سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 16سبتمبر 1978.. «كامل» يتقدم باستقالته كوزير للخارجية قبل ساعات من كامب ديفيد والسادات يطالبه بأن تبقى سرا

السبت، 16 سبتمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 16سبتمبر 1978.. «كامل» يتقدم باستقالته كوزير للخارجية قبل ساعات من كامب ديفيد والسادات يطالبه بأن تبقى سرا السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان محمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية، فى غرفته بمنتجع كامب ديفيد بأمريكا، عندما دخل إليه السفيران أحمد ماهر وأحمد أبوالغيط «وزيرا الخارجية فيما بعد» صباح 16 سبتمبر «مثل هذا اليوم» من عام 1978، ليصطحباه إلى الإفطار فى المطعم، وحسب مذكرات كامل «السلام الضائع» الصادر عن «كتاب الأهالى- القاهرة»: «قلت لهما إنه لا رغبة لى فى الطعام فقد أفرطت فى التدخين طوال الليل، فانصرفا وبعد برهة عاد أبوالغيط يحمل صينية عليها سندوتشان من الجبن وكوب شاى وبرتقالة وأصبع موز، فشكرته، لكنه ظل واقفا لا يتكلم، فقلت له: ما بالك؟ فقال: لا تؤاخذنى يا محمد بك، فأنت رئيسى ووزيرى وأنا بعد شاب صغير، ولكنى أشعر وأحس تماما بما يعتمل فى نفسك، وإذا أذنت لى فإنى أريد أن أقول: «لا تعذب نفسك ودع القلق، والجميع يعلم ويقدر إخلاصك، وكل ما فعلته ولن يستطيع أحد أن يلومك على شىء»، وقلت: «شكرا يا أحمد لا تقلق بشأنى وأنا أعلم ما سأفعله، اذهب وأكمل إفطارك، وتركته وذهبت إلى الحمام لأغسل وجهى».
 
هكذا يروى «كامل» مقدمات حالته قبل خطوته التى ينتوى عليها، ويضيف: «فى الساعة الحادية عشرة ذهبت إلى استراحة الرئيس السادات، وكان جالسا فى التراس ومعه الدكتور بطرس غالى والدكتور أشرف غربال، وجلست معهم نتبادل أحاديث خفيفة إلا أن بقاءهما طال، وكنت أتوق إلى انصرافهما حتى أتكلم مع الرئيس على انفراد، وأخيرا دخلت إلى صالون السادات الذى ينفتح على التراس، وأصبح ظهره لى فلوحت لأشرف بيدى بإشارة كى يأخذ بطرس وينصرفا ثم عدت وجلست، وبعدها بدقائق استأذن أشرف من الرئيس وصحب بطرس ومضيا».
 
يواصل كامل: «حملت مقعدى بالقرب من السادات» وقلت فى هدوء: «أرغب فى أن أتحدث إليك لا بوصفى وزيرا للخارجية يتحدث إلى رئيس الجمهورية، ولكن بوصفى صديقا وأخا أصغر لك، أكلنا معا العيش والملح فى السجن منذ ثلاثة وثلاثين عاما «قضية اغتيال أمين عثمان 5 يناير 1946»، وأنت تعلم مدى إخلاصى لك وللحق، وأنا حريص على ألا تقدم على شىء تندم عليه فيما بعد»، رد السادات بصوت هادئ: «وهل بينى وبينك حجاب يا محمد؟ قل ما تريد ولا تتردد»، فقال محمد: «اطلعت على المشروع الذى قدمه لك أمس الرئيس كارتر «رئيس أمريكا» بإطار السلام، ووجدته بعيدا كل البعد عن تحقيق السلام الشامل، الذى نستهدفه وحددت معالمه بحق ووضوح فى خطابك أمام الكنيست الإسرائيلى عند زيارتك للقدس «19 نوفمبر 1977»، فالمشروع رسم الطريق إلى سلام كامل بين مصر وإسرائيل، ولا يضمن التزامن بين حل مشكلة سيناء وحل المشكلة الفلسطينية وهى الأصل، وستكون النتيجة أن ينتهى الأمر إلى معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، بينما تبقى الضفة الغربية وغزة تحت قبضة إسرائيل تنفذ فيها تخطيطها لضم هذه الأراضى فى النهاية».
 
استطرد كامل فى شرحه لما يراه، وكان السادات يرد عليه أولا بأول كرده: «إنك لا تعلم شيئا عن العرب، اسألنى أنا، إنهم لو تركوا وشأنهم فلن يحلوا أو يربطوا، وسيظل الاحتلال الإسرائيلى قائما إلى أن ينتهى إلى التهام الأراضى العربية المحتلة، دون أن يحرك العرب ساكنا غير الجعجعة وإطلاق الشعارات الفارغة، كما فعلوا منذ البداية ولن يجتمعوا على حل أبدا».
 
اقترح كامل على السادات أن يعيد النظر، وقال له: «لنعد إلى مصر، وتجرى مشاورات مع الدول العربية لنرى ماذا تكون خطوتنا التالية، فرد السادات: «لا، أنا أعلم ما أفعله، وسأمضى فى مبادرتى إلى النهاية»، فرد كامل: «إذن فأرجو أن تقبل استقالتى»، فرد السادات: «كنت أعلم من البداية أنك تلف وتدور لتقول هذا فى النهاية»، فرد كامل: «لقد حاولت إقناعك بما آراه وفشلت، فأنا لا أستطيع أن أوافق على شىء يبدو لى من المؤكد خطوة خطرة، وأنا لا أستطيع أن أغشك وأغش نفسى وضميرى، فإنه كامن داخلى يعيش معى ليل نهار، فقال السادات: إذا كان هذا يريحك فإنى أقبل استقالتك، وكل ما أطلبه منك أن تدعها بيننا فى الوقت الحالى، ولا تخبر أحدا بأمرها حتى نعود إلى مصر».
وافق كامل، وغادر، وعندما أوى إلى فراشه مساء فى غرفة نومه مع بطرس غالى، سأله غالى: «حالتك غير طبيعية هذا المساء، تبدو هادئا سعيدا، فماذا جرى بينك وبين الرئيس، فرد كامل: «هذا سر بينى وبينه».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة