ما من شأنه أن يرقى بها إلى أعلى المستويات، ما جعلها تصل إلى ما وصلت إليه بعدئذ من مكانة وشهرة عالميتين، ومن أشهر الكتب التى قامت بتأليفها: كتاب "الأصيل"، وكتاب "الخيول الإنجليزية الأصيلة".
ولفت شلبى، إلى أنه بعد ذلك توالى الاهتمام بالخيول العربية من خلال محاولات فردية لأشخاص عشقوا الخيل العربى الأصيل، وكانت لديهم إسطبلاتهم الخاصة للاعتناء بها ومنهم على باشا الشريف، والأمير أحمد باشا كمال وابنة الأمير يوسف كمال، والأمير كمال الدين حسين، والأمير محمد على، والأمير عمر طوسون
وأضاف المسئول عن إنشاء موقع التوثيق الإلكترونى التابع لمكتبة الإسكندرية، أنه يوجد فى مصر مرابط كثيرة لتربية الخيول العربية الأصيلة، تشرف عليهم الهيئة الزراعية المصرية من خلال محطة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة، حيث تعد محطة الزهراء لتربية الخيول العربية المكتب الوحيد المسئول عن تسجيل الخيول العربية فى مصر، ويوجد أكثر من 640 مزرعة خاصة فى مصر تحت إشراف الهيئة الزراعية المصرية.