شهدت فرنسا الكثير من الدعاية الانتخابية والحملات والصراعات التى استمرت لعدة أشهر وانتهت بفوز إيمانويل ماكرون بأغلبية الأصوات فى انتخابات الرئاسة الفرنسية وتفوقه على كل المرشحين المنافسين، ولكن مع اقتراب انتهاء المائة يوم الأولى فى تاريخ رئاسته، تزداد الانتقادات الموجهة للرئيس الشاب بشأن أدائه.
وكان إيمانويل ماكرون قد تعهد خلال حملته الانتخابية بأنه سيستغل هذه المدة لكسب ثقة الفرنسيين بعد أن أسكنوه قصر الإليزيه ومنحوه هامش مناورة لتطبيق برنامجه الانتخابى، ولكن الواقع أصبح مخالفاً تماما، إذ أنه لم يستطيع السير على نهج الرئيس السابق هولاند على الأقل، والذى كان قد كرهه الفرنسيون ولكن فى نهاية ولايته وليس فالبداية كما هو الحال الآن.
وأظهر الاستطلاع الذى أجراه معهد "يوجوف" تراجع شعبية الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لتصل إلى 36%، وقالت نتيجة الاستطلاع أن نسبة من لهم رأى إيجابى فى الرئيس الفرنسى الذى انتخب فى السابع من مايو، انخفضت سبع نقاط إلى 36%، حيث بلغت نسبة من لهم رأى سلبى 49% بارتفاع 13 نقطة مئوية، طبقا للاستطلاع الذى جرى لحساب "هافنجتون بوست" وقناة "سى نيوز" التلفزيونية، وشمل الاستطلاع 1003 أشخاص يومى 26 و27 يوليو.
أما إذاعة مونت كارلو الدولية، فقالت إنه مع اقتراب انتهاء المائة يوم الأولى، لا تلوح فى الأفق أى مؤشرات على تحقيق لوعوده، فعلى العكس انهارت شعبيته فى مراكز استطلاعات الرأى بسبب قرارات اتخذتها حكومته وأكدت أنها تهدف إلى ممارسة ضغط إضافى على الطبقات المتوسطة والفقيرة مثل قرار خفض دعم الدولة للمساعدة التى تقدمها فى مجال السكن أو قراره تغيير قانون العمل عبر اللجوء إلى مراسيم حكومية دون الرجوع إلى نقاش برلمانى أو حوار مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين.
وجاءت ردود الفعل الغاضبة والمنتقدة لماكرون لتكشف أن القرارات المرتقب اتخاذها قد تصب النار على صراعا اجتماعية وتؤجج الحركات الاحتجاجية التى سوف تعطى لشهرى سبتمبر أكتوبر المقبلين نكهة اجتماعية صاخبة.
وقالت الإذاعة ذاتها، أنه من أبرز علامات عهد إيمانويل ماكرون انه بدأ ولايته بظهور ذكى فى الحلبة الدولية عبر لقاءاته مع أبرز زعماء العالم كدونالد ترامب وفلاديمير بوتين، حيث أكد قدرته على تقمص شخصية الرئيس. إلا أن هذه الخطوات على الرغم أهميتها لم تكن كافية لكى تضمن له شعبية لدى الفرنسيين التى بدأوا بالتعبير عن امتعاضهم وربما خيبة أملهم من الإصلاحات التى ينوى ماكرون وحكومته اتخاذها.
وعلى صعيد متصل قال جيروم فوركيت، الخبير السياسى فى معهد إيفوب، أن الاستطلاعات الأخيرة جميعا تظهر أن "بعض الناس يشعرون أنه ساحر بشكل استثنائى وضالع فى التواصل وأن أسلوبه الذى يشبه أسلوب شخصيات هوليوود هو أداة لتطبيق سياسات تقشفيه، وليست ميزة فيه".
ويشار إلى أن النائب الاشتراكى ورئيس جمعية اتحاد البلديات الفرنسية الصغيرة أوليفييه ديسبو اتهم الخميس الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون بالخيانة، وعبر فى حديث لقناة "فرانس انفو" الفرنسية عن صدمته من رؤية الحكومة وقد اقتطعت مبلغ 300 مليون يورو من موازنتها المخصصة لهذه البلديات.
وقال ديسبو إن رؤساء بلديات المدن والقرى الفرنسية الصغيرة تفجأوا بصدور مرسوم بقرار حرمان مدنهم وقراهم من هذا المبلغ، معتبرا أن الرئيس ماكرون خان تعهدات وردت فى خطابه فى 17 من الشهر الماضى، بعدم المساس بموازنة هذه البلديات ولكنه بعد ثلاثة أيام أصدر المرسوم.
ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتخذ ماكرون فيها قرارات سيئة فهو خفض نسبة الإعانة الاجتماعية وكذلك التى تتعلق بالسكن، وأيضا خفض ميزانية الدفاع والتى اثارت الكثير من الجدل والغضب قفى صفوف الجيش الفرنسى وقادته وانتهت إلى أن رئيس الأركان تقدم باستقالته.
وفى حديثه لـ"فرانس إنفو" رأى ديسبو أن ماكرون أخطأ باتخاذه قرارا سيتسبب بالبطالة فى بعض المناطق الريفية وفى بعض الضواحى الفقيرة، مشيرا إلى أن خطوة الرئيس الفرنسى ستحرم المؤسسات الاقتصادية التى تعمل فى هذه البلديات من الاستثمار، لأنها ستتأثر بإلغاء الميزانيات المخصصة لشق طرقات جديدة أو لإنشاء منشآت فى القرى ودور للأطفال أو مراكز ثقافية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة