بعد أن كان ملف تمويل قطر لإخوان تونس مجرد اتهامات مرسلة يتم تداولها فى وسائل الإعلام المحلية والإقليمية، أصبحت الآن اتهام رسمى أمام القضاء، حيث أعلن حزب الدستورى الحر، أنه أودع شكوى لدى وكيل النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتونس، للمطالبة بفتح تحقيق عاجل ضد حزب حركة النهضة الذراع السياسى لإخوان تونس، وكل من سيكشف عنه البحث فى ما نسب إليهم من اتهامات بتلقى تمويل من دولة قطر.
الشكوى التى تقدم بها الحزب بدأت تتحرك قضائيًا، حيث من المرتقب أن يتم الاستماع إلى شهادة الدبلوماسى ووزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس، وتفعيل اتفاقيات التعاون القضائى مع عدد من الدول من أجل الاستماع إلى شهادات الشهود من غير التونسيين.
وتأتى تلك الخطوة لإضفاء الصفة القضائية على الاتهامات بالتزامن مع الرسالة التى تم توجيهها إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد مرفقة بجملة من الأدلة والقرائن، للمطالبة بفتح تحقيق جدى حول تلك التمويلات، وعبر الحزب عن ثقته التامة فى أن القضاء التونسى لن يدخر جهدًا فى استعمال كل الطرق القانونية المتاحة للبحث والتحقيق فى هذا الملف الخطير على السيادة الوطنية والأمن القومى التونسى.
وأكدت رئيسة الحزب الدستورى الحر التونسى المحامية عبير موسى أن حزبها يمتلك قرائن جدية تفيد بتلقى حزب النهضة لتمويلات من قطر، مطالبة بالتحرى من توجيه تمويلات لشبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، وتتبع المتورطين فيها أحزاباً كانوا أو أشخاصاً"، وفتح تحقيق جدى حول التمويلات الأجنبية التى تتلقاها الأحزاب التابعة لقطر بطرق مختلفة عن طريق الجمعيات الخيرية.
ويأتى طرح الملف أمام القضاء التونسى فى وقت قامت فيه وفود تونسية برلمانية وأعضاء من اتحاد الشغل التونسى بجولات مكوكية لدمشق، التقوا خلالها مسئولين أمنيين سوريين على كافة المستويات، لجمع المعلومات حول الدواعش التوانسة الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية، حيث التقوا للمرة الأولى ببعض الشباب المحبوسين بالسجون السورية، لجمع معلومات عن الجهات التى تورطت فى تجنيد هؤلاء الشباب والدول الإقليمية التى مولت تلك العمليات.
وتمكنت اللجنة البرلمانية للتحقيق فى ملف تسفيرِ الشباب للقتال فى بؤر التوتر من خلال تلك المعلومات الأمنية والاستخباراتية من التوصل إلى نتيجة مفادها أن سفرهم لم يكن بشكل منفرد، وإنما تقف وراءه شبكات منظمة تعمل على مستويات عدة، بداية بالتأثير الإعلامى لقنوات مدعومة من دولة قطر وهى قناة الجزيرة وصولاً إلى الدعم المالى واللوجستى.
وأكدت النائبة التونسية ليلى الشتاوى عضو اللجنة البرلمانية للتحقيق فى شبكات التسفير، أن الوفد البرلمانى الذى زار سوريا والتقى تونسيين، حاربوا إلى جانب تنظيم داعش الإرهابى والتنظيمات المسلحة فى السجون السورية، قد تحدث إليهم وعاد بمعطيات جديدة.
وأوضحت خلال استضافتها فى برنامج "ميدى شو" التونسى، أن الرقم الذى أكدته السلطات السورية والجمعيات التى تعمل على ملف التونسيين، هو 6 آلاف تونسى انتقلوا إلى سوريا للقتال ضمن تنظيم داعش، مؤكدة أن الرقم مرجح للارتفاع.
وأكدت وجود اسم شخص سورى يلقب بـ"أبو محمد" تكرر فى أكثر من ملف للذاهبين إلى بؤر التوتر، وهو مشتبه به فى استقطاب التونسيين، وقدم إلى تونس فى 2014، وتحرك بحرية وقام بتسفير عشرات الشباب إلى سوريا، وشددت على وجود سوريين يترددون على المساجد كلاجئين ولهم خبرة فى الاستقطاب.
وقالت الشتاوى: إن النواة الأولى لعمليات تسفير الشباب التونسى نحو بؤر التوتر وخاصة سوريا، انطلقت فعليا منذ رمضان سنة 2012 نتاجًا لانطلاق عمل "منظومة متكاملة" عملت على غسل "أدمغتهم" والتغرير بهم.
المعلومات التى أصبحت متاحة لدى الجهات التونسية تؤكد أن قطر دفعت الأموال لتدريب وتجنيد الشباب فيما عملت قناة الجزيرة – البوق الإعلامى لإمارة الإرهاب - من خلال تقاريرها المفبركة عن الأوضاع فى سوريا على تأجيج مشاعر الشباب، وأكدت الشتاوى، أنها التقت فى سوريا لدى زيارتها لدمشق ضمن وفد برلمانى تونسى عددًا من الشباب التونسيين الذين أفاد البعض منهم أنهم أرادوا "مساعدة السوريين ومحاربة النظام السورى بعد ما شاهدوه من مجازر خصوصًا عبر قناة الجزيرة القطرية.
وأوضحت الشتاوى، أن السوريين انخرطوا بدورهم فى "منظومة" تسفير الشباب التونسى، حيث جاءوا إلى تونس على أنهم لاجئين، للقيام بمهمتهم المتمثلة فى تجنيد الشباب المتواجد فى المساجد واستهداف الفئات الأضعف والتى يمكن التأثير عليها بسهولة.
خريطة تسفير الشباب التونسى إلى سوريا أصبحت مكشوفة أمام الجهات التونسية المختصة، حيث قالت الشتاوى إن "تسفير الشبان لسوريا، تم عبر مطار تونس "قرطاج" مرورًا بتركيا دون أن يخضعوا للإجراءات الديوانية الروتينية العادية، على الرغم من أن الرحلات باتجاه تركيا بالذات تستوجب إجراء معمق للمسافرين حول أهداف السفر، وهو ما يثبت وجود تعليمات عليا بتسهيل مرورهم.
تلك المعلومات لم تعد خافية على أهالى الشباب الذين تم التغرير به ودفعه نحو حرب باطلة، وشهد الخميس الماضى مظاهرات أمام وزارة الخارجية لأهالى الشباب المتورط فى الإرهاب بسوريا وليبيا، اتهموا خلالها الدوحة باستقطاب أبناء التونسيين بالتعاون مع حركة النهضة، والزج بهم فى الحروب التى تشهدها المنطقة، وطالب المتظاهرون بالعمل على إعادة أبناء التونسيين لبلدهم والكشف عن المتورطين فى تجنيد الشباب التونسى فى عمليات إرهابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة