بأزمات مفتوحة اجتاز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، نصف عامه الأول داخل البيت الأبيض، فى ولاية رئاسية ربما تكون الأخيرة بعدما شهدت خلافات وصراعات سياسية لم تعهدها مؤسسات صنع القرار داخل الولايات المتحدة الأمريكية من قبل، وبعدما بدأ الحديث مبكراً عن سيناريوهات عزل الرئيس بتهم من بينها انتهاك الدستور وعرقلة سير العدالة، والبحث داخل أروقة الحزب الجمهورى عن بديل لطرح أسمه فى انتخابات 2020.
أزمات ترامب الممتدة عكسها تقريرا مطولاً نشرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أمس الإثنين، ذكرت فيه "إن رئاسته التى اتسمت منذ بدايتها بالتهور والعناد جعلته يشكل خطراً على الأمن العام والدستور ، ويمثل تهديداً واضحاً ومباشراً لعمل المؤسسات الديمقراطية داخل الولايات المتحدة".
وتابعت الصحيفة : "الأيام الأخيرة كشفت بعض من أسوأ صفات ترامب، من خواء معنوى واستخفاف بالحقيقة ومقاومة عنيدة للنصح المعقول، وكالعادة هاجم ترامب أعداء خياليين وعاقب آخرين على فشله هو، وفوق كل ذلك، تقاعس عن إصدار إدانة حاسمة للعنصرية والنازية"، فى إشارة إلى اشتباكات ولاية فيرجينيا الأخيرة.
واستطردت الصحيفة: "فى ظل مثل هذا الفشل الذريع على مستوى القيادة المعنوية، يتعين على الآخرين الوقوف والدفاع عن مبادئ أمريكا وقيمها، فاللحظة الراهنة لا تتطلب حياد أو مواربة أو صمت، وإنما يجب على القادة فى أنحاء أمريكا ولا سيما هؤلاء فى الحزب الذى ينتمى إليه الرئيس أن يستجمعوا شجاعتهم السياسية لتحدّى ترامب علانية وبصوت عال وبلا مواربة".
ورصدت الصحيفة، خروج العديد من النواب الجمهوريين والمحافظين عن صمتهم خلال الأشهر الأخيرة، إزاء ما وصفته بـ "اللغط اليومى والنزعة العدوانية وسوء الإدارة من جانب ترامب"، وعلى رأس هؤلاء جاء أعضاء مجلس الشيوخ جون ماكين، وليندساى جراهام، وجيف فليك، كما وجه العديد من الكتاب والمفكرين المحافظين انتقادات لاذعة للرئيس ترامب راصدين إخفاقاته.
ونقلت الصحيفة عن المرشح الجمهورى السابق للرئاسة، ميت رومنى، قوله إن "موقف ترامب إزاء وقائع تشارلوتسفيل جعلت العنصريين يحتفلون وإذا لم يعتذر ترامب فإن ذلك قد يؤدى إلى تمزق فى النسيج الوطنى الأمريكى".
وعلقت تقارير إعلامية غربية على سلسلة الاستقالات التى ضربت إدارة ترامب على مدار الأشهر السبع الماضية ، مشيرة إلى أنها تعكس بما لا يدع مجالات للشك تحرك إدارة ترامب نحو إقصاء رموز اليمين وأصحاب الفكر المتشدد فى خطوة من شانها تهدئة الرأى العام، واحتواء ما هو قائم من أزمات بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام، وما هو قائم من خلافات داخل الإدارة الأمريكية نفسها.
وضمت قائمة الراحلين 13 مسئولاً من رموز معسكر اليمين، كان آخرهم وأبرزهم على الإطلاق ستيف بانون مخطط الشئون الاستراتيجية بالبيت الأبيض.
وأمام سلسلة الاستقالات والإقالات، وفى ظل الأزمات التى تعانيها إدارة ترامب الذى لم يعلن بعد موقفه من الترشح لولاية رئاسية ثانية، بداية من قرار حظر السفر، وصولا إلى إقالة جيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية الذى كان يشرف على تحقيقات التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة، بدأ الحزب الجمهورى البحث بجدية عن مرشح بديل فى مارثون 2020 الرئاسى.
وأعرب 75 قياديا فى الحزب الجمهورى ـ بحسب تقرير سابق لنيويورك تايمز ـ عن شكوكهم بشأن اعتزام ترامب الترشح لولاية رئاسية ثانية، الأمر الذى علق عليه السيناتور الجمهورى جون ماكين بقوله : "نرى ضعفاً فى هذا الرئيس .. ليس جيدا ما نحن فيه الآن".
وذكرت الصحيفة إنه على الرغم من أن فترة ترامب الأولى لا تزال فى بدايتها إلا أن الشخصيات البارزة فى حزبه قد بدأوا بالفعل ما هو بمثابة حملة ظل لانتخابات 2020، كما لو أن ساكن البيت الأبيض حاليا ليس مشاركا.
وأوضحت، إن المرشحين المحتملين يشجعون بعض أبرز المتبرعين للحزب ويتوددون لجماعات المصالح المحافظة ويعززون حظوظهم بحذر، ولم يقدم ترامب أى إشارة على أنه سيرفض السعى لولاية ثانية، إلا أن الفوضى الهائلة التى تحيط بالرئاسة الحالية، واتساع تحقيقات روبرت مولر عن التدخل الروسى والشكوك حول ما سيقوم به ترامب فى الأسبوع القادم ناهيك عن الانتخابات المقبلة، دفعت الجمهوريين للقيام بخطوات سياسية لم يسمع بها أحد فى هذا الشأن.
وعن الأسماء البديلة التى يدور حولها النقاش فى الغرف المغلقة وأروقة الحزب الجمهورى، قالت الصحيفة إن فى مقدمتها جون كاسياك، حاكم أوهايو، الذى شارك فى السباق التمهيدى الجمهورى 2016 ورفض أن يستبعد من المشاركة فى انتخابات 2020 وأشار لمساعديه أنه قد يترشح مرة أخرى لو لم يسعى ترامب لفترة ثانية.
ومن بين الأسماء أيضا نائب الرئيس مايك بنس، الذى قالت الصحيفة، إنه على الرغم أنه من المعتاد أن يكون لنائب الرئيس جدول سياسى كامل، إلا أن بنس ذهب لخطوة أبعد وأسس قاعدة قوى مستقلة وعزز مكانته كوريث ترامب، كما عزز نفسه باعتباره القناة الرئيسية بين المانحين الجمهوريين والإدارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة