من أهم المشروعات القومية التى يمكن أن يهتم بها أى مجتمع إذا أراد أن يرتقى ويحقق النمو الاقتصادى هو التعليم، وتؤكد الحكومة مرارا أن أحد أهم أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادى بداية من تعويم الجنيه وحتى زيادة أسعار الوقود، هو توفير حيز مالى يمكن من خلال زيادة الإنفاق على هذا القطاع الهام وتحسين جودته.
وخصصت موازنة السنة المالية المقبلة 2017/2018 حوالى 106.5 مليار جنيه، مقابل 103.96 مليار جنيه خلال السنة المالية المنتهية فى يونيو الماضى 2016/2017، وتؤكد وزارة المالية فى البيان المالى للموازنة التزامها بتخصيص النسبة التى نص عليها الدستور للإنفاق على التعليم، حيث نص على تخصيص 4% من الناتج القومى للإنفاق على التعليم قبل الجامعى، و2% للتعليم الجامعى، و1% للبحث العلمى، ولكن تحليل بيانات موازنة السنة الجديدة وفقا لما ورد بالبيان المالى والبيان المالى التحليلى لموازنة السنة الجديدة تشير إلى أن الإنفاق على قطاع التعليم فى مصر يحتاج إعادة نظر بالكامل.
بداية عند النظر إلى طبيعة الزيادة فى المبلغ الإجمالى للإنفاق على التعليم المقدر بحوالى 106.5 مليار كما سبق الذكر فى الموازنة الجديدة، مقارنة بالسنة المالية المنتهية التى بلغت فيها 103.96، نجد أن نسبة الزيادة السنوية بموازنة التعليم منخفضة للغاية والتى بلغت 2.5% فقط، فى الوقت الذى تعلن فيه الحكومة القيام بإجراءات اقتصادية ذات تأثيرات اجتماعية واسعة بهدف زيادة الإنفاق الاجتماعى على القطاعات والخدمات الحيوية وعلى رأسها التعليم والصحة.
وبالنظر إلى موازنة قطاع التعليم خلال آخر 5 سنوات اعتبارا من السنة المالية 2013/2014 وحتى السنة الجديدة 2017/2018، نجد ان السنة الأخيرة شهدت أقل نسبة زيادة فى مخصصات التعليم عن السنة السابقة والتى اقتصرت على 2.5% فقط، فى مقابل نسبة زيادة قدرها 9.8% فى ميزانية التعليم لعام 2014/2015 مقابل السنة السابقة لها، وهو ما يعنى أن الإنفاق على التعليم ليس ضمن أولويات الإنفاق العام بالموازنة.
المصدر: البيان المالى لموازنة السنة المالية 2017/2018 – وزارة المالية
الرسم السابق يوضح أن حجم الإنفاق على التعليم (كرقم مطلق) فى زيادة ولكنها ليست زيادة كبيرة، أما الرسم البيانى الآتى فيوضح طبيعة نسبة الزيادة خلال كل سنة مالية مقارنة بالسنة السابقة، وهو ما يوضح طبيعة الاهتمام بالإنفاق على هذا القطاع الحيوى.
المصدر: حسابات المحرر من بيانات الموازنة العامة – وزارة المالية
ويوضح هذا الرسم تراجع الزيادة السنوية فى الإنفاق على التعليم على مدار آخر 4 سنوات مالية، وقد بلغت النسبة أدنى مستوى لها خلال السنة المالية الجديدة 2017/2018، مقارنة بالسنة المنتهية فى يونيو الماضى والتى سجلت 2.5% فقط زيادة سنوية فى الإنفاق على التعليم.
وإذا كانت موازنة التعليم متدنية ولا تمثل سوى أقل من 9% من مصروفات الموازنة العامة للسنة المالية 2017/2018 البالغة حوالى 1.2 تريليون جنيه. فكيف يتم إنفاق هذه الموازنة؟
تحليل بيانات موازنة التعليم للسنة المالية الجديدة والتى لم تختلف عن السنوات السابقة، تكشف أن أجور الموظفين تلتهم حوالى 78% من موازنة قطاع التعليم بما قيمته 84.2 مليار جنيها، فى حين أن شراء السلع والخدمات وهو البند الذى يتم من خلاله شراء مستلزمات وأدوات العملية التعليمية لا تتخطى نسبته 7% فقط من موازنة التعليم بقيمة 7.5 مليار جنيها.
أما الإنفاق الأهم وهو الاستثمارات المتعلقة ببناء مدارس جديدة أو ترميم مدارس قائمة أو أى عمليات تطوير متعلقة بالأثاث أو غيره فترصد لها الموازنة حوالى 13% فقط بواقع 13.6 مليار جنيه.
بالمليار جنيه
المصدر: البيان المالى التحليلى لموازنة 2017/2018 – وزارة المالية
موازنة التعليم بهذه الصورة تحتاج لإعادة نظر كاملة سواء فيما يتعلق بإجمالى المبلغ المخصص للقطاع وهو مازال منخفضا ودائما ما تطالب وزارة التعليم بزيادته حتى تتمكن من التحرك ولكن هذا يتطلب من جانبها أيضا وضع خطط واضحة ومحددة الملامح لتطوير العملية التعليمية وكيفية إنفاق الموازنة بما يؤدى لإحداث تطور حقيقى، وأيضا على الجانب المتعلق بطبيعة توزيع هذا المبلغ الضئيل على أوجه الإنفاق المختلفة والتى تمثل الأجور الجانب الأكبر منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة