"المحبة" كلمة السر فى هذا التوقيت من كل عام بمحافظة الدقهلية، وهى ذاتها كلمة السر فى البحر الأحمر، التى بها ومن أجلها يسافر ويقطع آلاف المصريين المسافات، عبر القرى والمدن، والجبال والحقول، من أجل إقامة طقوس دينية، تملأها المحبة والود، يجتمع فيها قطبا مصر، المسلمون والمسيحيون، ففى الموالد والاحتفالات الدينية، لا تفرق بين مسلم ومسيحى، ولا بين بحراوى أو صعيدى، ماراثون نيل البركة من الأولياء والقديسين والشهداء، هو الحاكم والمسيطر، والمحبة هى دستور الزيارة، وقانونها المنظم لملايين أتوا طمعا، فى نيل البركة والشفاء، والسعادة، وحل الأزمات، أو انتظار فرج، أو تحسين الأوضاع.
باعة الأيقونات
ففى الوقت، الذى تستقبل فيه قرية ميت دمسيس بمركز أجا بمحافظة الدقهلية، آلاف الزوار من المسلمين والمسيحيين، ومن كل البلاد والمحافظات، ليحظون ببركة الشهيد مارجرجس، الذى يوجد جزء من رفاته داخل الدير، بدأت وفود المحبين فى الوصول إلى وادى حميثرة غرب مدينة مرسى علم، بمحافظة البحر الأحمر، حيث مقام العارف بالله الشيخ الشاذلى أبو الحسن لإحياء مولده الذى بدأ اليوم ويستمر حتى الليلة الختامية فى وقفة عيد الأضحى المبارك.
توافد الزوار لتقديم النزور
ويسلك المحبون مئات الكيلو مترات، عبر طرق زراعية وعرة، مليئة بالمطبات، وضيقة، بوسائل مواصلات قديمة نوعا ما، فالطريق إلى قرية ميت دمسيس، طريق جانبى متفرع من طريق المنصورة القاهرة، عرضه 4 مترات، وطوله 15 كيلو، يسلكه المحبون فى وسائل مواصلات قديمة، مثل سيارات ربع نقل، بصندوق صفيح، يتراص فيه المحبون، لا يعبأون بمشاق الرحلة، إنما الشوق للوصول أنساهم كل شئ، مثلهم مثل مريدى العارف بالله الشيخ الشاذلى أبو الحسن، الذى يقطع لأجله الزوار آلاف الكيلو مترات، وصولا لوادى حميثرة حيث مقام الشيخ الصوفى أبو الحسن الشاذلى لإحياء ذكرى مولده فى هذا الوادى الوعر حيث وافته المنية هناك أثناء رحلته لأداء فريضة الحج فى اتجاه ميناء عيذاب الذى توافق إحياء مولده فى ذلك التوقيت، ويبعد وادى حميثرة، الذى يتواجد به مقام أبو الحسن الشاذلى قرابة 150 كيلو متر غرب مدينة مرسى علم وقرابة 450 كيلو متر من مدينة الغردقة عاصمة البحر الأحمر.
الأطفال يتوافدون على كنيسة
الزوار لدير القديس الشهيد مارجرجس، يصلون محملون بطعامهم وشرابهم، وذبائحهم، ونذورهم، ويأتون للدير، يفترشون باحته الخارجية، وينامون فيها معظم وقت النهار، ويترددون خلال اليوم، على الكنيسة الأثرية، التى بنى عليها الرفات، فى ذات التوقيت يصل المحبون بسيارتهم التى أغلبها تكون سيارات نقل لتحمل أعداد كبيرة ومغطاة بأقمشة كبيرة تقيهم من حرارة الشمس طوال الرحلة، التى تصل من محافظات الصعيد القريبة إلى قرابة 6 ساعات متواصلة، وبداخلها طعامهم وشرابهم وذبائحهم وكذلك أوانى الطبخ وخيامهم.
الكنيسة الأثرية
وتستقبل إيبارشية دمياط، التابع لها دير القديس مارجرجس كنسيا الزوار، وتقوم بإمدادهم بالطعام والشراب، ويتوافد الناس على الكهنة والرهبان والقمامصة والقساوسة، لنيل البركة منهم، وأخذ هدايا تذكارية، من الدير تحدوهم شوقا حينما يعودون إليه من جديد كل عام، بينما تقوم الطرق الصوفية، بإحضار كميات كبيرة من المشروبات والأطعمة والمواشى الذين يقومون بذبحها فى أيام المولد، داخل ساحات كل طريقة هناك، حيث يوجد بمحيط الضريح ساحات أقامتها تلك الطرق الصوفية لاستقبال أبنائها فى وقت المولد، ومن أشهر تلك العادات التى يقوم بها المريدون يوم وقفة عيد الأضحى أنهم يقومون بصعود جبل حميثرة والمكث عليه حتى الزوال، تقليداً لشعائر يوم عرفة، ثم الذبح هناك.
الكنيسة القديمة
ومن ناحية أخرى، وينتشر باعة الحمص، والجبن القريش، والسمن البلدى، والفطير، والأيقونات والصلبان والميداليات التذكارية والملابس المطبوع عليها صور الشهداء والقديسيين، ويتوافد الأقباط على القيادات الكنسية من الكهنة والقساوسة والرهبان، لنيل البركة منهم، ويتجمع الآلاف حول الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى ورئيس دير القديسة دميانة، لنيل البركة منهم والدعاء لهم والتبرك به، وهناك حيث وادى حميثرة أيضا، الكثير ممن جاء إلى المكان من أجل لقمة العيش من التجار، ومن يبيع حلوى المولد ومن يبيع لعب الأطفال والمشغولات البدوية وحتى أصحاب المقاهى كان لهم نصيب فى أن تكون لهم لقمة عيش هناك فى المكان وكذلك بائعى الطعام.
الأنبا بيشوى يتوافد عليه الزوار
وتقول كاميليا جبر، إحدى زوار الدير: "كل عام نأتى ونبتهج ونحتفل بعيد إقامة الكنيسة، ونقدم النذور والصدقات، وربنا يجبرنا، ويرجعنا منازلنا بكل خير، ومحبة، وبيعوض تعب محبتنا، ويستجيب لدعواتنا، وآهاتنا وآلامنا، وطلباتنا، والمكان هنا كل حيوية وراحة وإيمان وسعداء بالزيارة"، بينما يؤكد محمد هراوى أحد المحبين لـ"اليوم السابع" أن عدد الزوار فى الأيام الأولى للمولد قليلة إلا أنها تصل إلى الآلاف خلال الليلة الختامية.
فرح شعب الكنيسة بالأنبا بيشوى
ويقول أحمد عبد الغنى، بائع حمص: "ارتفاع سعر الحمص هذا العام، أدى إلى قلة الزبائن، كل عام كنت ببيع أكثر من 3 أطنان حمص فى المولد، هذا العام أنا لن أستطع بيع طن كامل، اليوم مضى 5 أيام منذ بداية المولد، ولم أبع نصف طن حتى، بالإضافة إلى أن الحلوى ارتفع سعرها أيضا والحر شديد هذا العام، ونخاف من فسادها فلم نقم بتصنيع كميات كبيرة من الحلوى، أعتقد أننا سنتكبد خسائر كبيرة أنا وباقى التجار فى نهاية الموسم.
الشرطة النسائية والبوابات الإلكترونية فى كل مكان
ويقول بيشوى كامل، شماس، التآلف بين الناس والمحبة والزحام بسبب الزيارات المستمرة يعطيك انطباعا ممتازا، بالرغم من أن المسيحيين ليسوا بالكثافة الكبيرة، لكن توافد إخواننا المسلمين، خاصة أثناء القداس، وحضور العظات التى يستفيد منها المسلم والمسيحى حيث تتكلم عن الأخلاق والمحبة والتوبة، وعدم فعل الخطايا، يزيد أعداد الحضور.
عناصر التأمين
أما المحبة فلابد من عين ساهرة تحرسها، وتقوم على تنظيمها، وفرض الأمن والأمان بها، حتى لا تتسلل النفوس الخبيثة، وأصحاب الأجندات القطرية منها والتركية، إلى الملايين فتفسد فرحتهم، ونيل بركتهم، وطقوسهم الدينية، حيث وجه اللواء أحمد عبد الله، محافظ البحر الأحمر، بتوفير الخدمات الصحية وسيارات الإسعاف لخدمة زوار العارف بالله أبو الحسن الشاذلى، تم زيادة سيارات الإسعاف فى فترة الاحتفال بالمولد والدفع بأطباء من الوحدة الصحية هناك، كما تم توفير المواد والخدمات أثناء الاحتفال والتأكد من عمل تعقيم بالمكان.
قوات الجيش تؤمن مدخل الدير
بينما وجه اللواء أيمن الملاح، مدير أمن الدقهلية، قوات الأمن، وقوات المفرقعات بقيادة اللواء مروان عبد المعطى، والعقيد هانى حمودة، والرائد محمد فتح الله، بفحص جميع المترددين على الدير، وملاحظة المارة، بالإضافة إلى حظر ترك أى سيارات أو مركبات بجوار أو أمام الدير، وتشديد التواجد الأمنى على المداخل والمنافذ الرئيسية للدير بالشرطة النسائية، بالإضافة إلى التزام القوات بارتداء الصدارى الواقية من الرصاص والخوذ الصلب، والحفاظ على الأسلحة والذخيرة عهدتهم، كما طالب إدارة الحماية المدنية بمراجعه اشتراطات الحماية وحنفيات وطفايات الحريق واستخدام أجهزة الكشف عن المعادن والكلاب لتعقيم محيط الدير.
الأطفال أمام الرفات
كما تقوم شرطة الدفاع المدنى، بتفعيل البوابات الإلكترونية على الممرات وتفتيش المترددين، وإقامة حرم بعيد عن الدير للتأمين، وسط أجواء احتفالية من الأقباط والمسلمين من أبناء القرية.
الصلاة أمام الرفات