فى وقت يواجه فيه النظام القطرى إدانات دولية بسبب دعم الإرهاب وأزمات اقتصادية وسياسية كبيرة، يواصل تنظيم الحمدين الذى يحكم الإمارة خطواته العبثية، غير آبه بدعوات إعادة الإمارة إلى الحضن العربى، ويسير نحو تعميق الشروخ مع أشقاؤه العرب لاسيما المملكة العربية السعودية، ومن منطلق نهجها القديم وفى وقت يزيد من تعقيدات على الأزمة الخليجية المشتعلة منذ 5 يونيو الماضى، سارعت الدوحة بإعادة سفيرها إلى طهران.
وقالت قطر مساء الأربعاء إن سفيرها سيعود إلى طهران بعدما تم سحبه فى 6 يناير من العام الماضي تضامنا مع السعودية، على خلفية الهجمات على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد، في ظل تحرك خليجي بعد أن قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إيران إثر الأزمة التى فجرها إعدام رجل الدين الشيعى السعودى نمر النمر.
وقال المكتب الإعلامى التابع لوزارة الخارجية القطرية "أعلنت دولة قطر اليوم أن سفيرها لدى طهران سيعود لممارسة مهامه الدبلوماسية". وأضاف "عبرت دولة قطر عن تطلعها لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في كافة المجالات".وقال أيضا أن محمد بن عبد الرحمن آل ثانى وزير الخارجية القطرى، أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
إعادة قطر سفيرها لإيران فى هذا التوقيت، حيث ترتفع سخونة الأزمة الخليجية بين الإمارة ودول الرباعى العربية، خطوة تعمق الشرخ، وتحمل العديد من الدلالات تجاه الدول الداعية لمكافحة الإرهاب الممول من الدوحة (المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، والتى كانت قد حددت فى يونيو الماضى ضمن المطالب الـ13 من قطر لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، "أن تعلن قطر رسمياً خفض التمثيل الدبلوماسى مع إيران وإغلاق البعثات الدبلوماسية الإيرانية في قطر، وطرد عناصر الحرس الثورى من قطر، وقطع أى تعاون عسكرى مشترك مع إيران، ولن يُسمح إلا بالتبادل التجاري مع إيران بشرط ألا يعرض ذلك أمن دول مجلس التعاون الخليجي للخطر، وقطع ىي تعاون عسكري أو استخباراتي مع إيران."
حمد وخامنئى
رسائل قطر للانسلاخ من محيطها الخليجى والعربى
خطوة قطر الأخيرة، تشير إلى أن الدوحة تواصل بث رسائل تعكس جديتها في الانسلاخ من محيطها الخليجى والعربى، والارتماء فى أحضان ملالى طهران: الرسالة الأولى هى التأكيد وبقوة على أن الأمير تميم بن حمد آل ثانى لن ينصاع الي مطالب الرباعى العربى حتى على المدى البعيد، وبدلا من قبول مطالبهم بخفض تمثيله الدبلوماسى، رفع مستوى العلاقات مع إيران، وتشير أيضا إلى مساعى الدوحة لتأزيم الوضع الراهن ورفضها حلحلة الازمة الخليجية.
كما أن خطوات قطر العبثية تجاه تعزيز علاقاتها مع إيران على مدار الشهرين الماضيين، دفعت المراقبين للتأكيد على أن سحب السفير فى يناير عام 2016 كان مجرد مسرحية، جاءت فى إطار الرياء والكذب المفضوح الذى تمارسه الدوحة تجاه أشقاءها فى الخليج قبل 20 شهر من اندلاع الأزمة الخليجية بين قطر ، وهو ما ظهر بقوة فى علاقاتها مع الدولة الشيعية التى تعد مصدر تهديد للأمن القومى العربى.
من بين الرسائل الأخرى التى يسعى تنظيم الحمدين لإرسالها للرباعى العربى من خلال خطوة إعادة سفيرها لطهران، هى تعمد هذا النظام استفزاز الخليج لا سيما السعودية، فبالنظر إلى أن سبب سحبه يناير 2016 كان فى إطار موقف موحد اتخذه البيت الخليجى وبإجماع عربى علي خلفية هجوم متظاهرين ايرانيين علي سفارة المملكة، وعودته في الوقت الراهن تؤكد على "شق قطر الصف وشذوذ آل ثانى عن الاجماع العربى".
الخطوة العبثية لقطر، مؤشر أيضا علي تنامى العلاقات المشبوهة بين البلدين على مدار السنوات الماضية، منذ عهد الأمير الوالد حمد الذى التقى المرشد الإيرانى فى 2010 ثم تميم، والتى وصلت إلى ذروتها السنوات الأخيرة، وتم توثيقها باتفاقيات أمنية مع الحرس الثورى فى 2015، رغم تهديد الأخيرة للأمن القومى العربى فى الخليج.
ويؤكد المتابعين لمسار الأزمة الخليجية على أن الأمير تميم لا يزال يستقوى بقوات الحرس الثورى ويراهن على حمايته لعرشه من انتفاضة الغضب التى أوشكت على الانفجار بسبب تصاعد حدة الاستياء الشعبى من ممارسات النظام القطرى فى الداخل، تلك القوات الإيرانية التى قدرتهم تقارير خليجية بـ 10 آلاف جندى وضابط إيرانى يرتعون فى الدوحة منذ اشتعال الأزمة.
قوات فيلق القدس فى الدوحة
لكن ما حذر منه المراقبين بعد خطوة إعادة السفير، هى استغلال إيران لتلك الخطوة، وتعزيز جهودها لإقامة تحالف بين البلدين ذو اهداف مشتركة لهدم الدول العربية وإثارة القلاقل فى الخليج، خاصة وأن الأزمة فضحت الدور القطرى الذى يتناغم مع إيران فى الاطاحة بالأنظمة الخليجية وإثارة التوترات فى الخليج.
نجاد وحمد
طهران تستغل رفع التمثيل الدبلوماسى القطرى لتنفيذ أجدتها المشبوهة
وعلى الجانب الأخر سوف تستثمر طهران أيضا رفع مستوى العلاقات مع قطر، لاستفزاز أطراف الأزمة عبر مساندة سياسات الدوحة الداعمة للإرهاب، وإطالة أمدها للاستفادة السياسية وإحداث شقاق فى البيت العربى الذى يواجه أجندة الحرس الثورى المشبوهة فى الخليج، فضلا عن الاستفادة الاقتصادية لتحقيق انتعاش لإقتصادى المتدهور، واتخاذتها مدخلا لغزو منطقة الخليج العربى، والتوسع وزيادة النفوذ على حساب القوى الكبرى فى المنطقة وأمنها القومى، وزيادة حجم التبادل التجارى معها، وهو ما تمثل فى تصريح لصادقيان رئيس اللجنة الزراعية بغرفة التجارة الإيرانية أنه خلال الأيام الأولى للأزمة الخليجية، تم تصدير 200 طن من البضائع الإيرانية تشمل الفاكهة والخضروات من مدينة شيراز إلى الدوحة، كذلك تم تصدير أولى شحنات الألبان.
ورغم العلاقات المتنامية ظاهريا بين البلدين، لكن طهران تعترف بدعم تميم للإرهاب، واعلامها الذى يصفه بعراب الارهاب، دأب على الترويج لبديل النظام القطرى ورجل قطر القادم، منذ ظهور الشيخ عبدالله بن على بن عبدالله بن جاسم آل ثانى" على الساحة القطرية، ونجاح وساطته مع العاهل السعودى لحل أزمة الحجاج القطريين، والحديث عن دوره المستقبلى ما دفع المراقبون بوصفه بالتحالف "الهش".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة