بعد جولة فى ألبوم صور أسرة مصرية فى الثمانينيات والتسعينيات لابد أن تجد صورة أو اثنتين لأحد أفراد العائلة مرتديًا ملابس الإحرام ويبتسم فى وقار للكاميرا الفورية التى تصوره ليوثق على استحياء وجوده فى الأرض المباركة من خلال صورة يريها لأولاده وأسرته وهو يتذكر باستمتاع وحنين تفاصيل تلك الرحلة ومشاعره خلالها.
هذه الصورة التى كانت تستقر فى ألبومات الصور العائلية يطالعونها فى جو أسرى حميمى لم تعد كذلك وحلت محلها عشرات الصور "السيلفى" المتناثرة على مواقع التواصل الاجتماعى مع تدوين فورى للانطباعات عن تلك الرحلة التى يفترض أن تسيطر عليها الأجواء الروحانية.
سيلفى الحرم
هذه الظاهرة التى انتشرت بكثافة وتطورت إلى البث المباشر "اللايف" من الحرم أثارت الكثير من الانتقادات وحذر العديد من الشيوخ والعلماء منها، حيث اعتبرها الشيخ على جمعة مفتى الجمهورية السابق "تهريج ما يرضيش ربنا"، كما قال خلال برنامجه "والله أعلم" وأضاف أنها تتناقض مع ما يتطلبه الحج من خشوع وخضوع لله سبحانه وتعالى.
وقال الدكتور محمد المسعودى أستاذ الفقه والأصول عضو التوعية والإفتاء فى المسجد الحرام، فى تصريحات صحفية، إنها من التصرفات التى لا تليق بالحرم الشريف ورأى فيها نوعًا من الرياء الذى يدخل فى الشرك الأصغر.
الدعوة فى الحرم من النية إلى الإثبات بالصورة
لم يكن "سيلفى الحرم" هو التقليعة الوحيدة أو البصمة الوحيدة للسوشيال ميديا على طقوس الحج ولا الاحتفال بعيد الأضحى وإنما ظهرت تقليعة أخرى وهى "دعوة باسمك فى الحرم" للصورة الشهيرة ليد أمام الكعبة تحمل ورقة مدون عليها دعوة مهداة للشخص المدون اسمه، وهى التطور "الافتراضى" لتلك اللحظة الحميمية التى يهمس فيها العائد من الحج فى أذن أحد الأقارب أو الأصدقاء مطمئنًا إياهم "دعيت لك فى الحرم ربنا يجعلها من نصيبك"، وأصبحت الآن من دون تلك الصورة عند الكعبة ربما تجد صعوبة فى إقناع البعض بأنك تذكرته بدعوة.
دعوة باسمك فى الحرم
صور العيدية و"ouftit" العيد والسفرة.. ماتش "فشخرة" على السوشيال ميديا
امتدت بصمة السوشيال ميديا لطقوس الاحتفال بعيد الأضحى فلم تعد بهجة العيدية تقتصر على كونها هدية ولا الخطط الطويلة التى نضعها لإنفاقها وإنما أصبحت مجالاً للتفاخر على مواقع التواصل الاجتماعى والتنافس بما تم حصده خلال العيد، وكذلك صورة "ouftit" العيد أو ملابس العيد التى لا يتم الاحتفال من دون تصويرها ورفع الصورة على واحدة من المجموعات بعد أن كنا نكتفى بتلك الصور التى تنطبع فى عيوننا لها وهى معلقة فى مكانها على الدولاب بانتظار فجر العيد لارتدائها.
العيدية
وخلال العيد لا يخلو الأمر من صورة للمائدة العامرة بألذ الأطباق، سواء فى صورة تلتقطها ربة البيت لترفعها على مجموعة نسائية وتتباهى ببراعتها فى إعداد أشهى وألذ الأطباق، أو خلال "سيلفى اللمة" الذى يجمع العائلة للحظة واحدة ينظرون خلالها للكاميرا ثم ينصرف كل منهم إلى هاتفه.
"تاج الخروف" وفيديو التكبيرة
صورة الخروف والتهنئة بالعيد
أما التهانى فى زمن السوشيال ميديا فغالبًا ما تنحصر فى عيد الأضحى فى "تاج" فى صورة للخروف أو فيديو لتكبيرات العيد والطواف فى مكة، تليها المعركة السنوية بين من يؤيدون "التاج" كوسيلة للتهنئة وأنه يجب شكرهم على المجهود المبذول أفضل من التجاهل التام، وبين من يلعنون "التاج" كطريقة معلبة للتهنئة بالمناسبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة