أكثر من نصف عام مضى على مجموعة من الإجراءات الاقتصادية اتخذتها الحكومة المصرية فيما عرف بالإصلاح الاقتصادى، بدأت الإجراءات الإصلاحية بتحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، مما تسبب فى ارتفاع كبير بالأسعار أدى إلى ارتفاع معدل التضخم لمستويات غير مسبوقة، فوصلت نسبة التضخم السنوى الأساسى لـ35.26% يوليو الماضى ومسجلا بذلك أعلى مستوى منذ بدأ البنك المركزى المصرى بتسجيل بيانات التضخم فى 2005.
هذا المعدل انخفض أمس ليسجل المعدل السنوى للتضخم العام 31.92% فى أغسطس الماضى، وطرح هذا الانخفاض تساؤلا حول استمراره الفترة القادمة من عدمه خاصة مع وجود تغيرات اقتصادية تحدث يوميا.
رانيا يعقوب خبيرة أسواق المال قالت فى تصريحات لـ"اليوم السابع": كانت هناك تحديات أمام خطة الإصلاح الاقتصادى وتوقعات بارتفاع التضخم منذ بدء تحرير سعر الصرف نظرا لما حدث من تحرير سعر الصرف، بالإضافة إلى قرار رفع الدعم عن المنتجات البترولية والطاقة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة".
وأضافت خبيرة أسواق المال أن الدولة اتخذت عددا من الإجراءات للحد من كباح التضخم ومساعدة القطاع الخاص فى حل مشاكله والدفع بعجلة الإنتاج مرة اخرى، ورفع معدلات التصدير للخارج ما كان له آثار إيجابية فى انخفاض معدل التضخم.
وتوقعت رانيا يعقوب انخفاض التضخم بصورة تدريجية قرب نهاية العام وسيتبع ذلك إجراءات مثل بدء تخفيض معدلات الفائدة، موضحة أن ذلك سيكون له أثرًا إيجابيًا على مناخ الاستثمار ما يعزز من عودة المستثمرين للقطاع الصناعى فى ظل انخفاض تجربة الإقراض من البنوك الذى سينعكس بدوره على مستويات الأسعار والتى ستشهد انخفاضا واستقرارا فى الفترة القادمة.
من جانبه قال الدكتور مدحت نافع خبير اقتصادى وأستاذ التمويل والاستثمار إنه من الصعب قراءة الانخفاض فى معدل التضخم، كرقم مجرد دون أن تصحبه دراسة لواقع الاستهلاك الحقيقى للمواطنين.
وأضاف "نافع" أن التراجع فى استهلاك بعض السلع بسبب التضخم لم يشمل فقط الابتعاد عن الترف والبذخ، ولكنه امتد إلى بعض الأساسيات التى أصبح المواطن غير قادرا على الإيفاء بها.
واستطرد نافع فى تصريحات لـ"اليوم السابع": من الممكن أن يؤدى هذا النمط من الاستهلاك إلى كساد أو ركود تضخمى يصاحبه ارتفاع فى معدلات التضخم.
وأكد الخبير الاقتصادى أن الأرقام السابقة من الممكن أن تؤدى إلى نتيجة عكسية إذا اقتصرت على وفرة سلعية وإقبال متوسط على الشراء، لذا فلابد من جمع البيانات وقراءتها على شكل أكبر وبصورة اكثر تحليلا ما يساعد على تحديد اتجاهات الاستهلاك.
ولفت نافع إلى ضرورة إجراء دراسة جيدة للسوق للتعرف على التأثيرات الحقيقية التى تحكم الاستيراد والتصدير،إضافة إلى ضرورة قراءة معدلات التضخم على فترات أطول، خاصة مع تغير النمط الإستهلاكى من تراجع استهلاك سلع أساسية مثل اللحوم التى باتت ترفيهية للبعض مما يؤثر على الصحة العامة والتغذية، لذا فلابد من رؤية المشهد كاملا من خلال الناتج المحلى وفائض الطلب.
وأشار "نافع" إلى أهمية دراسة بيانات الجهاز المركزى للإحصاء التى ستصدر الفترة المقبلة والخاصة بتعداد السكان، ووضعها فى دراسة متأنية مع معدلات التضخم مما يسهم فى قراءة الأرقام بشكل أوضح والتنبؤ بالمستقبل.
يذكر أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والبنك المركزى قدما أرقامًا عن معدل التضخم منذ بدء تحرير سعر الصرف، ووفقا للبنك المركزى المصرى وصل معدل التضخم مع بداية تحرير سعر الصرف وقتها لقرابة 19.43% فى نوفمبر العام الماضى.
أما معدل التضخم الأساسى الشهرى فتراجع ليصل إلى 0.31% فى أغسطس الماضى، مقابل 2.76% فى يوليو وفقا للبنك المركزى المصرى، ووصل وفقا للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لـ31% منتصف العام الجارى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة