- لماذا فزع رجال جبهة التغيير بعد نشر "اليوم السابع" للوثيقة وسارعوا للهروب من المركب بدل الدفاع عن موقفهم؟
- هل أصبح ممدوح حمزة علامة على الفشل وكفيلا بتعطيل أى مشروع سياسى؟
- لماذا تتصدى جبهة التغيير للمصالحة مع الإخوان؟ وبأى منطق؟ ومن يتحمل دماء الشهداء؟
- مجموعة جبهة التغيير هى هى نفس الوجوه المحروقة التى أفسدت العملية السياسية المصرية من 25 يناير إلى عصر الليمون!
ما إن نشر "اليوم السابع" وثيقة "جبهة التضامن للتغيير" التى شكلها ممدوح حمزة وعدد من السياسيين المعارضين من بينهم عمرو موسى ومحمد أبو الغار وشادى الغزالى حرب وعبد المنعم أبو الفتوح وحازم عبد العظيم وهشام جنينة وغيرهم، إلا وسارع عدد كبير ممن شاركوا فى اجتماعات الوثيقة أو وافقوا عليها مبدئيًا، إلى نفى اشتراكهم فى الجبهة والوثيقة معًا وكأنها جريمة يعاقب عليها القانون، أو كأنهم يخجلون من ارتباط أسمائهم باسم ممدوح حمزة بكل ما عليه من علامات استفهام وتعجب وخطأ ورفض وندوب عميقة لا يشفيها الزمن ولا ينساها المصريون!
الأسماء الشهيرة التى شاركت فى هذه الوثيقة وكلهم ممن ساهموا فى الحراك السياسى بمصر خلال السنوات السبع الماضية، ووضعوا أنفسهم دائمًا فى موقع المعارضة المزمنة، هل اكتشفوا فجأة أنه ليس من حقهم المعارضة؟ أم اكتشفوا أن الديمقراطية عيب ورجس من عمل الشيطان؟ أم أيقنوا أن من غير اللائق البحث عن مرشح معارض فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
على فكرة، من حقكم جميعًا المعارضة وإعلان جميع الأفكار والمشاريع السياسية والاقتصادية والتنموية المغايرة التى تؤمنون بها، ومن حقكم الاجتماع وتأسيس جبهات للتغيير والاجتماع حول مرشح رئاسى فى الانتخابات المقبلة، ومن حقكم أيضًا أن تعلنوا عن وجهات نظركم ومواقفكم السياسية فى شجاعة وقوة وأن تدافعوا عنها إلى آخر مدى وتتركوا الحكم لعموم المصريين الذين يختارون من يمثلونهم اليوم أو فى المستقبل.
لماذا هذه الحالة من الفزع والارتباك التى انتابت المجموعة التى تضمنتها الوثيقة؟ ولماذا سارعوا بالنفى والتبرؤ من الوثيقة؟ هل لأن محتوى الوثيقة تافه ومفرط فى سذاجته؟ أم لأن ما تضمنته الوثيقة عبارة عن مغالطات لا تستند إلى أى معلومات إحصائية موثقة؟ أم لأن المجموعة التى وراء الوثيقة تعرف بأنها لا تريد إلا الشو الإعلامى والظهور لفترة فى الفضائيات وإثارة الجدل بمجموعة من العبارات الإنشائية لخداع المصريين، استنادًا إلى أن لا أحد يحاسب فى مصر على طق الحنك والعبارات الإنشائية والوعود الفضفاضة وكلام الانتخابات؟!
حالة الفزع والهروب التى انتابت مجموعة جبهة التغيير ووثيقتها يبدو أن سببها الحقيقى هو الضعف الشديد فى الحشد والذى يكشف عن أن المجموعة المزمنة التى تسببت فى كل الارتباكات بل والجرائم التى شهدتها الحياة السياسية المصرية خلال السنوات السبع الماضية هى هى، وما زالت قادرة على الظهور من جديد بأقنعة جديدة، فهم الذين ظهروا ضمن لصوص الثورة بعد 25 يناير، وهم الذين ظهروا فى فيرمونت ودعوا إلى عصر الليمون وهم الذين تواروا فى 30 يونيو، ثم انقلبوا على الدولة المصرية وخيارات شعبهاـ وهم الذين وقفوا على أبواب السفارات الأجنبية ودعوا إلى فرض العقوبات على مصر مع المنظمات المشبوهة إياها، وهم أيضًا الذين بدأوا التسلل إلى مشهد الانتخابات الرئاسية المصرية بدوافع مشكوك فيها!
بدلاً من حالة الفزع التى غرق فيها رجال جبهة التغيير ووثيقتها، كان عليهم أن يتقدموا إلى المصريين بشجاعة وأمانة بوجوه جديدة تستطيع تحمل المسئولية ولم يطالها عفن السياسات القديمة ووصمة التورط مع الأجهزة الأجنبية، وبدلاً من انشغالهم بالقفز من سفينة الجبهة بسرعة وعشوائية، كان عليهم أن يتعبوا فى صياغة عناصر التغيير فى وثيقتهم وأن يبحثوا عن مصادر حقيقية تضمن تحقيق مشروعهم ويدرسوا ماذا حققت الدولة المصرية خلال السنوات الأربع الماضية وما الذى أخفقت فيه، بدلاً من محاولة خداع المصريين بكلام تافه وعبارات مطاطة وكليشيهات لم تعد تنطلى على أحد بعد أن اكتسب المصريون مناعة ضد كل أشكال القصف الذهنى والخداع من طول التعرض للشائعات والأكاذيب.
أمر آخر عجيب انقسم حوله مجموعة الجبهة والوثيقة يتعلق بالمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، هل درست الجبهة جيدا توجه المصريين نحو جماعات الإرهاب التى ثبت تورطها فى العمل مع دول معادية ضد الدولة المصرية ومصالحها؟ هل تتحمل جبهة التغيير ورجالها دماء مئات الشهداء المصريين الذين لقوا ربهم وهم يدافعون عن بلدهم وعن أمن وسلامة المصريين؟ ماذا ستقولون للشعب المصرى؟ ماذا ستقولون لأبناء الشهداء وأمهاتهم وزوجاتهم؟ سنضع أيدينا فى أيدى القتلة؟ سنسامح الإرهابيين الذين قتلوا وأحرقوا ودمروا وفجروا ولم يتركوا وراءهم إلا اليتم والثكل والخراب؟
أنا ومعى كثيرون ممن تفاعلوا مع تقرير "اليوم السابع" حول الوثيقة نشفق على ممدوح حمزة والذين معه فى تلك الجبهة الوهمية المتهافتة، كما نحزن على مستوى المعارضة وتخاذلها وجبنها وعجزها عن الدفاع عما تعتقده أو تريده، لأنها فى الأغلب لا تعمل لوجه الله أو من أجل المصريين، ولا تراهن عليهم بل تسعى وراء مكاسب تافهة أو تنفذ إملاءات لمن يقفون وراء الستار.
كنا نأمل ونتمنى أن نرى مشروعا سياسيا واعدا يضفى الحيوية على الحياة السياسية المصرية وأن يتضمن عناصر تنموية ونهضوية حقيقية، تشمل الصحة والتعليم والإسكان والسياسة الخارجية ومواجهة الإرهاب والاستثمار ومواجهة العشوائيات وكذا بناء تصور لمصر الجديدة فى العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين يليق بها وبشعبها بدلا من النبش فى الأرشيف واستحضار مجموعة الوجوه العكرة التى وضع عليها المصريون علامة X كبيرة !