"الضنا غالى" نسمع تلك الجملة على مدار حياتنا ولم ندرك معناها الحقيقى إلا عندما نصبح آباء وأبناء، إلا أن أبطال الجرائم التالية لم يشعروا بهذه المشاعر ولو لحظة واحدة، بعد أن تجردوا من مشاعرهم وبكل قسوة قتلوا ابنائهم بأيديهم، دون الشعور بأى ذنب أو تأنيب ضمير، وتنوعت وسائل الآباء للتخلص من أبنائهم بين الضرب المبرح والتعذيب حتى الموت ، ويبقى السؤال: ما الذى يدفع شخص للتخلص من فلذة كبده؟.
الضرب المبرح وسيلة أم "ملك" للتخلص من "شقاوتها" فى المرج
احتلت القاهرة ودمياط أكثر المحافظات التى شهدت نوعية تلك الجرائم، ففى القاهرة وتحديدا بمنطقة المرج، كانت "ملك" تسعى للفرار من والداتها التى اعتادت على تعذيبها من حين لآخر، ليس لسبب واضح سوى أنها كانت ترغب البقاء مع جدتها التى اعتنت بها منذ ولادتها، وكانت ملاذها الوحيد من بطش أمها الدائم عليها.
لم تتحمل الأم المتهمة بكاء طفلتها المستمرة ومقولتها الدائمة "أنا مبحبكيش"، وليلة وقوع الحادث أقدمت عليها وضربتها ضرب مبرح، وألقت بها بقوة على الأرض، فسقطت الفتاة ولم تطلق صوت من بعدها.
"
لارا" تدفع ضريبة خيانة أمها لوالدها لشكه فى نسبهاوفى المرج أيضا، وفى منطقة مؤسسة الزكاة، كانت "لارا" هى الضريبة التى دفعتها بالنيابة عن أمها، التى كان شغلها الشاغل محادثة الغرباء عبر الهاتف و"الواتس اب"، ووبعد أن سيطر الشك على والدها "نور الدين" بأن زوجته خائنة تشاجر معها مشاجرة عنيفة، ولم يجد سوى "لارا" للانتقام من زوجته، والقى بها من الطابق الثالث.
وأمرت نيابة المرج الجزئية، بإخلاء سبيله بعدما أكد عدد من أسرة المجنى عليها أنها سقطت من شرفة المنزل، دون قصد.
"
العض والمروحة" وسائل والد عبد الرحمن للتخلص منه فى منشأة ناصرأما "عبد الرحمن" هذا الرضيع الذى لا يتجاوز 4 أشهر من عمره، فلجأ والده إلى أساليب جديدة فى التعذيب ومنها "العض" وحرصه على تعليقه بمروحة السقف، فكانت هذه الفقرة تتكرر يوميا، لم يكتف بتعذيب زوجتها بل كان لرضيعه نصيبا من السلخانة التى أقامها فى منزله.
تبين من معاينة نيابة منشأة ناصر الجزئية، أن الطفل عليه أثار تعذيب فى كافة أنحاء جسده للعض فى أنحاء جسده، وأثار للكدمات على الوجه والظهر وتورم فى الوجه وأسفل العينين، ولفظ أنفاسه الأخيرة لعدم قدرته على تحمل هذا التعذيب، ومن جانبها أمرت النيابة بحبس الأب على ذمة التحقيقات.
"
الجازولين" سبيل أب للتخلص من زوجته وبناته الأربع فى دمياطو فى دمياط، فكانت مادة "الجازولين" هى سبيل أب للتخلص من زوجته وبناته الأربعة، ويشاء القدر أن تنجو الابنة الكبرى من الحادث، حيث كشفت التحريات أن المتهم اسكب مادة مشتعلة على زوجته وبناته بهدف إحراقهم وأغلق الباب وأسرع خارج المنزل، وعندما سمع الجيران الانفجار وأصوات الاستغاثة من المجنى عليهن فروا تجاه الشقة ووجدوا الزوج خارجها، وعندما حاولوا إنقاذ المجنى عليهن منعهم المتهم من الدخول.
وخلال تحقيقات النيابة العامة أنكر المتهم الواقعة وتظاهر بإصابته بمرض نفسى، إلا أن مكالمة هاتفية ثبتت تورطه بالواقعة، فضلا عن تقرير الطب الشرعى الذى اثبت وجود شبهة جنائية بالحادث، وأمرت النيابة بحبس المتهم على ذمة القضية ومازالت الابنة الكبرى تتلقى العلاج بالمستشفى.
الخنق حتى الموت عقاب "رنا" من والداتها
وكان عقاب "رنا" الخنق من قبل أمها، السيدة المسنة التى فى العقد الرابع من عمرها، برأس البر بمحافظة دمياط، وذلك بعد شكها فى سلوكياتها وكثرة الخروج مع زملائها بدون علمها.
وفى ليلة الحادث، نشبت مشاجرة بين المتهمة وابنتها، لإصرار الأخيرة على الخروج برفقة إحدى أصدقائها، فقامت الأم بخنقها بيدها حتى لفظت الفتاة انفاسها الأخيرة.
المبيد السام كتب نهاية شادية على يد والدها بالقليوبية
وفى الخانكة كان "المبيد الزراعى السام" وسيلة والد " شادية" للتخلص منها، وذلك بعد شكه فى سلوكياتها، فلم يجد سبيلا سوى وضع المبيد السام لابنته داخل وجبة الغداء، وبعد أن تأكد أنها لفظت أنفاسها الأخيرة، ذكر أمام النيابة أنها توفيت نتيجة استنشاقها المبيد السام خلال رش الأرض الزراعية الخاصة به، إلا أن تقرير الطب الشرعى ثبت أن الوفاة توجد بها شبهة جنائية، مما اجبر المتهم على الاعتراف بجريمته كاملة.
والد "منى" يضحى بها من أجل الاستيلاء على مقبرة أثرية
واختلفت نهاية "منى" التى لم تتجاوز 14 عاما من عمرها، حيث فضل والدها على أن يضحى بها من أجل فتح إحدى المقابر الأثرية، التى اقنعه الدجالين بتواجدها داخل منزله، فلم تشفع له براءتها فاستغل نومها وانقض عليها وخنقها مستخدما"إيشارب"، حتى توفيت بالحال.
ودلت التحريات، أن المجنى عليها كانت تناولت السحور استعدادا للصيام يوم الخميس، وفى الصباح فوجئت جدة المجنى عليها، بها جثة هامدة وحول عنقها "إيشارب"، فأسرعت والداتها وحررت بلاغ ضد زوجها لاتهامه بقتل ابنتها الكبرى.
ماذا يقول القانون فى جرائم قتل الاباء للأبناء؟
وأكد ميشيل إبراهيم، القانونى والحاصل على ماجستير فى القانون، على أن وقائع القتل تصنف على 3 أشكال، الأول هو القتل العمد ولابد أن يتوافر بها القصد الجنائى ونية القاتل على ارتكاب جريمته وتصل العقوبة إلى المؤبد، وتصل إلى الإعدام شنقا حال اقترانها مع جريمة أخرى مثل الاغتصاب أو السرقة، والنوع الثانى يصنف ضرب أفضى إلى موت وهنا لم تتوافر نية القتل لدى القاتل وتتراوح مدة العقوبة بين 5 و7 سنوات، والخير هو القتل الخطأ وتنعدم به نية القتل تماما وتصنف كجنحة ولا تتجاوز العقوبة بها الحبس 3 سنوات.
وفسر "ميشيل"، لـ"اليوم السابع" تقرير الطب الشرعى هو أحد الأدلة التى توضح إذا ما كانت الجريمة تمت بنية القتل العمد أم لا، ومن ثم يتم تطبيق العقوبة على الآباء وفقا لتوصيف الجريمة من قبل القاضى.
رئيس محكمة: لا يوجد نص قانون يحرم إعدام الأب وللقاضى نظرته التقديرية وفقا لظروف القضية
ومن جانبه أكد المستشار خالد الشباسى ، رئيس محكمة جنايات الجيزة، على أن المواد القانونية لم تتعلق بذمة أشخاص، بمعنى أنه لا صلة لكون الجريمة وقعت من أب على أبنائه أو العكس، ولكن المحكمة تصدر الحكم القضائى وفقا للسلطة التقديرية التى قد تكون مخففة وفقا لاعتبارات أسرية تراعيها المحكمة، عملا بالمادة 17 من قانون العقوبات، والتى تتعلق بالموائمة بين الجرم والعقاب.
وأشار رئيس محكمة جنايات الجيزة، لـ"اليوم السابع": "لا يوجد نص قانونى يحرم إعدام الأب لابنه، فهناك قاعدة موحدة للقتل ويختلف الحكم على الجانى وفقا لظروف قضية لأخرى"، لافتًا أن المشرع نص فى قانون الطفل مادة 126 لسنة 2008، على تغليظ العقوبة لولى الأمر الذى يسهم فى انحراف الطفل.