يوما بعد يوم، تتفاقم أزمة قطر بسبب عنادها وتعنتها.. وإن كانت القوة التى حاولت إظهارها فى بداية خلافها مع الدول العربية الرافضة لدعمها للإرهاب قد صورت لها إمكانية الصمود، فإن الانهيار الاقتصادى الذى يلاحقها يصدمها بواقعها المر الذى أصبحت عليه.
وآخر أجراس الإنذار التى دقت لتحذر القطريين من نهج بلادهم تحت قيادة تميم الذى يواصل رفض المطالب العربية الـ13 وفى مقدمتها تسليم المطلوبين أمنيا، والمدانين بجرائم إرهاب، فضلاً عن وقف بث قناة الجزيرة، كان إعلان وكالة فيتش للتصنيف الإئتمانى اليوم، الأربعاء، أن الأزمة التى تعانى منها قطر سترفع تكلفة التمويل على البنوك فى أسواق الدين العامة، وأضافت أن سحب الودائع غير المحلية سيؤدى على الأرجح إلى اشتداد المنافسة بين بنوك قطر على الودائع، مما يرفع تكلفة التمويل ويضغط على هوامش الربح.
يأتى تحذير فيتش ليكون الحلقة الأحدث فى سلسلة من التحذيرات الدولية من الانهيار المالى لقطر فى ظل المقاطعة العربية لها بقيادة مصر والسعودية والبحرين والإمارات.. فمن قطاع السياحة والطيران الذى كان أول الخاسرين من عناد نظام تميم بن حمد بعد المقاطعة العربية، مروراً بتراجع شامل فى خطط زيادة الإنتاج بقطاع النفط والغاز، تواجه إمارة قطر أزمة سيولة نقدية حادة مع تراجع لافت فى الودائع الأجنبية كشفت تفاصيله صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فى تقرير لها الثلاثاء، مشيرة إلى أن تلك الأوعية المالية تراجعت على مدار شهر واحد بنسبة 8%.
وبسلسلة من الأزمات وحزمة من الخسائر، يؤرق شبح "الودائع الهاربة" قدرات قطر على جذب استثمارات أجنبية، كما يعرقل استمرار ما هو قائم بالفعل من استثمارات متعددة الجنسيات داخل الإمارة، حيث قالت الصحيفة الأمريكية فى تقريرها إن البنوك القطرية تواجه ضغوطا تمويلية مع قلق العملاء الأجانب من أزمة الدوحة المتزايدة مع جيرانها والدول العربية، مما دفعهم إلى سحب ودائعهم.
وأوضحت الصحيفة أن الودائع الأجنبية فى البنوك القطرية تراجعت حوالى 8% على أساس شهرى لتصل إلى 157.2 مليار ريال قطرى، أى 43.2 مليار دولار فى يوليو، بعدما تراجعت بمستوى مماثل فى يونيو، وفقا لبيانات البنك المركزى القطرى التى نشرها على موقعه الإلكترونى أمس الاثنين. وتمثل الودائع من خارج البلاد حوالى 20% من إجمالى ودائع البنوك فى يوليو، متراجعة عن أكثر من 24% فى مايو الماضى.
وتابعت: "تدفق الودائع المصرفية يمثل إشارة مقلقة لمدى تأثير خلاف قطر مع السعودية ومصر والإمارات والبحرين عليها حيث يعتمد اقتصادها على النفط وهى تحاول زيادة الإنفاق على البنية التحتية فى إطار استضافتها المقررة لبطولة كأس العام لكرة القدم عام 2022".
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين ببنك أبو ظبى التجارى للصحيفة الأمريكية أن أية صعوبة كبيرة فى الحصول على التمويل الأجنبى ستؤثر على برنامج الاستثمار القطرى الذى يعتمد بشدة على رأس المال الأجنبى، وهو ما علقت عليه "وول ستريت" بقولها أن الانخفاض فى الودائع الأجنبية فى يونيو ويوليو جاء على الرغم من أن البنوك المحلية فى قطر قدمت أسعار فائدة أعلى لجذب العملاء.
ويتوقع المحللون ـ بحسب الصحيفة ـ تراجعا أكبر حيث من غير المرجح أن يجدد العملاء، لاسيما من دول الخليج، ودائعهم عند الاستحقاق وسط مخاوف بشأن عودتهم إلى بلداتهم.
وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى قد غيرت فى بداية هذا الشهر توقعاتها للنظام المصرفى القطرى من مستقر إلى سلبى، وبررت ذلك بضعف شروط التشغيل واستمرار ضغوط التمويل التى تواجه البنوك القطرية.
وحاولت حكومة الدوحة من جانبها القيام بخطوات لدعم لقاع المصرفى المحلى حيث زادت إمالى الودائع بنسبة 1.3%فى يوليو عن مايو. وذكرت بعض وسائل الإعلام أنه فى محولة منها لتعويض الخسائر المالية الباهظة التى تعرضت لها قطر، أعلنت الحكومة القطرية إيداع نحو 7 مليارات دولار فى البنوك المحلية لتعويض العجز والتدفقات المالية النازحة.
وتكبد الاقتصاد القطرى خسائر فادحة منذ بدء المقاطعة العربية لنظام تميم بن حمد قبل ما يقرب من 3 أشهر، حيث بلغت معدلات التضخم مستويات قياسية مع تراجع حاد فى معدلات السيولة النقدية وهبوط لقيمة الريال القطرى فى سوق المال العالمية أمام الدولار والعملات الأجنبية الآخرى. ويقدر خبراء إجمالى الخسائر التى تكبدتها قطر فى قطاعات السياحة والطيران، البترول، وغيرها بما يزيد على 75 مليار دولار.