لا يتوقف الرئيس عبد الفتاح السيسى عن جهوده للتواصل مع العالم، وتعميق أواصر المودة والروابط بدوله وتجمعاته السياسية والإقليمية المختلفة، وبنظرة سريعة على ملفات السياسة الخارجية وعلاقات مصر الإقليمية والدولية منذ يونيو 2014، تاريخ تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم، وحتى الآن، ستكتشف بسهولة حجم ما أحرزه من نجاحات وتقدم فى استعادة مكانة مصر على محاور عدة، بدءا من استعادة حضورها الأفريقى وموقعها الفاعل ضمن منظومة الاتحاد الأفريقى، وصولا إلى تبديد غيوم الشائعات والمعلومات المضللة التى روجتها بعض الدول والقوى المعادية لمصر بعد ثورة 30 يونيو، وعودة القاهرة إلى المحفل العالمى الأبرز، الجمعية العامة للأمم المتحدة، بلدا قويا وذا ثقل إقليمى، وجلاء الصورة الحقيقة للأوضاع، وحقيقة الصراع الذى تخوضه مصر بقوة وثبات مع الإرهاب.
فى إطار هذه الجهود الرئاسية المتواصلة والفاعلة، يزور الرئيس عبد الفتاح السيسى العاصمة الفيتنامية "هانوى" خلال الفترة المقبلة، البلد صاحبة التاريخ الطويل ومسار الاستقلال المهم، الذى يشبه مسار مصر فى رحلتها نحو التحرر، وبلد الزعيم التاريخى "هوتشى منه"، وتعد الزيارة الرسمية المرتقبة للرئيس السيسى الأولى من نوعها لرئيس مصرى فى تاريخ العلاقات بين البلدين، ومن المقرر أن يلتقى الرئيس خلال الزيارة كبار المسؤولين الفيتناميين، وفى مقدمتهم الرئيس، وسكرتير عام الحزب الشيوعى، ورئيس الجمعية الوطنية "البرلمان" ورئيس الوزراء، بهدف بحث سبل تطوير وتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين فى مختلف المجالات.
العلاقات المصرية الفيتنامية
العلاقات المصرية الفيتنامية قديمة وتاريخية، إذ تمثل مصر إحدى الدول التى بادرت بفتح سفارة بالعاصمة "هانوى" إبان الحرب الفيتنامية فى العام 1963، وقد تطورت العلاقات الثنائية بشكل ملحوظ على مدار تلك السنوات، فتم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية، فضلا عن تبادل التأييد فى المحافل الدولية، وعقد مشاورات سياسية منتظمة بين الجانبين على مستوى مساعدى وزيرى الخارجية.
وتمثل اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين أهم آليات التعاون القائمة بين مصر وفيتنام، وقد انعقدت حتى الآن أربع دورات للجنة المشتركة، آخرها التى عُقدت بالقاهرة فى نوفمبر 2008، وتمت مناقشة سبل سد احتياجات فيتنام من المنتج المصرى من البترول والغاز والأسمدة واليوريا والأدوية.
واتفق الجانبان فى 2008 على اتخاذ الخطوات اللازمة لإقامة تعاون مشترك بين البلدين، بإقامة مشروع مشترك فى مجال الثروة السمكية والاستزراع السمكى فى مصر باستخدام الخبرة الفيتنامية المتطورة فى هذا المجال، وبحث إمكانية مساعدة مصر لفيتنام فى إقامة مشروعات توصيل الكهرباء وتوليد الطاقة فى القرى والمدن الفيتنامية، بالاستعانة بخبرتها المتقدمة فى هذا المجال.
كانت القاهرة قد شهدت جولة مشاورات سياسية "ثامنة" بين مصر وفيتنام، بمقر وزارة الخارجية المصرية، فى شهر مايو 2015، ترأس الجانب المصرى فيها السفير ياسر مراد، مساعد وزير الخارجية للشؤون الآسيوية، وترأس الجانب الفيتنامى السفير هونج نام فو، نائب وزير الخارجية الفيتنامى، وتناولت المباحثات بين الجانبين العلاقات الثنائية بمختلف مجالاتها والمسائل الإقليمية، إضافة إلى القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.
انضمام مصر لرابطة "آسيان"
انضمت مصر لمعاهدة الصداقة والتعاون لرابطة "آسيان"، وذلك فى مراسم احتضنتها مدينة "فينتيان" عاصمة جمهورية لاوس، بحضور وزراء خارجية الدول العشر الأعضاء، والسكرتير العام للرابطة، وأوضحت وزارة الخارجية فى بيان صادر عنها، أن مساعد الوزير للشؤون الأفريقية وقع فى 6 سبتمبر الماضى على وثيقة انضمام مصر للرابطة.
وأشار بيان الخارجية، إلى ترحيب دول "آسيان" بانضمام مصر للمعاهدة، وذلك فى ضوء العلاقات الوثيقة التى تربط الدول الأعضاء فى المنظمة بمصر، وحرص القاهرة على تنمية وتطوير الحوار السياسى والتعاون الاقتصادى مع الرابطة ودولها.
محور التعاون لا يمكن أن يتجاهل الزيارات المتبادلة، إذ تعد زيارة الدكتورة سحر نصر، وزير الاستثمار والتعاون الدولى، والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية للقناة، لدولة فيتنام خلال الأسبوع الماضى، خطوة نحو تعزيز التعاون فى مجالات بناء السفن والمزارع السمكية والأدوية والصناعات الغذائية، إذ اتفقت وزيرة الاستثمار، مع وزيرى التخطيط والاستثمار والنقل الفيتناميين، على توقيع 5 مذكرات تفاهم بين الجانبين فى مجالات الاستثمار والبورصة والموانئ، فضلا عن إقامة منتدى أعمال مصرى فيتنامى.
من جانبه، أعرب كوك هانج، نائب وزير الصناعة والتجارة الفيتنامى، خلال المباحثات المشتركة، عن رغبة بلاده فى إقامة مشروعات استثمارية فى الاستزراع السمكى فى محور تنمية قناة السويس، واتفق الجانبان خلال أعمال اللجنة المصرية الفيتنامية التى عُقدت على مدار يومين، على 8 مذكرات تفاهم سيتم توقيعها قريبا، وقد وقعت مصر وفيتنام عددا من الاتفاقيات الثنائية، تغطى مختلف المجالات التجارية والاستثمارية والسياحية والزراعية والثقافية، علما بأن آخر اتفاق تم توقيعه هو اتفاق إعفاء جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والمهمة من تأشيرات الدخول فى هانوى عام 2010.
مصر قادرة على توفير واردات فيتنام المقدرة بـ17 مليار دولار
تستورد فيتنام قائمة من السلع الاستراتيجية بكميات كبيرة، أهمها الحديد والصلب بإجمالى 6 مليارات دولار سنويا، والمنتجات الكيماوية بما يقرب من 5.2 مليار دولار، والأدوية بما يقرب من 1.7 مليار دولار، والأسمدة بـ1.6 مليار دولار، والنسيج الخام بـ1.4 مليار دولار، والقطن بـ875 مليون دولار، والألبان ومنتجاتها بـ850 مليون دولار، وتتوافر كل تلك المنتجات فى مصر ويمكن تصديرها لـ"فيتنام" لتكون سوقا مهمة للسلع المصرية وموردا ضخما للعملة الصعبة.
إلى جانب الشق الاقتصادى، تقدم مصر عددا من المنح الدراسية للطلبة والباحثين الفيتناميين، تتضمن 12 منحة لدراسة اللغة العربية فى جامعة القاهرة، لطلبة جامعتى هانوى وهوتشى منه للغات، و3 منح دراسية بالأزهر الشريف للطلاب الفيتناميين من المسلمين، و5 منح لدورات تدريبية من المركز الدولى بوزارة الزراعة، وعقب افتتاح قسم اللغة العربية بكلية اللغات الأجنبية بجامعة هانوى الوطنية فى فيتنام بالعام 2006، ويوفد الأزهر الشريف أستاذا مصريا للإشراف على دراسة اللغة العربية به، الأمر الذى كان له عظيم الأثر فى تنمية قدرات الطلبة ونجاح الدراسة بالقسم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة