المشككون فى الرواية
فى سنة 2013 أنكر الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة الحالى، فى لقاء تليفزيونى لبرنامج "حدوتة مصرية" أن يكون الزعيم أحمد عرابى، قد ذهب إلى قصر الخديوى، مؤكدا غياب الوثائق التى تخبرنا بهذا الحدث.
المؤيدون لوقفة عرابى
واعتمادا على موضوع نشره "مينا سامر" فى "المنصة" يورد عددا من الروايات التى تؤكد أن عرابى وقف فى وجه الخديو توفيق هى:
الرواية الأولى: مذكراتى فى نصف قرن، أحمد شفيق باشا، طبعة قصور الثقافة 2013، الجزء الأول، صـ 120
"فنزلنا فى الميعاد المحدد للمظاهرة إلى جناح التشريفات المطل على الميدان، ورأينا الجيش قادمًا من جهة شارع عابدين، وقد اصطف الجنود البيادة والسوارى والطوبجية فى أماكن بالميدان كانت كأنها مخصصة لكل سلاح من هذه الأسلحة، وعلمنا أن عرابى طلب على فهمى وسأله عن سبب حراسة آلايه للسراى فأجابه بأنه إنما فعل ذلك من قبيل السياسة، وسحب عساكره وأخذ موقفه المتفق عليه، و استبدلهم عرابى بغيرهم لمنع الدخول إلى السراى أو الخروج منها.
وقد أرسل الخديوى فى طلب النظار وقناصل الدول والمراقبين، فنصح المراقب الإنجليزى لسموه بالثبات وأن لا ينسى أنه مليك البلاد. وتقدم عرابى راكبًا جواده شاهرًا سيفه وخلفه بعض الضباط فنزل الخديو إليهم من قصره غير مكترث لما قد يتعرض إليه من الأخطار، وكان معه السير أوكلاند كولفن المراقب والمستر كوكسن قنصل إنجلترا فى الإسكندرية، ولم يتبعه سوى اثنين من عساكر الحرس الخصوصى أحدهما حسن صادق وكان ضخم الجسم فلما رأى عرابى شاهرًا سيفه، صاح به: اغمد سيفك وانزل عن جوادك، فامتثل. ثم خاطبه الخديوى بقوله: ما هى أسباب حضورك بالجيش إلى هنا. فرد عرابى قائلًا: جئنا يا مولاى لنعرض على سموك طلبات الجيش و الأمة. فقال الخديو: وما هي؟ فقال: هى إسقاط الوزارة المستبدة وتشكيل مجلس نواب وتنفيذ القوانين العسكرية التى أمرتم بها.
"أما الخديوى فإنه لما وصل إلى رأس الطريق الموصل إلى ميدان عابدين ورأى الميدان غاصًا بالجند والخيل والمدافع والخلق الكثير من العامة وهم فى ولولة و خوف، عرج إلى طريق أخرى ودخل السراى من باب صغير أمام الجناح الذى بالجانب القبلى فى السراي، وكان معه فى مركبته كولفن المراقب الانجليزى وخلفه الجنرال استون باشا وثلاثة من الضباط. فنزل وسار نحو الباب الغربى الموصل إلى الميدان حيث الجند و الخيل. فتقدم إليه فى الحال رضا باشا وأعلمه أن جند القلعة قد انضموا أيضًا إلى المتظاهرين ولم يسمعوا لمقدمهم كلمة، فالتفت كولفن إلى الخديوى عندئذ وقال إذا تقدم نحوك أحمد عرابى فأمره أن يرد سيفه إلى غمده و يتبعك، فإذا فعل تقدم أنت إلى رأس كل فريق من الجند ومُره بالانصراف. فقدم الخديوى بقلب ثابت وشهامة كبرى وسار نحو أحمد عرابى وعبد العال باشا وأشار لهما بالسلام فسلما بالاحترام والتجلة والوقار، فقال لهم مالكم نبذتم طاعتى وعصيتم أمرى فقالوا حاشا نحن عبيدك المخلصون. فقال انصرفوا وسأبذل جهد الاستطاعة فى تحسين أحوال العسكرية وتنظيم قوانينها على قواعد ثابتة، فأجاب عرابى إنى وإخوانى وجميع ضباط الجيش وأفراد العسكر خاضعون لك يا مولاى وكلنا لا نبرح من هذا الموقف حتى تنجز لنا ما طلبناه. فقال له الخديوى رد سيفك إلى غمده فأجاب سمعًا وطاعة وناول الخديوى ورقة وقال هذه يا مولاى ملحقة بمقترحات الوطن وبنيه. فأخذها الخديوى وقفل عائدًا إلى السراى ولم يأمر أحمد عرابى أن يتبعه ليقبض عليه كما أشار بذلك المراقب الانجليزي، فلم يقتحم الخديوى الدرج حتى جاءه من يقول أن جند الحرس انضموا أيضًا إلى المتظاهرين".