رغم نجاح النظام الموريتانى فى تمرير حزمة من التعديلات الدستورية الهامة التى ستؤدى إلى تغيير كبير فى الخريطة السياسية داخل البلاد، بعد أن صوت 85% من الناخبين لصالحها، إلا أن البلاد مقبلة على حالة صدام كبيرة فى ظل لجوء المعارضة الموريتانية التى يقودها حزب تواصل الإسلامى – إخوان موريتانيا - الى التصعيد ضد الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، بعد أن اعتبر المراقبون التصويت بـ"نعم" نصرا قويا له.
وأسفر الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذى جرى السبت الماضى عن موافقة الناخبين على التعديلات بنسبة بلغت 85%، علما أن نسبة المشاركة بلغت 53,73% ممن يحق لهم الاقتراع والبالغ عددهم 1,4 مليون موريتانى، حسب اللجنة الانتخابية، وأعلنت اللجنة الانتخابية أن نسبة المشاركة بلغت 53,73 %.
وما أن أعلنت اللجنة الإنتخابية عن النتائج الداعمة للرئيس الموريتانى حتى ثارت المعارضة الموريتانية التى يقودها الإخوان، وأعلنوا رفضهم لتلك النتائج ووصفوا الاستفتاء بـ"المهزلة الانتخابية التى فتحت الطريق أمام تزوير أوسع"؛ مؤكدين على أن الشعب تجاهل بشكل واضح التعديلات الدستورية، كما أكدوا أنهم لن يعترفوا بنتائج الاستفتاء متهمين الحكومة بالتلاعب بالأصوات.
وأصدر الحزب الحاكم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، بيانا صحفيا، اليوم الاثنين، تعليقا على نتائج الاستفتاء، أكد فيه تهنئة الرئيس للشعب ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎنى على ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺬى ﺃﻇﻬﺮ ﺑﺠﻼﺀ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺭﺍﺀ ﺨﻴﺎﺭﺍته ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻭحول ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﺍﻟﻮﻃنى.
وتقدم الحزب الحاكم باﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ أعضاء الحكومة، وبعثات ﺣﺰﺏ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ، وهيئاته المركزية، وشبابه، ﻣﺸﻴﺪًﺍ ﺑﻤﺜﺎﺑﺮﺗﻬﻢ ﻭﺍﻧﻀﺒﺎﻃﻬﻢ ﺍﻟﺤﺰﺑى ﻭﺇﺧﻼﺻﻬﻢ ﻭﻭﻃﻨﻴﺘﻬﻢ، ﻭﺗﻔﺎﻧﻴﻬﻢ ﻓﻲ التعبئة من أجل تمرير الإصلاحات الدستورية وإنجاح حملة الاستفتاء، كما شكر القوات المسلحة والقيادات الأمنية على ما بذلوه من جهد لتجرى هذه العملية فى جو من السكينة والأمن والطمأنينة، مشددًا على ثقته فى أن ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ الدستورية التى أقرها الشعب الموريتانى عبر استفتاء نزيه ستكون صمام أمان للشعب وللديمقراطية ولمشروع النهضة والتنمية وإعادة التأسيس للدولة.
وكانت المعارضة الموريتانية، التى احتشدت ضد الاستفتاء ضمن تحالف المنتدى الوطنى للديمقراطية والوحدة، والذى يقوده زعيم حزب «تواصل» جميل ولد منصور، قد وصفت التعديلات بأنها "مغامرة غير مجدية وانقلاب على الدستور"، كما اتهمت الرئيس ولد عبد العزيز "بالميل الخطير إلى الاستبداد"، عبر سعيه من خلال التعديلات كما تقول، إلى إلغاء المدد الرئاسية فى البلاد والمحددة بمدتين وهو ما نفاه الرئيس الموريتانى مرارا.
وقال رئيس الحزب الإخوانى، إن الاستفتاء «شابته خروقات كبرى، منها استبدال مديرى مكاتب التصويت الرافضين للتزوير ورفض حضور المراقبين، فضلًا عن استخدام وسائل الدولة فى التعبئة للتصويت بنعم»، واتهم الرئيس ولد عبد العزيز بمحاولة البقاء فى السلطة، وفى تحريض صريح للشعب الموريتانى لممارسة العنف، قال ولد منصور أنه لو اندلعت أعمال عنف فسيكون بسبب دفع السلطة للشعب للقيام بذلك.
وبمقتضى التعديلات الدستورية، سيتغير العلم الموريتانى، ليضم خطين باللون الأحمر من الأعلى والأسفل، يضافا إلى العلم الأصلى الذى يجسده اللون الأخضر ويتوسطه هلال ونجمة باللون الأصفر، وذلك بهدف "تمجيد الدماء التى بذلها من قاتلوا من أجل تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسى الذى انتهى فى العام 1960"، كما توصى التعديلات بإنشاء مجالس جهوية بدلا من مجلس الشيوخ وإلغاء محكمة العدل السامية ومنصب وسيط الجمهورية والمجلس الإسلامى الأعلى.
وكان ولد عبد العزيز قد دعا إلى هذا الاستفتاء، بعدما رفض مجلس الشيوخ (الغرفة العليا من البرلمان) اقتراحاته بشأن تعديل الدستور، فى مارس الماضى، وحاول تطمين الرأى العام بعد أن روجت المعارضة إلى أنه يسعى إلى منح نفسه ولاية رئاسية ثالثة، حيث تعهد الرئيس الموريتانى مرات عدة بعدم المساس بعدد الولايات الرئاسية، مؤكدًا على أن الدستور لا يمكن أن يتغير لمصالح شخصية.
ووسط حالة الانقسام فى الشارع الموريتانى وتصعيد الإخوان تتجه الأنظار فى موريتانيا خلال الأيام القليلة القادمة إلى القرار المتوقع والقاضى بتقديم الحكومة استقالة جماعية للرئيس، بعد تمرير التعديلات الدستورية، حيث تقتضى الأعراف الدستورية بتقديم الحكومة استقالتها الجماعية للرئيس على الفور بعد إقرار نتائج الاستفتاء من قبل المجلس الدستورى، وتكليف الرئيس للحكومة بتسيير الأعمال فى انتظار تشكيل حكومة جديدة.
وتعتبر الحكومة القادمة أهم حكومة فى تاريخ البلد، حيث إنها ستكون مسئولة عن التحضير بشكل جيد للانتخابات الرئاسية 2019، وتسيير العديد من الملفات الاقتصادية الحساسة (الغاز والزراعة ومعالجة أزمة الديون والبطالة).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة